Friday 13 June 2025
فن وثقافة

الإعلامي أحمد فردوس يسلط الضوء على ماضي وحاضر ومستقبل التبوريدة ( الحلقة 1 )

الإعلامي أحمد فردوس يسلط الضوء على ماضي وحاضر ومستقبل التبوريدة ( الحلقة 1 ) سعيد كوبريت وضيفيه شراد وفردوس (يسارا)

تابعت جريدة "أنفاس بريس" الحوار الشيق مع ضيفي الصحفي سعيد كوبريت في برنامجه الثقافي "بصيغة أخرى" الذي يبث من إذاعة طنجة، حيث استضاف كلا من الباحث الكاتب والمسرحي عبد الرحيم شراد، إلى جانب الإعلامي الزميل أحمد فردوس المهتم بالموروث الثقافي الشعبي، وتراث التّْبَوْرِيدَةْ، من أجل تسليط الضوء على تراث فن ورياضة الفروسية التقليدية كرافد حضاري مغربي أصيل ومكون هوياتي ثقافي، وتعبير تراثي بطقوسه الفنية والحماسية والمجتمعية والاحتفالية.

في هذا السياق أوضح معد ومقدم برنامج "بصيغة أخرى" الذي بثته إذاعة طنجة ليلة 4 الأربعاء يونيو 2025، من خلال ورقته التقديمية، بأن ثقافة وفن ورياضة التبوريدة، تعد منبع إلهام لمواضيع فنية متنوعة، حيث استقى من هذا التراث المبدع والفنان المغربي أشعار أغانيه الجميلة. وأضاف موضحا بقوله: أن التّْبَوْرِيدَةْ تحاكي الهجمات العسكرية في سالف الوقت، وتختلف صيغتها وأساليبها، بتعدد طرقها ومدارسها وبمختلف روافدها وخصوصيتها من مجال جغرافي لآخر.

وشددّ الزميل سعيد كوبريت على أن التّْبَوْرِيدَةْ، قد أضحت نوعا رياضيا، من خلال التباري والمنافسات التي تقام لهذا التراث اللامادي الأصيل بحضور الفارس والفرس، مؤكدا على أن من علامات تميز تراث الفروسية التقليدية، يتجلى توصيف صفات الخيل وأنواعها وسلالتها من أجل الإعتناء بذاكرتها الجماعية. حيث يرى نفس المتحدث بأن التبوريدة لم تعد فقط فن لِـ الّلعب، والإنتشاء بعد أن أحدثت لها بطولة وكأس وطنية، فضلا عن تعدد مهرجاناتها الخاصة والقائمة الذات، إلى جانب تعدّد محطات المواسم الصيفية، في إشارة إلى مؤسسة الْمَوْسِمْ ذات الصلة بعالمنا القروي بحمولته الأنثروبولوجية/ الأسطورية الشعبية.

وأورد صاحب برنامج "بصيغة أخرى" بأن السنوات الأخيرة عرفت فيها التبوريدة إنتعاشة قوية وارتقت سواء بالفارس أو الفرس من أجل دخول غمار منافسات كبيرة، والدليل في ذلك ما عاشته وتعيشه بلادنا مؤخرا، من بطولة وطنية بدار السلام ثم الإستعداد لمحطة معرض الفرس للجديدة، بعد إقصائيات إقليمية وجهوية وبين الجهات بين مختلف سربات الخيل على الصعيد الوطني، إلى جانب انطلاق العديد من مهرجانات التبوريدة في فصل الصيف.

 

إليكم الحلقة الأولى من حوار برنامج بصيغة أخرى مع أحمد فردوس:

 

 هل يمكن أن نقول بأن الفروسية التقليدية أو التبوريدة ارتقت كممارسة للفرح والبهجة والاستعراض وأيضا لاستحضار الزمن الذي ولّى، إلى فرصة للتباري الرياضي والرمزية الحضارية والثقافية المغربية؟

بداية، لابد من التأكيد على أننا اليوم نعيش لحظة من الألق والفرح بكل التوصيفات، بعد اختتام أيام فعاليات البطولة الوطنية لجائزة الراحل الحسن الثاني للتبوريدة بدار السلام في دورتها 24 برسم سنة 2025. ويمكن أن نطرح سؤال لماذا نعيش الألق والفرح؟

الجواب يفرض علينا الرجوع بعقارب الزمن إلى الوراء وتحديدا عشرة سنوات خلت، ومقارنتها مع واقع اليوم، حيث سنخلص إلى أن أغلب مطالب المراقبين والمهتمين والباحثين والممارسين من الفرسان، إلى جانب شيوخ التبوريدة الرواد، دون الحديث عن عشاق هذا التراث الأصيل ـ نجد أن أغلب ـ المطالب التي ترافعنا عليها قد بدأت تتحقق بنسبة كبيرة على أرض الواقع على جميع المستويات.

أولا: نعيش الألق والفرح بعد أن تحقق مطلب تنقية خيل التبوريدة من الشوائب ذات الصلة بالاختلالات على مستوى سلالة الخيول العربية البربرية والبربرية، حيث شاهدنا مباشرة وفي وسط المضمار بدار السلام خلال البطولة الوطنية للتبوريدة، وقبل ذلك بـ "مَحْرَكْ" شاطئ بوزنيقة و "مَحْرَكْ" جهة الجنوب، خلال إقصائيات بين الجهات، ـ شاهدنا ـ خيولا وأفراسا بصفات ومواصفات نقية وأصيلة، وفق الإجراءات والضوابط القانونية المسطرة لتحقيق هذا الهدف. تحقق ذلك بعد جهد كبير وعمل جبار يحسب للجامعة الملكية المغربية للفروسية والشركة الملكية لتشجيع الفرس ثم الحارسات الجهوية والوطنية، حيث تم إقصاء وإبعاد العديد من الخيول "المشبوهة" على مستوى السلالة المغربية الأصيلة بعد تطبيق إجراء فحوصات وتحليلات الحمض النووي "DNA ".

ثانيا: نعيش الألق والفرح اليوم، بعد أن تم رد الإعتبار لمنتوجات الصناعة التقليدية وللصانع والحرفي المغربي الذي يسهر على جودة مستلزمات الفارس والفرس، علما أنه تم توقيع شراكة بين الجامعة الملكية المغربية للفروسية وكتابة الدولة للصناعة التقليدية، من أجل تثمين وتحصين ودعم كل ما يتعلق بمنتوجات ومستلزمات فن ورياضة التبوريدة. وشخصيا اعتبر هذا الحدث مكسبا مهما لتراثنا اللامادي ولكل مكوناته.

في نفس السياق شاهدنا وسجلنا خلال البطولة الوطنية للتبوريدة، كيف تم إعطاء أهمية كبرى للزي واللباس التقليدي للفارس وقائد كتيبة الفرسان، وكيف ساهم هذا الإجراء في تعزيز جودة خصوصيات مجالات جغرافية ومدارس وطرق التبوريدة ببلادنا، حيث ساهمت لجن التحكيم والمراقبة في هذا الجانب الأساسي الذي يروم المحافظة على أصالة وعراقة تراث فن ورياضة التبوريدة، في علاقة طبعا بكل المناطق التي قَدِمَتْ منها كتائب فرسان الخيل والبارود للتباري والمنافسة، من خلال عرض مهاراتها ومنتوجاتها التقليدية في أبهى حلة، أمام الضيوف والجمهور والحكام والمراقبين والمهتمين.

ثالثا: نعيش أيضا الألق والفرح، لأننا لم نلاحظ استعمال "لَعْظَمْ لَعْمِيرِي" المشوّه، والذي كان يتسبب في سقوط الفرسان من أعلى صهوات الخيول، وكان سببا في الكثير من الحوادث الخطيرة، حيث استبدل بـ "لَعْظَمْ الْمَرَّاكْشِي الْبَلْدِي" الأصيل، مما أضفى على "السَّرْجْ" خصوصية الأمن والأمان، ورأينا جمالية ألوان زاهية تخص "الَّلبْدَاتْ" و "التَّرْشِيحْ"، ثم سجلنا تغيير إيجابي في أنواع نعال "التّْمَا"، ثم كيفية تثبيت "الرْكَابَاتْ" لضمان توازن الفارس على صهوة الحصان، دون الحديث عن استعمال حقائب "دَلِيلْ الْخَيْرَاتْ" و "الْخَنَاجِرْ" و "السِّكِّينْ" وصولا إلى جودة أنواع "مْكَاحَلْ الْبَارُودْ" المنقوشة والمرصعة بخواتم معدن النقرة، حيث تحقق الجمال والبهاء في أرقى تجلياته التراثية.

رابعا: أيضا نعيش اليوم الألق والفرح، بعدما تحقق مطلب إلزامية أن تقدم كل سَرْبَةْ ما يميزها عن باقي سَرْبَاتْ الْخَيْلْ فُرْجَوِيّا، على مستوى خصوصية طرق ومدارس التبوريدة، وارتباطها بجغرافيا المناطق وخصوصيتها سواء على مستوى اللباس التقليدي و "سْنَاحْ الْعَوْدْ"، أو على مستوى نخوة وطريقة اصطفاف الخيول والفرسان، إلى جانب تقنيات اللعب بـ "مْكَاحَلْ الْبَارُودْ"، مما ميز نسخة الدورة 24 للبطولة الوطنية للتبوريدة بدار السلام.

خامسا: رأينا الحضور الجماهيري الغفير، الذي أعطى نكهة خاصة للفرجة ولعروض التبوريدة في حضرة نخبة النّخبة من كتائب فرسان بارود الفرح، طيلة أيام البطولة الوطنية، حيث تفاعل وساند ودعم عشاق الفروسية التقليدية كل عَلَّامَةْ السَّرْبَاتْ وفرسانهم وخيولهم، بالزغاريد والتصفيق والتهليل والتكبير، إلى حدود ساعة إعلان النتائج وتتويج أبطال التبوريدة حيث فاز البطل لَمْقَدَّمْ رشيد سيكاس ممثل الطريقة الخياطية عن جهة الدار البيضاء سطات بالميدالية الذهبية للمرة الثانية على التوالي، في حين كانت الفضية من نصيب لَمْقَدَّمْ المهدي أنجار ممثل الطريقة الناصرية عن جهة مراكش أسفي، وحصل ممثل الطريقة الكتافية عن جهة الشرق لَمْقَدَّمْ الحسناوي دحمان بالميدالية النحاسية.

 

 أنا لا أخفيك الزميل أحمد فردوس، أن موضوعك في جريدة "أنفاس بريس" كان مبعثا وحافزا لتقديم هذه الحلقة من برنامج "بصيغة أخرى"، بحكم أنك ترافعت من خلاله عن هذا الرافد التراثي الثقافي الحضاري المغربي، لكن الإٍرتقاء اليوم بالخطاب من أجل دفتر تحملات خاص بممارس ومزاولة هذه الرياضة وهذا الطقس الثقافي الشعبي الحضاري؟

يمكن القول اليوم أن دفتر تحملات ممارسة تراث فن ورياضة التبوريدة موجود ويضم مجموعة من الإجراءات والمساطر والضوابط التي وضعتها وأقرتها الجهات المعنية، علما أننا دخلنا لمرحلة التنفيذ والأجرأة في سياق تنفيذ رؤية 2030، سواء على مستوى البنية التحتية الإستقبالية المتعلق باحتضان عروض التبوريدة بجميع جهات المملكة المغربية.

 

 ما المقصود بالنية التحية؟

يمكن أن استشهد واستحضر هنا النموذج الأرقى والأجود لاحتضان عروض التبوريدة والذي يجب أن يعمّم على كل جهات المملكة، ويتعلق الأمر بفضاء دار السلام بمدينة الرباط، ونموذج معرض الفرس بمدينة الجديدة، حيث نجد الهندسة والمعمار الجميل، وتعدد المرافق المتنوعة، ـ اقتصادية واجتماعية وثقافية وفنية وبيئية ـ حيث نقف على هندسة محرك الخيل والبارود بالشكل المطلوب، إلى جانب المدرجات والكراسي التي تضمن كرامة الجمهور الذي يحج بكثافة للتشجيع والمتعة والاستمتاع، وهذا المطلب تمت المصادقة عليه أيضا ضمن مجموعة من الإجراءات الواردة في دفتر التحملات "رؤية 2030" من طرف الجامعة الملكية المغربية للفروسية وشركائها، وتم عرض التصاميم النموذجية بمعرض الفرس في السنة الماضية.         يتبع