السبت 23 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

يوسف لهلالي: عندما تصبح أفكار اليمين المتطرف حول الهجرة في صلب القمة الأوربية

يوسف لهلالي: عندما تصبح أفكار اليمين المتطرف حول الهجرة في صلب القمة الأوربية يوسف لهلالي

عندما كان قادة الاتحاد الأوربي يعقدون قمتهم الأخيرة17 و18 أكتوبر) ببروكسيل اختارت رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني هذا اليوم لنقل عدد من المهاجرين خارج إيطاليا، نحو البانيا، ليس من اجل اعادتهم الى بلدانهم الاصلية او بلد العبور بل من اجل نقلهم الى مراكز خارج إيطاليا من اجل دراسة وضعيتهم. بمعنى ان إيطاليا كلفت بلدا اخر من اجل إيواء مراكز حجز المهاجرين واللاجئين ودراسة وضعيتهم خارج التراب الإيطالي، وهي فكرة ليست جديدة، فقد استعملتها بريطانيا في السابق دون ان تنجح من خلال نقلها هي الأخرى لمهاجرين الى رواندا من اجل دراسة ملفاتهم. إيطاليا قدمت نفسها في هذه القمة باعتبارها بلدا وجد حلا لوقف الهجرة اغير النظامية، وهي إشارة الى المجلس الأوربي والى القمة الاوربية من اجل تمويل هذا المقترح الإيطالي المكلف جدا والمنعدم الفعالية وانتقدته العديد من البلدان الاوربية الكبيرة التي تستقبل أكبر عدد من المهاجرين مثل المانيا. وقال المستشار الألماني أولاف شولتس أمام الصحافة إن هذه المراكز ليست سوى "قطرة في بحر" و"ليست حلا" لـ "الدول الكبرى" مثل ألمانيا.


في نفس الاتجاه صارت تصريحات رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو أن هذه "المراكز" "لم تثبت أبدا في الماضي" أنها "فعالة جدا وكانت دائما مكلفة للغاية".


فيما اعترضت اسبانيا بشكل واضح على هذا الاقتراح فيما تلزم فرنسا الحذر داعية إلى "تشجيع العودة حين تسمح الظروف بذلك"، بدلا من ترحيل المهاجرين "إلى مراكز في دول أخرى". والموقف الفرنسي تحكمه اعتبارات متعددة منها رغبة الحكومة ووزير الداخلية برونو روتايو تقديم قانون جديد للهجرة مطلع هذه السنة يكون أكثر تشددا. وهو ما يمكن الحكومة من الهاء التجمع الوطني وانصاره الذي يتوفر على فريق برلماني كبير بالجمعية الوطنية، وحاجة الحكومة اليه لتجنب ملتمس رقابة يمكن ان يطيح بالحكومة.

 

هذه التصريحات والمواقف الاوربية جاءت لرد على الاتفاق الذي أبرمته إيطاليا بقيادة جورجيا ميلوني، رئيسة الحكومة وزعيمة حزب "إخوة إيطاليا" اليميني المتطرف، مع ألبانيا، حيث أرسلت يوم الخميس الماضي أول المهاجرين الذين تم اعتراضهم في المياه الإيطالية.

 

وعلى هامش هذه القمة نظم الإيطاليون اجتماعا غير رسمي بحضور ميلوني لتشجيع "هذه الحلول التي اقترحتها روما لمواجهة الهجرة، وشاركت فيه حوالي عشر دول بينها هولندا واليونان والنمسا وبولندا والمجر، في هذا اللقاء، حضرته رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لايين. وهو ما يعكس الوضع المركزي الذي أصبح يتمتع به ملف الهجرة في بلدان الاتحاد الأوربي وذلك ضغط أحزاب اليمين المتطرف التي تسجل تقدما سياسيا كبيرا في العديد من دول أوروبا. خاصة ان المندوبية الصادقة اقرت في شهر يونيو الماضي الميثاق الأوربي للهجرة الذي اثار سخط المنظمات العاملة في مجال الهجرة.


وقالت زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبن التي حضرت في بروكسل اجتماعا لكتلة "وطنيون من أجل أوروبا" وهي ثالث قوة سياسة في البرلمان الأوروبي بعد انتخابات يونيوالاخيرة، إن البعض في الاتحاد الأوروبي "يسمعون ما كنا نقوله منذ سنوات". بمعنى ان أحزاب اليمين المتطرف حتى قبل ان تصبح في الحكم بأوروبا أصبحت أفكاره في صلب القمة الاوربية.

 

رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لايين عبرت عن رغبة المندوبية الاوربية في اقتراح قانون جديد حول الهجرة في رسالة وجهتها الى الدول ال 27. من شأنه مراجعة "توجيهات العودة" الصادرة عام 2008، من أجل تسهيل عمليات الترحيل والطرد على الحدود الاوربية .واذا اصبح الاوروبيون اليوم متفقون حول سياسة التشدد والصرامة تجاه الهجرة المستلهمة من أفكار اليمين المتطرف الأوربي ، فان الاختلافات مازالت مستمرة حول الطريقة المثلى لذلك وحول طريقة حماية الحدود الخارجية، وكذلك لاختلاف الوضع الجغرافي بين بلدان توجد على الحدود الاوربية مثل إيطاليا ،اسبانيا واليونان والمجر وبلدان للعبور او الاستقرار مثل فرنسا وألمانيا وهولندا بالإضافة الى الضغط الذي يشكله تصاعد اليمين المتطرف في مختلف البلدان الاوربية، وراينا المثال الألماني حيث اضطرت حكومة شولتز الاشتراكية الى تعطيل اتفاقية شغنن من اجل الحد من تصاعد قوة اليمين المتطرف في الانتخابات التي عرفتها بعض الجهات بألمانيا وهو ما مكن حزب شولتز من الحفاظ على تقدمه الانتخابي بهذه المناطق، فكل بلدان اوروبا اليوم بما فيها فرنسا وألمانيا وهما البلدان الاساسيان بأوروبا و هم رهائن لدى تيارات اليمين المتطرف التي أصبحت افكارها حول الهجرة تطبق بأوروبا حتى قبل ان تتسلم زمام الحكم . .