الأربعاء 12 فبراير 2025
مجتمع

جمعية الشعلة تترافع عن ملف الطفولة المغربية والمهارات الحياتية

جمعية الشعلة تترافع عن ملف الطفولة المغربية والمهارات الحياتية جانب من اللقاء
في إطار فعاليات "أيام الشعلة للطفل"، نظم فرع الرباط التقدم يوم الأربعاء 4 دجنبر 2024 بدار الشباب التقدم، ندوة ثقافية بعنوان "الطفولة المغربية والمهارات الحياتية"، بحضور كوكبة من المتخصصين والأساتذة الذين أضاءوا سماء المعرفة بتدخلاتهم الرصينة. الندوة، التي استغرقت ثلاث ساعات متواصلة، كانت فرصة ذهبية للحضور، الذي أبدى انضباطاً وتفاعلاً قل نظيره، للاستماع إلى مداخلات فريدة ونقاشات مفعمة بروح العلم والشغف الأكاديمي.
 
المهارات الحياتية في مرآة العمل الجمعوي والتربوي
استعرض الأستاذ بنسعيد الركيبي  تجربته في العمل الجمعوي والتربوي مشيرا إلى أن اكساب الطفل المهارات الحياتية ليست مسؤولية حصرية للمدرسة أو الأسرة بقدر ما هي مهمة  كافة مؤسسات التنشئة الاجتماعية بما في ذلك الجمعيات ودور الشباب و الإعلام و الشارع ...كما  أوضح أن المهارات الحياتية يمكن ترسيخها  من خلال التربية التفاعلية التي تعتمد على الأساليب الحية في التنشيط كما استعرض بعض المهارات الأساسية التي يجب أن نعمل كمنظمات على مساعدة الأطفال على اكتسابها خاصة لدى الفئة العمرية( 6 الى 14 سنة ) مثل التواصل الذي يطور قدرة الطفل على التعبير عن آرائه و قدرته على مواجهة الجمهور ومهارات إدارة الوقت وحل المشكلات التي تتيح له اتخاذ قرارات سليمة ولم يغفل أهمية الاشتغال مع الأطفال لاكسابهم مهارة التعامل الآمن مع التكنولوجيا الرقمية،  داعيا إلى اهمية تنظيم ورشات تفاعلية تكسب الأطفال مهارات تعدهم للتكيف مع عالم متغير أصبح يفرض نفسه بإلحاح على الجيل الحالي و الأجيال القادمة.

التنشئة الاجتماعية وتنمية الشخصية
 أكدت الأستاذة ليلى عاطر في مداخلتها أن تنمية المهارات الحياتية تُعد عملية مستمرة ومتجددة تشمل كافة الأطراف المعنية بالتنشئة الاجتماعية، من أسرة ومدرسة ومجتمع مدني. وأوضحت أن اختيار موضوع "المهارات الحياتية" في النسخة الحالية من أيام الشعلة للطفل جاء استكمالًا لمسار غني بالتجارب السابقة التي تناولت محاور مثل "الطفل والأسرة" و"الطفل وتعدد الذكاءات"، مما يعكس رؤية الجمعية الشمولية في معالجة قضايا الطفولة. وأشارت إلى أن هذه المهارات تشمل القدرة على التواصل، التفكير النقدي، التعاون، وإدارة العواطف، وهي ضرورية لمساعدة الأطفال على التكيف مع تحديات الحياة المختلفة.
 
وشددت الأستاذة ليلى على أن الجمعيات التربوية تُعتبر فضاءً ملائمًا لتنمية هذه المهارات مقارنة بالمؤسسات التقليدية كالمدارس، حيث تُتاح للأطفال فرص أكبر للتجربة والتفاعل المباشر من خلال أنشطة ثقافية وتربوية تفاعلية. وأوضحت أن تعزيز المهارات الحياتية لدى الأطفال لا يُساعد فقط في تحسين علاقاتهم بمحيطهم الاجتماعي، بل يعزز أيضًا قدرتهم على بناء علاقات قائمة على الاحترام وقبول التنوع الثقافي والاجتماعي. فالطفل الذي يتعلم هذه المهارات يتمكن من التعامل بإيجابية مع الأسرة والجيران، ومن ثم ينطلق نحو بناء علاقات أوسع مع المجتمع، مما يرسخ قيم المواطنة واحترام الآخر في مرحلة مبكرة من حياته.
 
أهمية تنمية المهارات الحياتية في البناء الاجتماعي
رأت الأستاذة ليلى أن المهارات الحياتية لا تُعتبر مجرد أدوات للتعامل مع المواقف اليومية، بل هي لبنات أساسية في بناء مجتمع أكثر تماسكًا. هذه المهارات تعزز قدرة الطفل على التفكير الإيجابي، اتخاذ القرارات الصحيحة، والتكيف مع المتغيرات المجتمعية. كما أن تعلّم الأطفال مهارات مثل إدارة الوقت، العمل الجماعي، وحل المشكلات يُعزز لديهم الشعور بالثقة بالنفس ويُؤسس لديهم القدرة على تحقيق النجاح في حياتهم الشخصية والمهنية. وخلصت إلى أن الفضاء الجمعوي، مثل الجمعيات التربوية، يلعب دورًا رياديًا في سد الفجوات التي قد تتركها المؤسسات التعليمية الرسمية، مما يجعل منه حلقة وصل أساسية بين الفرد ومجتمعه في إطار التنمية المستدامة.
 
اللغة كأداة لتطوير الذات
أما الأستاذ محمد حبيب، فقد اختار في مداخلته تسليط الضوء على التحديات التي تواجه المنظومة التعليمية في المغرب، مشيراً إلى أن العديد من الأطفال في التعليم العمومي يفتقرون إلى أبسط المهارات الأساسية، ناهيك عن المعارف اللغوية الضرورية. بأسلوبه العميق والمباشر، أوضح أن اللغة ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي أداة لتطوير المهارات المعرفية والاجتماعية، حيث يُسهم إتقانها في فتح آفاق النجاح سواء في التعليم أو سوق العمل.
 
وقد أضفى الأستاذ محمد بعداً عملياً على مداخلته، من خلال استعراض تجارب ناجحة لشباب استطاعوا تطوير مهاراتهم بفضل الجمعيات التربوية، مشدداً على أهمية رأس المال الاجتماعي، الذي يتجلى في قدرة الشباب على التواصل الفعال وتسويق مهاراتهم في مختلف البيئات. وأبرز أهمية "التسويق الاجتماعي الواعي"، الذي ينبع من إرادة الشباب في تطوير ذواتهم الفردية والجماعية، وصقل مهاراتهم بفضل العزيمة والإرادة.
 
ختامٌ ينطق بالأمل
اختُتمت الندوة بتوصيات حية، أكدت على أن تنمية المهارات الحياتية ليست خياراً، بل ضرورة حتمية في مواجهة التحديات التي يفرضها العالم اليوم. ودعا الأساتذة المشاركون إلى مواصلة العمل على هذا المسار، مشيدين بجهود جمعية الشعلة التي كانت وستظل حاضنة للإبداع والتربية والتكوين. كما حثوا الشباب الحاضر على الاستثمار في تطوير ذواتهم، مشددين على أهمية اكتساب مهارات جديدة تعزز مكانتهم في المجتمع.
 
لقد كانت هذه الندوة أكثر من مجرد حدث ثقافي؛ كانت شعلة من الفكر المستنير والتفاعل البناء، حيث أضاءت الطريق للأطفال والشباب نحو حياة مليئة بالأمل والطموح، مسلحة بمهارات حياتية تصقل الشخصية وتفتح الآفاق.