الثلاثاء 5 نوفمبر 2024
سياسة

المغرب يدخل مرحلة حسم النزاع المفتعل في الصحراء في أفق تحديد معالم مخطط الحكم الذاتي

المغرب يدخل مرحلة حسم النزاع المفتعل في الصحراء في أفق تحديد معالم مخطط الحكم الذاتي مشهد لاجتماع مجلس الأمن الأخير حول الصحراء
قرر مجلس الأمن الدولي بتاريخ 31 أكتوبر 2024 تمديد ولاية "بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء المغربية ( مينورسو ) الى غاية 31 أكتوبر 2025 وفق نص القرار رقم 2756، الذي صاغته الولايات المتحدة.

القرار الذي تم تبنيه بتصويت 12 دولة لصالح القرار، هي فرنسا والولايات المتحدة، واليابان، والصين، والمملكة المتحدة، وكوريا الجنوبية، ومالطا، وغويانا، وسيراليون وسلوفينيا، سويسرا والإكوادور، مقابل امتناع كل من روسيا وموزمبيق عن التصويت، شكلت صفعة قوية للجزائر ولعل هذا ما يبرر عدم مشاركة هذه الأخيرة في التصويت، علما أنها سبق أن تقدمت بتعديلين لنص القرار قوبلا برفض المجلس.

وجاء في تقرير لمجلس الأمن، أن الولايات المتحدة سعت هذه المرة إلى "تجديد بسيط لتفويض بعثة المينورسو، دون إجراء تغييرات جوهرية على الأحكام الواردة في القرار 2703 الصادر في 30 أكتوبر 2023، والذي مدد مؤخرًا تفويض البعثة".

وقال التقرير إن "الولايات المتحدة أدرجت بعض العناصر الجديدة في النص الأولي للمسودة لتعكس التطورات الأخيرة".

وكان من بين هذه التغييرات إدراج فقرة تمهيدية جديدة "ترحب بالزخم الأخير وتحث على البناء عليه للوصول إلى حل سياسي مقبول من الطرفين"، وفق تقرير مجلس الأمن.

القرار حظي بإشادة الرباط، حيث قال بيان لوزارة الخارجية إن " الدعم الدولي المتنامي من نحو مائة بلد للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، وفتح أكثر من ثلاثين قنصلية عامة بالعيون والداخلة، وعدم اعتراف أكثر من 84 في المائة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالكيان الوهمي، فضلاً عن النهضة التنموية الاقتصادية والاجتماعية، التي تشهدها المنطقة في إطار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية المغربية، يكرّس فعلياً المقاربة التي تنهجها المملكة في معالجة هذه القضية.

وأضاف البيان، أن مجلس الأمن يكرّس من خلال القرار الذي تم تبنيه مقاربته فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، سواء من حيث تحديد الأطراف، أو تكريس إطار المسلسل، أو تأكيد غايتها، كما أن القرار، يضيف البيان، حدد بوضوح أطراف العملية السياسية، الذين يجب أن يتحملوا مسؤوليتهم السياسية والقانونية والأخلاقية في البحث عن حل نهائي لنزاع الصحراء، حيث ذكر الجزائر تحديداً ست مرات، وهو عدد المرات نفسه الذي ذكر فيها المغرب؛ مما يؤكد أن الجزائر هي بالفعل الطرف الرئيسي في هذا النزاع المفتعل.

من جانبه برر ممثل روسيا امتناعه عن التصويت بسبب " عدم إدراج الملاحظات التي قدمتها لواشنطن " مشدداً على أن موسكو " تتبنى موقفاً غير منحاز في ملف الصحراء، وتدعم الحل السياسي". من جانبه، قال ممثل الصين: إن بكين ترى أن مينورسو قامت بتعزيز التسوية السياسية، والقرار الحالي يشير إلى دعم هذه العملية "، مشيراً إلى أن " موقف الصين واضح من خلال دعم التسوية السياسية وفق القرارات الأممية".

أما ممثل فرنسا، فرحّب بقرار تمديد ولاية بعثة "مينورسو"، كما دعم جهودها، داعياً إلى "ضمان حرية تنقلها"، قبل أن يدين "خرق وقف إطلاق النار". ومجدداً دعم باريس مخطط الحكم الذاتي المغربي، وقال: إن الوقت قد حان للانطلاق فيه. بدوره، شدد ممثل الغابون على دعم حل واقعي ودائم للملف، وإعادة إطلاق المفاوضات بين الأطراف، مع دعم مخطط الحكم الذاتي المغربي، والتنويه بالتزام المغرب بوقف إطلاق النار.

القرار جاء في سياق امتد من 2007 الى اليوم وهو سياق الإشادة بمبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب واعتبارها مبادرة تتمتع بالجدية والمصداقية والواقعية،  ولعل أهم ما جاء في القرار الجديد هو العبارة التي تشير الى كون الأمم المتحدة بصدد البحث عن حل سياسي نطبعه الواقعية والمصداقية وتوافق الأطراف لإنهاء هذا النزاع، مشيرا في فقرة أخرى بأن مقترح الحكم الذاتي مطبوع بهذه المميزات، وهو ما يشكل انتصارا للمغرب، ولاشك أن الاعتراف الفرنسي الأخير يؤكد  بحسب المحللين، جدية هذا الطرح، كما أن تقرير الأمين العام الأممي الأخير يشير الى هذه التطورات والى النمو الاقتصادي الذي عرفته الأقاليم الجنوبية، ولعل إقدام الجزائر – بحسب المراقبين – على طرح مبادرة التقسيم من خلال المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا  ليست سوى محاولة جديدة لخلط الأوراق في هذا الملف وإضعاف مركز مقترح الحكم الذاتي .

 في نفس السياق يرى رضا الفلاح أستاذ العلاقات الدولية بجامعة ابن زهر بأكادير الانتكاسة الجديدة للجزائر من خلال القرار الأممي القاضي بتمديد مهمة بعثة المينورسو في الصحراء المغربية يظهر المواقف العبثة للجزائر التي امتنعت عن التصويت، كما يبرز أن الجزائر لا تستفيد أبدا من أخطائها، ولا يزيدها الخطأ إلا إمعانا في الخطأ، مشيرا بأن مواقف الجزائر تمليها في المقام الأول الضغينة وسياسة الهروب إلى الأمام. أما عدم المشاركة في التصويت فهو نوع من العدمية و شهادة ضمنية لهذا النظام العسكري على نفسه بفقدان البوصلة وانعدام الرؤية الاستراتيجية لديه مما يجعله يمارس سياسة خارجية لا تحمل من اسم السياسة سوى الاسم.

وأوضح الفلاح في تصريح ل "أنفاس بريس" أن  المشكلة الرئيسية للنظام الجزائري تتمثل في كونه لا يحاول فهم المتغيرات الإقليمية والدولية التي تؤثر في ملف الصحراء المغربية، علما أن الاعتراف الدولي المتزايد بمغربية الصحراء يعني أن القضية قد حسمت،  وأننا دخلنا مرحلة إنهاء النزاع في احترام تام للشرعية الدولية والحلول التي يقدمها القانون الدستوري المقارن من أجل تحديد معالم مخطط الحكم الذات وشكل تفعيله بالأقاليم الجنوبية الصحراوية للمغرب.