Wednesday 6 August 2025
كتاب الرأي

رشيد لبكر: التكليف الملكي للداخلية بالتحضير للانتخابات.. خطوة لضمان نزاهة العملية ومواجهة أي انحياز حزبي

 
رشيد لبكر: التكليف الملكي للداخلية بالتحضير للانتخابات.. خطوة لضمان نزاهة العملية ومواجهة أي انحياز حزبي رشيد لبكر
إسناد جلالة الملك مهمة التحضير للانتخابات المقبلة لوزير الداخلية بدلا عن رئيس الحكومة، قضية لا اعتقد انها تستحق كم الجدل والنقاش الذي اثير بشأنها لأسباب متعددة، بعضها مرتبط بالاختصاص العام المقرر لصاحب الجلالة بمقتضى الدستور ( الفصل 42) ، باعتباره الساهر على ضمان احترام الاختيار الديمقراطي وحماية الحقوق والحريات، بما فيها تلك المرتبطة بالانتخابات ( حق الترشح، حق التصويت وحرية الاختيار)،  لكن، وبغض النظر عن هذا المقتضى القانو- دستوري الصرف، هناك معطى سياسي آخر، لا يختلف في روحه عن مضمون النص الدستوري، ويتعلق هنا بتركيبة الحكومة ذاتها وما تعرفه من خصوصيات مرتبطة بطبيعة النظام السياسي ببلادنا. فكما هو معلوم، إن هذا الحكومة، وكاللواتي سبقنها، تضم في تركيبتها، ما يسمى  بوزارات السيادة، أي بعض القطاعات الحكومية المتحررة من أي لون حزبي معين، والتي يمكن اعتبارها، بالنظر إلى خصوصيات القطاعات التي تشرف عليها، ذات ارتباط مباشر بجلالة الملك وبنظرته الخاصة في إدارة الشؤون التي تشرف عليها، حتى تبقى بعض الملفات ذات "الحساسية " في مأمن عن " التطاحنات" الحزبية، مع ما يمكن ان يؤدي إليه ذلك، من مس بالاختيار الديمقراطي المسطر في الدستور، والمؤتمن عليه جلالة الملك ، وهو اختيار يجب ان يستفيد منه جميع الفرقاء، في إطار توافقي محايد، وعلى أساس من العدالة والموضوعية وبعيد عن  المزايدات.

من هنا، اتفهم، لماذا اسند جلالة الملك امر التحضير للانتخابات لوزير الداخلية بدلا من رئيس الحكومة، وبالتالي فلا اعتقد أن في الأمر انتقاص لجهة معينة، كما روج لذلك البعض، ربما لتصريف مواقف معينة إن لم نقل شخصية من رئيس الحكومة، ( وهذا الامر لا يعني الباحث المنصف في شيء)، بل على العكس،  كانت الغاية، هي توفير أجواء من النزاهة والحياد بين جميع الفرقاء، على اعتبار أن السيد وزير الداخلية غير منتم لحزب سياسي معين، وليس خصما او منافسا لأحد، بخلاف السيد رئيس الحكومة، الذي يعد الحزب الذي يرأسه، قائد الإئتلاف الحكومي الذي يشرف على إدارة شأن البلاد، وبالتالي فمهما التزم بقواعد الحياد ، في حالة ما لو أسندت له هذه المهمة، لن يسلم من النقد والتجريح، وبالتالي أرى ان من صالحه، هو ذاته، فضلا عن صالح المسار الانتخابي، عدم تكليفه بهذه المهمة، لأن ذلك سيؤدي إلى قطع الطريق عن كل الانتقادات والمشوشات التي تتربص بالانتخابات للطعن في نتائجها، لأجل كل هذا، ارتأى جلالة الملك تكليف وزير الداخلية بمهمة التحضير لهذا الاستحقاق الهام، الذي من المنتظر أن يفرز ما اصطلح عليه بحكومة المونديال، وإن كانت انتظاراتي الشخصية ابعد من ذلك، إذ أرتقب من هذه الانتخابات، إفراز حكومة ما بعد قضية الصحراء المغربية، بعد ان يكون هذا الملف قد طوي بشكل نهائي، وبدأت بلادنا تحضر لمسارات جديدة للتنمية الترابية تمتد عبر مسار واحد من طنجة إلى لكويرة.