أكدت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان على أن هذا الأخير يعتبر أن حماية المعطيات الشخصية تعد واحدة من أبرز القضايا الناشئة، والأولويات التي تفرض نفسها بقوة في المجتمعات المعاصرة، في ظل التحولات الرقمية والتكنولوجيا، في العصر الرقمي وعصر الذكاء الاصطناعي…حق على خط التماس مع كل هذه التطورات المتسارعة.
وتطرقت في كلمة لها اليوم الإثنين 27 يناير 2025 خلال اللقاء الذي نظمته اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي على في إطار الأسبوع التحسيسي حول "حماية المعطيات الشخصية من زاوية حقوق الإنسان" إلى ستة عناصر رئيسية، تؤطّر مقاربة المجلس الحقوقية لحماية هذا الحق وفعليته.
أولاً: الحق في حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي ليس منفصلاً عن الحق في الخصوصية وحماية الحياة الخاصة للأفراد. إنه حق من الحقوق الرئيسية، الأساسية لصون كرامة الأفراد وحماية حرياتهم الأساسية.
ثانياً: لم تعد الخصوصية مجرد حماية من التدخلات المادية أو المعنوية في الحياة الشخصية. لقد توسع المفهوم ليشمل حماية المعطيات الشخصية في العصر الرقمي وعصر تكنولوجيا المعلومات الجديدة ونظم الذكاء الاصطناعي، مما يستلزم التفكير بجدية في التنظيمات والضمانات الصارمة التي يجب أن تؤطّر جمع المعطيات الشخصية ومعالجتها وتخزينها.
ثالثا: استغلال واسع للمعطيات الشخصية بالفضاء الافتراضي دون موافقة الأفراد، سواء لأغراض تجارية أو قد تمس بحقوقهم ونشر اخبار زائفة ، و تستهدف هذه الانتهاكات ،بشكل خاص ،الفئات الهشة مثل النساء، الأطفال، ، وهو ما يتطلب تعزيز حمايتها من أي استغلال أو استهداف أو تلاعب…
رابعا : ضعف الثقافة الرقمية والدراية المعلوماتية لدى أعداد كبيرة من المستخدمين ،حيث يفتقر الكثيرون للوعي بكيفية حماية بياناتهم وطرق تجميعها واستعمالاتها، بما في ذلك المعطيات الشخصية الحساسة، ومن بينها المعطيات المتعلقة بالصحة؛ خامسا: حماية المعطيات الشخصية تُعد قيمة مميزة تتجاوز مجرد احترام الحياة الخاصة لتصبح أداة فعّالة لضمان حقوق مترابطة، مثل حرية التعبير، وحرية التجمع، وحرية المعتقد.
سادساً: تطور الخوارزميات والذكاء الاصطناعي يطرح تحديات إضافية تتعلق بمعالجة المعطيات الشخصية، خاصة في غياب ضمانات الشفافية، والتناسب، وعدم التمييز.
وزادت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن تعقيد المشهد الرقمي، وتزايد الطلب، أدى على استخدام المعطيات الشخصية إلى طرح العديد من التساؤلات القانونية والحقوقية، وهو ما يؤكد التداخل المستمر بين حماية المعطيات الشخصية والحقوق الأساسية الأخرى في سياقات مختلفة.
وزادت قائلة:"قد ينشأ في هذا السياق، أحيانا تعارض بين الحق في حماية المعطيات الشخصية وحرية التعبير أو الحق في الوصول إلى المعلومات، خصوصاً عندما تكون المصلحة العامة محور النقاش.. هذا التداخل يثير إشكاليات قانونية وحقوقية معقدة تتعلق بتحديد حدود كل حق ومدى أولوية أحد الحقوق على حق آخر".
وقد سلط المجلس الوطني لحقوق الإنسان، حسب آمنة بوعياش، الضوء على بعض من هذه التحديات، والإشكاليات من خلال تقاريره السنوية ومذكراته، حيث بيّن مظاهر التعارض المتعددة بين حماية المعطيات الشخصية والحقوق الأخرى، خاصة على منصات التواصل الاجتماعي، كما أن حقوق الإنسان مترابطة جميعها، يكمل بعضها بعض، دون تراتبية فاصلة او واضحة المعالم. ليبقى تغليب هذا الحق على حق آخر، خاضعا لسياقات ومحددات دقيقة خاصة بكل حالة، وسياق على حدى ضمن هذا السياق، تمثل حماية المعطيات الشخصية إحدى أبرز التحديات التي يواجهها النظام الوطني لحماية حقوق الإنسان في هذا العصر.
وأزضحت في هذا الصدد أن:"التكنولوجيات والمنصات، على الرغم من أنه يمكنها أن تكون رافعة فعلية لتعزيز الحقوق والحريات، وعلى رأسها حرية التعبير والحق في الوصول إلى المعلومات، إلا انها قد تنطوي على مخاطر عند استخدامها بشكل قد ينتهك الحق في الخصوصية أمام هذه التحديات".
وزادت قائلة:" نحن أكيد في حاجة الى تبني مقاربات قانونية، تنصف الضحايا وتلزم وسائل الإعلام باحترام ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة يما فيها الإلكترونية، إلا ان التعقيد الناجم عن انتهاكات الخصوصية في العصر الرقمي يتطلب عملا، وترافعا دوليا وأمميا لن يكون سهلا من أجل أن تكون حقوق الإنسان في قلب تصميم التطبيقات والنظم Human Rights by Design وأن تكون الخصوصية وحماية المعطيات الشخصية للأفراد جزء لا يتجزء من أولويات التصميم Privacy design by…، بما يضمن احترام كرامة الأفراد وتجنب أي شكل من أشكال التمييز أو الاستغلال.
وفي السياق ذاته، أبرزت بوعياش أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بالتعاون مع مؤسسات وطنية ودولية، على تعزيز الثقة في الفضاء الرقمي والتكنولوجيا من خلال الترافع من أجل ضمان الشفافية في تصميم التكنولوجيا واستخدامها، إجراء تقييمات مسبقة للأثر الحقوقي لمعالجة المعطيات الشخصية، خاصة خلال الأزمات والطوارئ مثل الجوائح الصحية، التأكيد على أن معالجة المعطيات في هذه الحالات يجب أن تكون مؤقتة، طوعية، ومحددة الأهداف، مع ضمان حذف المعطيات فور انتفاء الحاجة إليها، كما أفادت بأن حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي وحقوق الانسان اعتبرها معادلة دقيقة، تعتمد من جهة على ضمان حقوق الإنسان في التعبير والرأي وعلى ان أداة التعبير، أي التكنولوجيا من جعة ثانية، تفترض وضع مخطط لسياسات رقمية متجددة، لفضاء رقمي يرتكز على كرامة، وأمن أي فرد لا تمس معطياته الشخصية ولا حقوقه الأساسية.