موظفو الجماعات الترابية ليسوا مجرد إداريين عاديين يقومون بتصحيح الإمضاء ومطابقة النسخ لأصولها، ويمنحون شواهد الوفاة والحياة والولادة ! بل إنهم العمود الفقري للتنمية المحلية، توكل إليهم مهام تتجاوز بكثير اختصاصات القطاعات الوزارية، فهم مطالبون بإدارة كل ما يتعلق بالتنمية: من الفلاحة إلى الصناعة التقليدية، ومن التجهيز إلى التعمير، ومن الصحة إلى التعليم، ومن السياحة إلى البيئة. ليس هذا فحسب، بل ينتظر منهم أيضا أن يحصلوا الجبايات والمداخيل، ويوفروا فرص الشغل، ويشجعوا الاستثمار، ويعملوا على تحسين الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وتطهير، وكأنهم حكومة مصغرة تعمل في الخفاء.
ومما يزيد الطين بلة أن هذه المهام تنجز بإمكانيات محدودة، وفي ظروف عمل قاسية. فالموظف الجماعي هو المسؤول عن كل هذه الملفات، دون أن يمنح الأدوات والموارد الكافية لإنجازها بفعالية.
تجاهل حكومي ممنهج
رغم ضخامة المهام التي يضطلعون بها، فإن الحكومة ووزارة الداخلية تتعاملان مع موظفي الجماعات الترابية وكأنهم "موظفون من الدرجة الثالثة". منذ 2019، والوعود بفتح حوار قطاعي جاد مع هذه الفئة تتبخر في الهواء. تأجيلات لا تنتهي، وسيل من التسويف والمماطلة، في الوقت الذي يلبَى فيه كل طلبات موظفي القطاعات الوزارية الأخرى بسرعة ودون تعقيد.
هذا التعامل التمييزي خلق حالة من الإحباط في صفوف موظفي الجماعات الترابية. كيف لا، وهم يشاهدون زملاءهم في القطاعات الوزارية يكافؤون بالزيادات في الأجور، والترقيات، والتحفيزات، بينما هم يواجهون مزيدا من التهميش، وكأنهم عمال لاجئون وليسوا موظفين رسميين في دولة الحق والقانون.
التمييز لم يعد سريا أو مستترا، بل أصبح سياسة ممنهجة، ما جعل موظفي الجماعات يشعرون بالغبن والإحباط.
لماذا يجب دعم موظفي الجماعات الترابية؟
تحفيز موظفي الجماعات الترابية ليس ترفا، بل ضرورة وطنية. هؤلاء الموظفون هم خط الدفاع الأول عن التنمية المحلية، وإذا حصلوا على ما يستحقونه من دعم وتعويضات، فإن ذلك سينعكس مباشرة على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
رفع الأجور، تحسين ظروف العمل، إدماج حاملي الشهادات والدبلومات بالدرجات المناسبة، وتوفير الموارد اللوجستية اللازمة سيعني تحصيل مداخيل مالية أكبر لفائدة ميزانيات الجماعات، وسيسمح بتنفيذ المشاريع التنموية بكفاءة أكبر، وجلب استثمارات جديدة، وتحقيق قفزة نوعية في البنية التحتية والخدمات.
عندما يحفز الموظف، فإنه يبدع في عمله، وعندما يشعر بالتقدير، فإنه يعطي أكثر مما هو مطلوب.
تضحيات في صمت.
ورغم كل هذا التهميش، لا يزال موظفو الجماعات الترابية يواصلون العمل بروح وطنية عالية. الأجر المتدني، مقارنة بحجم المسؤوليات، لم يمنعهم من تقديم أفضل ما لديهم. في المدن كما في القرى النائية، تجد الموظف الجماعي يشتغل لساعات طويلة، في غياب المعدات اللازمة، ودون أدنى تحفيزات.
