الأحد 20 إبريل 2025
كتاب الرأي

لطيفة بوبكري: المرأة الفجيجية من الظل إلى الواجهة....من هنا تبدأ الحكاية ..

لطيفة بوبكري: المرأة الفجيجية من الظل إلى الواجهة....من هنا تبدأ الحكاية .. لطيفة بوبكري
في قلب الجنوب الشرقي من المملكة العزيزة، حيث تعانق مدينة فجيج، التاريخ والكرامة، وحيث يلتقي الماضي العريق بالحاضر.
تشكل المرأة الفجيجية ركيزة أساسية في بناء المجتمع، حيث اضطلعت بدور ريادي متجذر في الهوية الثقافية والتماسك الاجتماعي للمنطقة. فمن خلال مساهمتها الفاعلة في مختلف المجالات، لا سيما في الاقتصاد التضامني والاجتماعي والتربوي والصحي، والرياضي أيضا. اولسنا نتوفر على فرق محلية متمرسة في كرة الطائرة، وكرة القدم النسوية بالبلدة؟ بلى هناك فريقان... ولا ننسى الفلاحة، والصناعة التقليدية، مثبتة بذلك جذورها في أرض الكفاح اليومي.
غير أن حضورها لم يكن حبيس المنازل و الأوراش فقط ، بل تجاوز ذلك إلى ميادين الفعل والنضال، حيث تنبض القضايا الكبرى...
فقد وقفت المرأة في صميم الأحداث والمستجدات من بينها اللحظة الأولى لإنطلاق شرارة الحراك...
فقد شهدت الوقائع بكل تفاصيلها، وواكبت كل التحولات، وكانت دائما حاضرة بقوة وفاعلية في مختلف المحطات.
ونتحدى من ينكر هذا الحضور الذي لم يكن عابرا ولا رمزيا، بل جوهريا ومحوريا.
وتبقى "مسيرة الحايك" الخالدة، تلك الصورة الرمزية الراقية، تحفة نادرة ولؤلؤة مضيئة قدمتها المرأة لتعلن للعالم أن فجيج ليست فقط أرضا للنخيل والماء، بل أيضا واحة تنبض بالوعي .
و لقد رفعت المرأة من خلالها شأن النضال في البلدة، وأعلت من قدر الواحة، مؤكدة من جديد أن حضورها في الساحة ليس مجرد دعم، بل استبسالا مستمرا وشعارات توصل الحقيقة التي لا مفر منها.

وتستمر الحكاية....
ويستمر النضال
حيث تكتب النساء فصولا جديدة من فصول المشاركة السياسية الواعية..
فقد خاضت المرأة الفجيجية منذ زمن بعيد غمار الانتخابات، في إطار نظام "الكوطا"، و تربعت في المربع الذهبي لمكاتب التسيير الجماعية، و
الغرف المهنية، وإنها اليوم أبت ايضا إلا أن تتصدر اللوائح الرئيسية بكل كفاءة واستحقاق. بل أصبحت مدركة أن هذا المسار لم يعد استثناءا بل توجها راسخا يعبر عن وعي سياسي متقدم. ففي دائرة بغداد، و للمرة الثانية على التوالي، تقدمت النساء لتمثيل الساكنة في الانتخابات الجزئية، في خطوة جريئة أصبحت مؤشرا واضحا على وعي متصاعد بدور المرأة كفاعل سياسي أساسي. وبهذا تكون قد انتقلت من موقع التابع إلى موقع الفاعل المؤثر؛ ترفع صوتها، وتطرح قضاياها، وتدافع عن انشغالات مجتمعها.
هذا التحول الذي لم يكن وليد الصدفة، بل هو نتاج مسار طويل من الوعي، والنضال، والإصرار على نيل الحق الكامل في المواطنة.
واللافت في هذه المرحلة، هو الدعم الواسع الذي تحظى به المترشحات من أخواتهن النساء، ومن رجال يؤمنون بكفاءاتهن وقدرتهن على إحداث التغيير. فدعم المرأة للمرأة لم يعد يعتبر انحيازا، بل صار تعبيرا عن إيمان عميق بأهمية التمثيل المتوازن والعدالة السياسية. كما أن دعم الرجل للمرأة، اليوم، لم يعد ينظر إليه كتفضيل، بل كاعتراف صريح بحقها في القيادة والتسيير والمشاركة في اتخاذ القرار.
ففجيج، اليوم، بدائرتها ١ بغداد الراقية، تكتب فصلا جديدا في سردية الديمقراطية المحلية، فصلا بطابع نسوي ناضج، سيمثل صوت البلدة، ويضع قضاياها في مقدمة الأولويات، ويكون جسرا يربط بين الطموح والواقع — و بطبيعة الحال،
واضعة يدها في يد شقيقها الرجل، ليس من باب التبعية، بل من منطلق الشراكة الحقيقية وهي شراكة في النضال، شراكة في المطالبة بالنهوض بالبلدة و تنميتها. فكما كانت حاضرة في الساحات النضالية ، ها هي اليوم حاضرة في ميادين الفعل السياسي، تحمل هموم الواحة، وتؤمن أن النهوض لا يكون إلا بتكامل الجهود وتوحيد الصفوف.
معا، نساءا ورجالا، نكتب مستقبل البلدة عنوانه :
"جميعا من أجل فجيج موحدة لمواجهة كل التحديات"