كرّست مواقف الجزائر احتراق ورقة المشروع الانفصالي، وبرزت حقيقة طبيعة النزاع المفتعل باعتباره نزاعا ذو طابع إقليمي بين بلدين جارين، المغرب والجزائرّ، بحيث بات يتأثر في الشرعية الدولية ضمن مبادئ احترام شرعية الدّول ووحدتها الترابية.
هذه التّطورات المتسارعة التي تشهدها القضية الوطنية منذ 13 نونبر 2020 إلى اليوم، أبرزت تجاوز المشروع الانفصالي، بحيث فشلت المناورة وزيف الدعاية الحربية للنظام الجزائري، كما كشفت وعرت على وضع أمني في المنطقة، وعززت مكاسب المغرب، خاصة بعد الاعتراف الأمريكي في دجنبر 2020، بحيث تلته مواقف إسبانيا وفرنسا (العضو بمجلس الأمن) إلى جانب عدد من بلدان الاتحاد الأوروبي من قبيل ألمانيا وهولندا وبلجيكا وغيرها، حتى باتت رقعة التأييد الدولي تتنامى لنصرة المغرب وقضيته، لتشمل 110 بلدا في العالم، منها 30 بلدا يفتح قنصلية له في الصحراء المغربية.
هذه التّطورات الديبلوماسية حسمت معركة الاعتراف الدّولي لصالح المملكة المغربية في تكريس واقع السيادة، فكانت العناصر المتعلقة بالإقليم والساكنة والسلطة على الأقاليم الجنوبية، إلى جانب عنصر مكمل للاعتراف الدولي والأممي.
احتراق الورقة الانفصالية في قضية الصحراء المغربية حدا بالجزائر إلى الخروج بوجه مكشوف في هذا النزاع المفتعل، فدخلت في هذا النزاع بمواقف وقرارات تصعيدية لم تقتصر في علاقاتها بالمملكة، بل شملت بلدانا تعبر عن مواقفها المؤيدة للمغرب المتضامنة من قبيل إسبانيا وفرنسا.
ما عزز موقف المغرب وعزلة الجزائر علاقاته مع الدول الإفريقية التي تتنامى وعضوية المملكة في الدول القارية وتبوأها مواقع ريادية واقتصادية في الغرب الإفريقي، وانفتاحها على دول جنوب وشرق القارة التي كانت معقلا للدعاية الانفصالية، وباتت تستقطب تأييد عدد من الدول، خاصة مالاوي وتشاد مؤخرا.
المقاربة الديبلوماسية الحاسمة الحازمة التي تبناها عاهل المغرب، وكذا المبادرات المماثلة التي يقودها، والتي عززت الموقع الاستراتيجي للمملكة، داخل إفريقيا وبلدان أمريكا اللاتينية، وباتت عدد من البلدان تراجع مواقفها وتعيد مبادرة الحكم الذاتي إلى سكتها الصحيحة وتناصرها، علاوة على استثمارات ضخت في أقاليم الصحراء المغربية ناهزت 100 مليار دهم، مما يقلق الجزائر ويعزلها، ويكرس في الآن نفسه شرعية الموقف المغربي على صحرائه.
تصويت قرار مجلس الأمن الأخير حول الصحراء، أظهر عزلة الجزائر بعدما رفضت كل مقترحات خصوم المغرب، خاصة مقترح التقسيم الذي لم يجد أيّ اهتمام، ومقترح توسيع صلاحيات البعثة الأممية، مقابل إشادة مجلس الأمن بدينامية المنطقة ولجنتي حقوق الإنسان بالداخلة والعيون في إقرار آليات حقوق الإنسان الدستورية المغربية التي تجسد سيادة المغرب على الصحراء.
محمد سالم عبد الفتّاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان