السبت 19 إبريل 2025
كتاب الرأي

عبد العالي بلقايد: انفجار العنف.. أزمة مجتمع وقيم !!!

عبد العالي بلقايد: انفجار العنف.. أزمة مجتمع وقيم !!! عبد العالي بلقايد
إن انفجار العنف الذي مسّ الشارع العام وطال حتى مؤسسات التنشئة الإجتماعية ليس ظاهرة عابرة بل يشي بأمور جوهرية تقتضي أن تستفز التفكير لجعلها ظاهرة للتفكير والنقاش العمومي للوقوف على الأسباب ومحاولة طرح مخارج لكذا مشكلة وجب أن تكون مصدر قلق الكل.
 
صحيح أن العنف هو ظاهرة تكاد لا تنجو منها كافة المجتمعات، ولكن حين تمسّ مؤسسات حيوية كتلك التي تهتم بالتنشئة ولها أدوار إستراتيجية في إعادة تشكيل الأفهام وتمثلات الناشئة لثقافة ورهانات الدولة في الٱن والمستقبل ، يصبح الأمر مقلقا.
 
فالضبط الثقافي والإجتماعي لايتم عبر المؤسسات التي تحتكر أدوات الضبط المادية، بل هناك مؤسسات التي لها خاصية امتلاك القوة الناعمة - بتعبير غرامشي - لخلق قناعات وسلوكات وتصرفات لاتكون خارج سياقات المجتمع ورهانات الدولة.
 
رغم إن هذه المؤسسات  قديما لم تكن تمتلك العدة والعتاد المفاهيمي على مستوى البرامج والمناهج، فإنها كانت على توافق مع المجتمع.

لأنها ببساطة كانت وسيلة من وسائل الإرتقاء الإجتماعي ومصنع كبير تتخرج منه الطبقة الوسطى أو - بالتعبير الماركسي - البوحوازية الصغيرة، هذه الطبقة تعتبر محورية في إنتاج وإعادة إنتاج القيم المجتمعية بل تنتج الدلالات والرموز والمعاني .
 
فأغلب الأطر قديما التي اعتمدتها الأحزاب الوطنية كانت من خريجي المدرسة العمومية، بل حتى الحركة الإسلامية أغلبية أطرها هي من صناعة هذه المؤسسة. فحتى الحركة الأدبية والفنية والفكرية جل روادها على ارتباط بهذه المؤسسات. 
 
هذه المؤسسات لم تعد فضاء للجدب لغياب حركية تجعل الحياة المدرسية مفعمة بالانشطة ،فأغلب الفنانين المغاربة كانت المدرسة العمومية وفضاؤها مصدر إلهام وبداية لمساره الفني.
 
رغم وجود ترسانة قانونية تؤطر هذه الفعالية إلا أن التصحر الفني والرياضي هو ما يميز مؤسساتنا.
غياب المشاريع التربوية ومشاريع المؤسسة في اغلب المؤسسات وإن وجدت فإنها حبيسة الرفوف .
 
إن العنف أضحى بنية ضمن النظام العام لمؤسساتنا نتيجة تغول عنف رمزي مصدره الضبابية وتدبدب الرؤية بين مشاريع تربوية تعلن عن الفشل في وسط الطريق.
 
حين يغيب مشروع تربوي إجتماعي وتقافي تهيمن الضبابية والخلط كمظهر من مظاهر العنف الرمزي الذي لن يؤدي إلا لهذا العنف المادي الرهيب الذي ينذر بعواقب مؤلمة وجب مواجهتها بشجاعة فكرية لازمة لكل أزمة.