بعضهم يعمل في إدارات و مكاتب متهالكة، بأجهزة قديمة و معطلة، ودون تحفيزات تذكر. والبعض الآخر يطلب منه حل مشاكل المواطنين المستعصية وهو لا يملك حتى سيارة خدمة أو هاتف عمل أو شبكة الانترنت ... رغم كل ذلك، تجدهم في الميدان، يواجهون استياء وصراخ المواطنين، ويستمعون لمطالبهم، ويبحثون عن حلول من العدم.
التدخلات السياسية عائق أمام الاستقلالية والكفاءة.
التدخلات السياسية تزيد الوضع سوءا. عندما يعيَن موظف جماعي في منصب معين، سرعان ما يتدخل المنتخبون في عمله، ويفرض عليه اتخاذ قرارات خارج القانون لا تخدم المصلحة العامة بقدر ما تخدم المصالح السياسية والشخصية والقبلية الضيقة. ومع ذلك، يستمر الموظف الجماعي في أداء عمله، لأنه يعلم أن انسحابه يعني توقف عجلة التنمية في المنطقة.
موظف الجماعة يجد نفسه بين المطرقة والسندان، حيث أنه من جهة مطالب بتنفيذ المشاريع وفق القوانين والمساطر الإدارية، ومن جهة أخرى، يجبر على التعامل مع ضغوط المنتخبين الذين يفرضون قرارات لا تخدم المصلحة العامة. هذه التدخلات السياسية تقضي على روح المبادرة، وتخلق حالة من الفوضى في تدبير الشأن المحلي.
والنتيجة؟ مشاريع متعثرة، خدمات رديئة، وموظفون فاقدو الحافز. كيف يمكن لموظف أن يبدع ويعطي أفضل ما لديه، وهو يعلم أن قراراته ومبادراته ستلغى في أول ردة فعل للرئيس أو من خلال أول جلسة للمجلس الجماعي إذا لم ترق للأطراف السياسية.
إن تحرير موظفي الجماعات الترابية من هذه الضغوط السياسية هو شرط أساسي لرفع مستوى الكفاءة وتحقيق التنمية الحقيقية.
لابد من تصحيح المسار من الآن.
موظفو الجماعات الترابية ليسوا موظفين من الدرجة الثالثة، وليسوا أقل استحقاقا من زملائهم في كل الوزارات والمؤسسات العمومية. إذا كانت الحكومة و وزارة الداخلية تريدان حقا تحقيق التنمية المحلية، فعليهما أن تبدأ من القاعدةـ عبر دعم الموظف الجماعي، تحفيزه ماديا ومعنويا، ومنحه الاستقلالية اللازمة لأداء مهامه دون ضغوط سياسية.
لأن الحقيقة البسيطة هي أن موظفي الجماعات الترابية لا يطالبون بالمستحيل؛ هم يطالبون فقط بمعاملة عادلة، واحترام لدورهم التنموي، وتقدير لتضحياتهم المستمرة. وإلى أن يحدث ذلك، سيظل هؤلاء الموظفون العمود الفقري للتنمية، لكن بظهر منحن تحت ثقل الإهمال.
آن الأوان لإنصاف موظفي الجماعات الترابية.
موظفو الجماعات الترابية هم العمود الفقري للتنمية المحلية، ورغم المهام الجسيمة التي يكلفون بها – والتي تفوق مهام العديد من القطاعات الوزارية مجتمعة – فإنهم يواجهون تهميشا ممنهجا من طرف الحكومة ووزارة الداخلية. غياب التحفيزات، ضعف الأجور، تأخر وفشل الحوار القطاعي، وسوء ظروف العمل ... كلها وغيرها عوامل ساهمت في خلق حالة من الإحباط والتذمر داخل صفوف هذه الفئة.
