Saturday 31 May 2025
كتاب الرأي

بشري اكدر: قراءة حول مستجدات جماعة تويزكي بإقليم أسا الزاك...

بشري اكدر: قراءة حول مستجدات جماعة تويزكي بإقليم أسا الزاك... بشري اكدر

استهلال:

في أول أيام شهر ذي الحجة الحرام بالمغرب، وهو من الأشهر الحرم التي كانت فيها الحرب تضع أوزارها عند العرب قديما زمن الجاهلية، ولما جاء الإسلام خصها بوصف الأشهر الحرم حسب منطوق القرآن الكريم في قوله تعالى "إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والارض، منها أربعة حرم، ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن انفسكم".

ففي هذا اليوم، شهدت جماعة تويزكي الترابية تحت إشراف السلطة المحلية، جلسة انتخاب رئيس جديد لمجلس الجماعة خلفا للرئيس السابق، وإعادة توزيع المناصب بين أعضائها ضمن تشكيلة جديدة للمكتب.

فما هو سياق الحدث؟ وما هي طبيعة التحالفات التي ظهرت في التشكيلة الجديدة؟ وما هي الخلاصات والرسائل المستوحاة من هذا الحدث؟

1-السياق:

ونميز ضمنه بين مستويات ثلاث:

  • السياق السياسي:

حيث يأتي انتخاب رئيس جديد لجماعة تويزكي، بعد مرور أقل من أسبوع على لقاء منتخبي إقليم أسا الزاك، وهو اللقاء الذي تم فيه التوافق على اختيار رئيس جديد لمجلس جماعة تويزكي الترابية، بتوافق بين مكونات المجلس وبدون معارضة، كما أشرنا له في مقال سابق.

وكان من مخرجات اللقاء السابق لمنتخبي الإقليم، الذي قلنا عنه إنه بعث رسائل عديدة ظاهرة وخفية، حول ترتيب المشهد السياسي بجماعة تويزكي من جديد، والإعلان عن ميلاد توجه جديد يوحي ببدء رسم مخطط التحالفات الحزبية في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.

وهنا تكمن أهمية جماعة تويزكي، التي رغم أن ميزانيتها صغيرة، لكن قواعدها كبيرة ولوائحها الانتخابية مليئة بالعنصر البشري المسجل بها، حيث يأتي انتخاب رئيس جديد لجماعة تويزكي قبل نحو عام من الانتخابات التشريعية المقبلة لمجلس النواب في العام 2026.

والجميع يدرك أهمية جماعة تويزكي، وثقلها الانتخابي بمحاضر نتائج الانتخابات التشريعية بالإقليم.

  • السياق الإداري:

تنفيذا لمقتضيات القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، وتفعيلا للقرار العاملي في الموضوع، والمتعلق بالإعلان عن شغور منصب رئيس مجلس جماعة تويزكي الترابية. وفي جلسة خاصة بمقر جماعة تويزكي الترابية بإقليم أسا الزاك، تم يومه الخميس 29 ماي 2025 انتخاب رئيس جديد لجماعة تويزكي، في أول أيام شهر ذي الحجة الحرام -كما أشرنا- وهو شهر الركن الأعظم من أركان الإسلام وهو الحج، فهل نحن أمام "حج سياسي" مبكر وربما قبل الأوان لسياسيي الإقليم صوب جماعة تويزكي؟

وهو شهر فيه العشر المباركات/عشر ذي الحجة وفيها يوم الوقوف بعرفة، ويوم عيد الأضحى الذي يحيل على معاني الذبح والتضحية وغيرها، وهي معان دينية وإنسانية حبلى بالإشارات لا شك أنها حاضرة، وإن بشكل رمزي في السياق السياسي المحلي...

ج- السياق القضائي:

يأتي هذا الانتخاب لرئيس جديد لجماعة تويزكي الترابية، بعيد تأجيل جلسة المحكمة للنظر في الملف موضوع التقاضي بين بعض المنتخبين بالإقليم في علاقة بجماعة تويزكي الترابية.

حيث تم تأجيلها إلى أواخر شهر يونيو المقبل، مما يعني أن ترتيب الوضع الجديد بجماعة تويزكي، أقيم على أرضية "هشة" وغير صلبة وغير مستقرة حتى الآن، مما ينذر بالرجوع للمربع الأول في حال لم يحسم النزاع القضائي بالتي هي أحسن، حتى يستقر أمر هذا الجماعة الترابية التي أنهكتها عوادي الزمن بفعل عدم استقرار الرؤساء بين منتخب ومعزول، فهذه هي المرة الثانية التي يتناوب على رئاستها رئيسان في نفس الولاية الانتدابية.

2- خريطة التحالفات:

توجت عملية انتخاب رئيس المجلس الجماعي لجماعة تويزكي بانتخاب رئيس جديد منتم لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، كما أفرزت خريطة التحالفات تشكيل مكتب جديد لجماعة تويزكي يحمل ثلاثة ألوان سياسية، متفاوتة من حيث عدد المقاعد.

