الأربعاء 5 فبراير 2025
كتاب الرأي

نوفل البعمري: المغرب فلسطين.. الدعم اللامشروط لا ينتظر لا جزاء و لا شكورا

نوفل البعمري: المغرب فلسطين.. الدعم اللامشروط لا ينتظر لا جزاء و لا شكورا نوفل البعمري
بعد كلمة رئيس حركة حماس التي خصَّ فيها ما سماه بالدول التي دعمت "المقاومة " زمن العدوان أثناء الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار الذي يُفترض أنه دخل حيز التنفيذ و التطبيق بالتحية و الشكر، و هو الشكر الذي دفع البعض هنا ليقدمه كدليل على كون المغرب لم يقم بدعم غزة و لا "شعبها" طيلة الخمسة عشرة أشهر الماضية حيث كان قطاع غزة يتعرض لعدوان وصل لحد اتهام المحكمة الجنائية الدولية لنتانياهو بارتكابه لجرائم ضد الإنسانية باعتباره المسؤول الأول عن قرار الحرب داخل إسرائيل، و هو العدوان الذي ظل المغرب يعلن عن موقف مندد به و باستهداف المدنيين العزل و تدمير المدارس و البُنى التحتية بالقطاع.
 
المغرب طيلة سنوات و هو يتبنى القضية الفلسطينية و يعتبرها قضيته الوطنية الأولى إلى جانب ملف الصحراء، معتبراً إياها جزءاً أساسياً من استراتيجيته التي تحدد سياسته الخارجية حتى بات الملف الفلسطيني جزءاً من هوية الخارجية المغربية، سواء عند تحرك المغرب بصفته رئيساً للجنة القدس أو عند تحرك عاهل البلاد كأميراً للمؤمنين بحيث يقوم برعاية جل المؤمنين من مسيحيين، يهود و مسلمين و مختلف المقدسات الدينية، و يقوم بمهمته و واجبه التاريخي و الديني المقدس تجاه القضية الفلسطينية لم يكن و لن ينتظر أي شكر من طرف قيادة حركة حماس و لا من غيرها، و هي الحركة التي يبدو أن تناست قيادتها وقت كانت تعيش عزلة إقليمية فتح المغرب لها الباب لاستقبالها و تم تنظيم حفل حفل عشاء على شرف ملك البلاد في بروتوكول لا يقام إلا للزعماء و القادة الكبار في دعم معنوي و رمزي و سياسي لقيادة حركة حماس يوم كان سعد الدين العثماني رئيساً للحكومة.
 
المغرب لم و لن ينتظر الشكر عن واجبه الإنساني الذي قام به تجاه سكان قطاع غزة زمن العدوان عندما قام بإرسال مساعدات إنسانية للمدنيين و استطاع بعلاقاته الدبلوماسية و قوته أن يوصلها للقطاع و لمن يستحقها رغم الحرب و الحصار الإسرائيليين على القطاع، و ظل في كل مناسبة يرسل الأطنان من المساعدات للداخل دعماً لصمود الشعب الفلسطيني و رغبةً منه في التخفيف عن معاناتهم الإنسانية خاصة في ظل الحصار الذي فُرض على القطاع و توقف تدفق الشاحنات للقطاع و هي محملة بالمساعدات الإنسانية.
 
المغرب لم و لن ينتظر الشكر من قيادة حماس، و هو يقوم ببناء مستشفى القدس التخصصي بقطاع غزة الذي كان قد تم تدميره سنة 2008، فكان المغرب أن قام بإعادة تشييده و بناءه و تجهيزه على نفقته و بتمويل منه و الذي استمر منذ سنة 2008 في تقديم خدماته للغزاويين بعد استهداف البنية التحتية الصحية من طرف الاحتلال الاسرائيلي.
 
المغرب لم يكن و لن ينتظرالشكر من طرف قيادة حماس، و هو يتصدى لمشروع ما سمي بصفقة القرن رافضاً إياها، و لعملية تهويد القدس و فرض الأمر الواقع على القادة العرب من خلال الإقرار بواقع كون القدس عاصمة لإسرائيل ضداً على الشرعية الدولية و القرارات الأممية، فكان أن سجل موقفه للتاريخ في موقف مشرف لدولة عربية لها التزام اخلاقي و تاريخي تجاه القضية الفلسطينية.
 
المغرب لم يكن يوماً ينتظر الشكر من طرف قادة حماس و لا غيرهم،عندما ظل يمارس ما يعتبره واجبه المقدس تجاه القضية الفلسطينية و اتجاه المدنيين و اتجاه القدس الشريف مقدماً الشيء الكثير لها و للمقدسيين من دعم سياسي، إنساني، مالي و ثقافي و جامعي…مُنطلقاً في كل ذلك من موقفه المبدئي الراسخ المؤمن بعدالة القضية الفلسطينية و بحقوق الشعب الفلسطينية الثابتة الغير القابلة لأي تصرف.
 
في ظل العدوان الأخير لم يكتفي المغرب بتقديم الشعارات الجوفاء و لا خطابات كالخطاب الذي قدمه تبون عندما خاطب جمهوره في فترة الحملة الإنتخابية مطالباً بشكل "بليد" بفتح الحدود و كأنه يوتوبيرز و ليس رئيس جمهورية، مُحوِلاً معاناة الشعب الفلسطينية و دماء المدنيين إلى نقطة في جدول برنامجه الإنتخابي، لقد ظل المغرب مؤمناً بعدالة القضية الفلسطينية مدافعاً عن حل الدولتين و عن رهان السلام و تطبيق القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ذات الصلة بالنزاع الفلسطيني منطلقاً من قناعاته الراسخة بضرورة ضمان السلم و التعايش مُنطلقه هو ضرورة حل القضية الفلسطينية و بناء الدولة الفلسطينية بمؤسساتها تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي و وحيد للشعب الفلسطيني بسلطته الوطنية المعترف بها دولياً و التي تُعد هي المخاطب الشرعي لدى المنتظم الدولي.
 
المغرب لم ينتظر الشكر و هو يساند اتفاق وقف إطلاق النار مؤكداً على ضرورة استثمار اللحظة ليس فقط لإعادة إعمار القطاع بل بعث السلام العادل الحقيقي الغير المنقوص الذي يحقق المطالب التاريخيين للشعب الفلسطيني في إقامة دولته بعاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967، مع عودة اللاجئيين و المنفيين و إطلاق سراح الأسرى…
المغرب لم و لن ينتظر الشكر من قادة حماس، لأن ما يقوم به هو واجبه الإنساني، الديني و التزام أخلاقي اتجاه قضية يعتبرها في مرتبة قضية الصحراء، و هو في ذلك ينطلق من مواقف مبدئية لا متجاراً في القضية!!