إن تحفيز موظفي الجماعات الترابية، عبر تحسين أوضاعهم المادية والمهنية، والاستجابة لمطالبهم العادلة، هو المفتاح لتحقيق تنمية محلية ناجحة. الحكومة مطالبة اليوم بفتح حوار جاد ومسؤول مع هذه الفئة، ومنحها المكانة التي تستحقها، لأن نجاح أي مشروع تنموي محلي يبدأ من احترام وتقدير من يضعه قيد التنفيذ.
موظفو الجماعات الترابية ليسوا موظفين من درجة أدنى إنهم قادة التنمية الحقيقية، وحان الوقت لتصحيح هذا الخلل قبل فوات الأوان.
ومما يزيد الطين بلة أن هذه المهام تنجز بإمكانيات محدودة، وفي ظروف عمل قاسية. فالموظف الجماعي هو المسؤول عن كل هذه الملفات، دون أن يمنح الأدوات والموارد الكافية لإنجازها بفعالية.
تجاهل حكومي ممنهج
رغم ضخامة المهام التي يضطلعون بها، فإن الحكومة ووزارة الداخلية تتعاملان مع موظفي الجماعات الترابية وكأنهم "موظفون من الدرجة الثالثة". منذ 2019، والوعود بفتح حوار قطاعي جاد مع هذه الفئة تتبخر في الهواء. تأجيلات لا تنتهي، وسيل من التسويف والمماطلة، في الوقت الذي يلبَى فيه كل طلبات موظفي القطاعات الوزارية الأخرى بسرعة ودون تعقيد.
هذا التعامل التمييزي خلق حالة من الإحباط في صفوف موظفي الجماعات الترابية. كيف لا، وهم يشاهدون زملاءهم في القطاعات الوزارية يكافؤون بالزيادات في الأجور، والترقيات، والتحفيزات، بينما هم يواجهون مزيدا من التهميش، وكأنهم عمال لاجئون وليسوا موظفين رسميين في دولة الحق والقانون.
التمييز لم يعد سريا أو مستترا، بل أصبح سياسة ممنهجة، ما جعل موظفي الجماعات يشعرون بالغبن والإحباط.
لماذا يجب دعم موظفي الجماعات الترابية؟
تحفيز موظفي الجماعات الترابية ليس ترفا، بل ضرورة وطنية. هؤلاء الموظفون هم خط الدفاع الأول عن التنمية المحلية، وإذا حصلوا على ما يستحقونه من دعم وتعويضات، فإن ذلك سينعكس مباشرة على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
رفع الأجور، تحسين ظروف العمل، إدماج حاملي الشهادات والدبلومات بالدرجات المناسبة، وتوفير الموارد اللوجستية اللازمة سيعني تحصيل مداخيل مالية أكبر لفائدة ميزانيات الجماعات، وسيسمح بتنفيذ المشاريع التنموية بكفاءة أكبر، وجلب استثمارات جديدة، وتحقيق قفزة نوعية في البنية التحتية والخدمات.
عندما يحفز الموظف، فإنه يبدع في عمله، وعندما يشعر بالتقدير، فإنه يعطي أكثر مما هو مطلوب.
تضحيات في صمت.
ورغم كل هذا التهميش، لا يزال موظفو الجماعات الترابية يواصلون العمل بروح وطنية عالية. الأجر المتدني، مقارنة بحجم المسؤوليات، لم يمنعهم من تقديم أفضل ما لديهم. في المدن كما في القرى النائية، تجد الموظف الجماعي يشتغل لساعات طويلة، في غياب المعدات اللازمة، ودون أدنى تحفيزات.
بعضهم يعمل في إدارات و مكاتب متهالكة، بأجهزة قديمة و معطلة، ودون تحفيزات تذكر. والبعض الآخر يطلب منه حل مشاكل المواطنين المستعصية وهو لا يملك حتى سيارة خدمة أو هاتف عمل أو شبكة الانترنت ... رغم كل ذلك، تجدهم في الميدان، يواجهون استياء وصراخ المواطنين، ويستمعون لمطالبهم، ويبحثون عن حلول من العدم.
التدخلات السياسية عائق أمام الاستقلالية والكفاءة.