ففيما يتعلق بالرئيس ونوابه؛ عادت النيابات الأربع لرئيس المجلس لأحزاب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بواقع مقعد واحد تمثل في النائب الأول للرئيس، والتجمع الوطني للأحرار بمقعدين وهما النائبين الثالث والرابع، والأصالة والمعاصرة بمقعد واحد وهو النائب الثاني.

فما هي دلالات هذه التشكيلة؟

أ-على سبيل التجريب:

لا بد من الاعتراف بأن هذه التشكيلة الجديدة، كانت ترجمة لمخرجات لقاء المنتخبين بأسا قبل نحو أسبوع، وهذا على سبيل التجريب يعتبر أول اختبار "لصدق" النوايا المعبر عنها ليلتها. وأول مؤشر على التزام الفاعلين المنتخبين بالجماعة بالاتفاق، وانضباطهم لتوجهات ومخرجات اللقاء.

وبالمحصلة تعد هذه النتيجة مؤشرا على ضبط إن لم نقل "تحكم" المنتخبين "الكبار" في قواعد اللعبة السياسية والانتخابية في الإقليم، على الأقل حتى يومنا هذا.

ب-خطوة في اتجاه البرلمان:

تقدم هذه التحالفات إشارات دالة، على أن الرئيس الجديد للجماعة بلون حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي حظي بالنيابة الأولى كذلك، سيكون رجع الصدى بالجماعة لتوجه وسياسة الاتحادي "الأول" بالإقليم، رئيس جماعة أسا ونائب الإقليم بالبرلمان، وهذا يعني أن مخطط التحضير لجني الأصوات لحزب الوردة في الانتخابات التشريعية، قد بدأ فعليا بهذا التنصيب الجديد لرئيس جماعة تويزكي الاتحادي، مما يحيل على توجه جديد لإعادة توجيه "الولاء" الانتخابي بالجماعة، تماشيا مع متغيرات "العهد" الجديد، سيما مع مراعاة العلاقة القبلية والقرابية التي تربط الرئيسين.

ج- تقسيم "الكعكة":

تشير هذه النتائج بما لا يدع مجالا للشك، إلى ظهور تقسيم واضح لمناطق "النفوذ" السياسي والانتخابي بين اللاعبين الكبار في الساحة السياسية المحلية، وهو ما يكشف من الآن عن هوية وكيل لائحة حزب الوردة في الانتخابات التشريعية المقبلة، في انتظار أن يعرف الوصيف...

3-روائز السياق المحلي:

كما يعلم الجميع، تتميز جماعة تويزكي بطبيعة خاصة على مستوى النسيج الاجتماعي المشكل للتنوع القبلي بها، ذلك أنها جماعة تستقر بها مجموعة من المكونات القبلية التي توصلت لصيغ توافق فيما بينها، مبنية على العرف الاجتماعي والقبلي في الترشح بالدوائر، وصياغة خريطة التحالفات في المكاتب المتعاقبة على تسيير الجماعة بحسابات الانتماء القبلي أكثر منه الحزبي. هذه الخصوصيات تجعل كل ما يتم الاتفاق عليه بين السياسيين، لا بد أن يخضع لروائز السياق المحلي، لاختبار نجاحه من عدمه، حتى يحظى بمباركة الشيوخ والتجمعات القبلية المشكلة للنسيج الاجتماعي بالجماعة، ولا بد أن يكون مقنعا ومتساوقا مع التصور الجمعي للسياسة وتدبير الشأن العام كما يراها المجتمع الأهلي بمنطق المحاصصة...

وهنا يمكن القول، إن حسابات التوزيع في "العهد" الجديد بجماعة تويزكي، قد لا تروق بعض مكونات النسيج الاجتماعي/القبلي بالجماعة، نتيجة للكيفية التي تم بها تقسيم النيابات بين المكونات القبلية، خاصة وأن رئاسة الجماعة قد تعاقب عليها رؤساء ينتمون لمكونات قبلية مختلفة حسب الظروف والمتغيرات.

لذلك يتعين على "صناع" القرار المحلي التدبيري للجماعات الترابية مستقبلا، مراعاة الشروط الواقعية والخصوصيات الاجتماعية والثقافية، للنسيج الاجتماعي المحلي، وعوائد القوم وطبائعهم التي تنشد الأنفة، ولا ترضى باي شيء.

خلاصة:

ومهما يكن من أمر، فانتخاب الرئيس الجديد يأتي في الثلث الأخير من عمر الولاية الانتدابية الحالية، ولا شك ان أمامه تحديات كبيرة، لعل أبرزها يكمن في "استتباب" الاستقرار السياسي بالجماعة، التي ما تلبث أن تهدأ حتى تعود أمورها للاضطراب من جديد، والأكيد أن الدعم السياسي للرئيس الجديد ومكتبه من قبل حلفائهم "الكبار"، سوف يحمل الجديد إن توفر الاستقرار.

 

                                                د. بشري اكدر، فاعل مدني ومتتبع للشأن العام