يبدو أننا مقبلون على الجحيم، إن لم نكن قد غرقنا فيه أصلا، يبدو أن الخلل اتسع كثيرا وامتد ليخلق فجوة كبرى في منظومتنا التعليمية التي تئن تحت وطأة مشاكل تزداد تضخما سنة بعد أخرى.
أن يصل العنف المدرسي إلى حد اقتراف جريمة قتل بشعة فهذا مؤشر على فقدان البوصلة ودخول منطقة مظلمة، تتوعدنا لياليها السود بالأسوإ إن لم تتداركنا العناية الإلهية، ولم نتدارك نحن الموقف بمقاربات مجتمعية، تعالج المشكل في عمقه، ويتحمل فيها كل طرف مسؤوليته، ويستشعر المسؤولية الملقاة على عاتقه.
أن يتطور تلقي هذا السلوك المشين إلى حد الاحتفاء بتلميذ، ارتكب جريمة عنف في حق أستاذه، ويُحْمَلَ على الأعناق، ويُهْتَفَ باسمه في جماعة سيد المختار بمديرية شيشاوة، أن يحصل كل ذلك وأكثر، فهذا يعني أننا وصلنا إلى نقطة التيه، وتشابه علينا البقر، وأصابنا عمى الألوان والمواقف، فلم نعد نميز بين الصالح والطالح، وربما تطورت إعاقتنا الإدراكية، وانتقلنا إلى قياس الأشياء بعين ترى الجميل قبيحا، والقبيح جميلا.
نتساءل بمرارة ماذا أصاب مدرستنا، وأي لعنة حلت بنا حتى جعلت تلاميذنا يباركون القُبْحَ، ويخلقون النموذج والمثال مجسَّدا في التلميذ الخارج من معطف الانضباط، ويستهينون بالمثال الحقيقي المتمثل في التلميذ المجتهد الخلوق الذي صار مثار تنمر وسخرية واستخفاف؟؟؟.
لابد من انخراط الجميع في البحث عن حل، يخلصنا من ورطة ستكون لها تبعاتها على حاضر بلدنا ومستقبله، لابد من محاربة الرداءة في مواقع التواصل الاجتماعي التي أضحى فيها بعض الفاشلين يشغلون دور الأستاذ الموجه، ويتولون مهمة التنظير وإرشاد أبنائنا بلغة سوقية غارقة في الابتذال والسماجة، تغرف من حقل قلة الذوق وخرق القانون وتجاوز الأعراف، وتحرض على العنف ضد الأستاذ والأب والأم، وتدعو لخلق نموذجٍ سمتُه الفراغ القيمي والبشاعة السلوكية.
لابد أن تتحمل الأُسَرُ مسؤوليتها، وتوجه أبناءها إلى احترام المدرسة وتقدير الأستاذ، بوصفه أبا ثانيا، وحتى لو حدثت تجاوزات من قِبَلِهِ فلتعالج بعيدا عن الابن، حتى لا يأخذ نصيبا من الشحن الذي سيجعله يستهين بأستاذه وبالمعرفة التي يقدمها، مما سيفضي به إلى تقديم فاتورة باهظة الثمن، عنوانها الهدر وتفويت الاستفادة من العمر الدراسي، واكتساب سلوكات جانحة.
لابد أن تنخرط الوزارة في حل المشكل ببرامج تربوية ترثق ما تمزق، وتعيد الأمن التربوي إلى المؤسسات التعليمية.
لابد أن تتولى وسائل إعلامنا الرسمية وغير الرسمية مهمة الانخراط الإيجابي في هذا الورش، وأن تسعى بدورها إلى بث برامج ونشر مقالات وتنظيم حلقات نقاش لوقف النزيف وإعادة الروح لمدرسة تعاني كثيرا...، وإن اقتصرنا على الاكتفاء بوضع المتفرج فلا ننتظر إلا جني العاصفة التي ستحرقنا جميعا، لاقدر الله، وترمينا في متاهات المجهول.