التدخلات السياسية تزيد الوضع سوءا. عندما يعيَن موظف جماعي في منصب معين، سرعان ما يتدخل المنتخبون في عمله، ويفرض عليه اتخاذ قرارات خارج القانون لا تخدم المصلحة العامة بقدر ما تخدم المصالح السياسية والشخصية والقبلية الضيقة. ومع ذلك، يستمر الموظف الجماعي في أداء عمله، لأنه يعلم أن انسحابه يعني توقف عجلة التنمية في المنطقة.
موظف الجماعة يجد نفسه بين المطرقة والسندان، حيث أنه من جهة مطالب بتنفيذ المشاريع وفق القوانين والمساطر الإدارية، ومن جهة أخرى، يجبر على التعامل مع ضغوط المنتخبين الذين يفرضون قرارات لا تخدم المصلحة العامة. هذه التدخلات السياسية تقضي على روح المبادرة، وتخلق حالة من الفوضى في تدبير الشأن المحلي.
والنتيجة؟ مشاريع متعثرة، خدمات رديئة، وموظفون فاقدو الحافز. كيف يمكن لموظف أن يبدع ويعطي أفضل ما لديه، وهو يعلم أن قراراته ومبادراته ستلغى في أول ردة فعل للرئيس أو من خلال أول جلسة للمجلس الجماعي إذا لم ترق للأطراف السياسية.
إن تحرير موظفي الجماعات الترابية من هذه الضغوط السياسية هو شرط أساسي لرفع مستوى الكفاءة وتحقيق التنمية الحقيقية.
لابد من تصحيح المسار من الآن.
موظفو الجماعات الترابية ليسوا موظفين من الدرجة الثالثة، وليسوا أقل استحقاقا من زملائهم في كل الوزارات والمؤسسات العمومية. إذا كانت الحكومة و وزارة الداخلية تريدان حقا تحقيق التنمية المحلية، فعليهما أن تبدأ من القاعدةـ عبر دعم الموظف الجماعي، تحفيزه ماديا ومعنويا، ومنحه الاستقلالية اللازمة لأداء مهامه دون ضغوط سياسية.
لأن الحقيقة البسيطة هي أن موظفي الجماعات الترابية لا يطالبون بالمستحيل؛ هم يطالبون فقط بمعاملة عادلة، واحترام لدورهم التنموي، وتقدير لتضحياتهم المستمرة. وإلى أن يحدث ذلك، سيظل هؤلاء الموظفون العمود الفقري للتنمية، لكن بظهر منحن تحت ثقل الإهمال.
آن الأوان لإنصاف موظفي الجماعات الترابية.
موظفو الجماعات الترابية هم العمود الفقري للتنمية المحلية، ورغم المهام الجسيمة التي يكلفون بها – والتي تفوق مهام العديد من القطاعات الوزارية مجتمعة – فإنهم يواجهون تهميشا ممنهجا من طرف الحكومة ووزارة الداخلية. غياب التحفيزات، ضعف الأجور، تأخر وفشل الحوار القطاعي، وسوء ظروف العمل ... كلها وغيرها عوامل ساهمت في خلق حالة من الإحباط والتذمر داخل صفوف هذه الفئة.
إن تحفيز موظفي الجماعات الترابية، عبر تحسين أوضاعهم المادية والمهنية، والاستجابة لمطالبهم العادلة، هو المفتاح لتحقيق تنمية محلية ناجحة. الحكومة مطالبة اليوم بفتح حوار جاد ومسؤول مع هذه الفئة، ومنحها المكانة التي تستحقها، لأن نجاح أي مشروع تنموي محلي يبدأ من احترام وتقدير من يضعه قيد التنفيذ.
موظفو الجماعات الترابية ليسوا موظفين من درجة أدنى إنهم قادة التنمية الحقيقية، وحان الوقت لتصحيح هذا الخلل قبل فوات الأوان.