الجمعة 22 نوفمبر 2024
اقتصاد

في اليوم الدولي للمرأة القروية.. مليكة ديكار تتحدث عن تجربتها الرائدة بإقليم اليوسفية

في اليوم الدولي للمرأة القروية.. مليكة ديكار تتحدث عن تجربتها الرائدة بإقليم اليوسفية مليكة ديكار رفقة الزميل آحمد فردوس
نظمت عمالة اليوسفية يوم الخميس 17 أكتوبر 2024، لقاءا تواصليا بمناسبة اليوم الدولي للمرأة القروية، حيث اعتبر عامل الإقليم هذا اليوم كـ "محطة للوقوف على ما تم تحقيقه على المستوى الوطني والجهوي والمحلي بخصوص ضمان ولوج المرأة القروية للخدمات الاجتماعية الأساسية كالتعليم والصحة والرعاية الاجتماعية... وأيضا ما تم اتخاذه من تدابير للحد من الفوارق الاجتماعية المجالية والعنف الاقتصادي والاجتماعي على اعتبار أن المرأة القروية تشتغل في ميدان الفلاحة وأعمال غير مؤدى عنها لفائدة الأسرة".
 
وذكر عامل الإقليم محمد سالم الصبتي في كلمته بحق النساء السُّلاَلِيَات "حقهن من الاستفادة من التعويضات العينية والمادية الناجمة عن المعاملات العقارية التي تعرفها أراضي الجموع وذلك إسوة بإخوتهم الرجال وكذا الحق في الانتفاع من الأراضي الجماعية دون أي تمييز".
 
وبعد تقديم مجموعة من العروض ذات الصلة بمنجزات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بإقليم اليوسفية، أو قطاع التعليم إلى جانب قطاع الصحة والتعاون الوطني، تم الوقوف على تجربة الشابة مليكة ديكار، وهي تجربة رائدة وجد متميزة، وتعتبر من التجارب الناجحة بإقليم اليوسفية، وتخص تعاونية الأعشاب العامة بدوار لَعْمَامْرَةْ بتراب جماعة رأس العين بإقليم اليوسفية، تتقاسمها جريدة "أنفاس بريس" مع قرائها تعميما للفائدة.
 
في تعريف الشابة الطموحة مليكة ديكار لتجربتها الرائدة تحدثت عن تعاونية الأعشاب العامة "وهي تعاونية خاصة بنساء العالم القروي بجماعة رأس العين، والتي تم تأسيسها سنة 2017، حيث تشتغل على زراعة وتجفيف وتقطير الأعشاب العطرية والطبية، وبالخصوص المنتوج المجالي المعروف بالمنطقة وهو "النَّعْنَاعْ الَمْعَاشِي" 
 
وأوضحت نفس المتحدثة بأن "أجدادنا كانوا يطلقون على النعناع لمعاشي اسم "سَلْكْ الذّْهَبْ" ـ في إشارة إلى قيمته وفوائده،  لكن في فترات معينة ومع استعمال بعض المواد الكيماوية عرفت هذه النبتة العجيبة تراجعا على مستوى القيمة الاستهلاكية، بعد أن تراجع الإقبال عليه من طرف المستهلكين بشكل مهول".
 
وهذا العامل السّلبي الذي تأثر به المنتوج المجالي، دفع تعاونية الأعشاب العامة بجماعة رأس العين، لردّ الاعتبار للنّعناع لَمْعَاشِي "اشتغلنا في التعاونية على إعادة الاعتبار لنبتة النعناع المعاشي، وأرجعنا له قيمته الطبيعية والبيولوجية، كونه يمثل تراثا طبيعيا بالمنطقة، وعملنا على التعريف بقيمته على الصعيد الوطني، ونشتغل اليوم في أفق إشعاع وترويج نبتة النعناع المعاشي على المستوى العالمي". تقول مليكة ديكار. 
 
مسار اشتغال نساء التعاونية القرويات عرف عدة إكراهات وتحديات ذاتية وموضوعية في بداية مشوارهن "لكن إصرار المرأة القروية بالمنطقة على شق طريق النجاح، جعلن من كل الإكراهات تحديات مستقبلية وجب التغلب عليها، واعتبرت تلك الإكراهات في نظر النساء القرويات قوة وتشجيع لهن والعمل بصبر وجدية من خلال التعاون وتظافر الجهود بين العديد من المؤسسات التي واكبت مشروع تعاونية الأعشاب العامة منذ انطلاقة المشروع" حسب شهادة مليكة ديكار
ورغم الصعوبات والإكراهات التي كانت تقف في وجه نساء القرية فقد توج مسار تعاونية الأعشاب العامة بعدة شواهد تقديرية وجوائز تحفيزية من بينها "الشهادة البيولوجية" أو "شهادة لبيو" من خلال مشاركتها في مجموعة من الأنشطة والمعارض والأروقة ذات الصلة بالمنتوجات المجالية محليا وإقليميا ووطنيا، ورغم القيمة المالية البسيطة لبعض الجوائز إلا أن التعاونية استثمرتها في التجهيزات المتعلقة بالتقطير وفق المعايير القانونية بفضل المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية.
 
هكذا انطلقت تعاونية الأعشاب العامة لتشق طريق الإشعاع خارج المغرب وتفتح أبواب إفريقيا ـ السينغال ـ وبعض الدول العربية ـ الإمارات العربية المتحدة ـ والأمل يحدو التعاونية للترويج لمشروعها البيولوجي المرتبط بالنعناع المعاشي، ومدّ جسور العبور للترويج للمنتوج المجالي خارج الوطن سواء بكندا أو فرنسا وإسبانيا والبرتغال كحلم يراود الشابة مليكة ديكار ونساء التعاونية . 
 
ومن أهم الجوائز التي استحضرتها الشابة مليكة تلك التي حصلت عليها بمعرض الاقتصاد الاجتماعي والتضامني بالدار البيضاء، أو بالمعرض الجهوي بجهة مراكش أسفي، فضلا عن جائزة التمييز للنساء القرويات الفلاحات على الصعيد الوطني.
 
بالنسبة لها يشكل دوار لَعْمَامْرَةْ بتراب الجماعة القرية رأس العين "مسقط الرأس، نقطة ضوء ساطعة تنير طريق المجد لتعاونية الأعشاب العامة"، وقالت في هذا الصدد "حُبْ لَبْلَادْ يجعل المرأة قادرة على العطاء بفضل التشجيع والتحفيز، ويحول تطلعات وأحلام نساء القرية إلى حقيقة، على اعتبار أنهن حرصن على الولوج من باب محو الأمية، واستطعن أن يتعلمن القراءة والكتابة لمواكبة التطور الحاصل على مستوى الاقتصاد الاجتماعي والتضامني وفهم قوانينه وكيفية التدبير والتسيير وتحمل المسؤولية ومواجهة كل التحديات والصعاب".
 
ولتنويع موارد النساء الفلاحات بدوار لَعْمَامْرَةْ عملت تعاونية الأعشاب العامة على الإشتغال على مشروع السياحة التضامنية بالمنطقة، بحكم أن التعاونية شريك ضمن الشبكة المتوسطية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني على المستوى الوطني، والتي تقوم بدور الوساطة لاستقطاب سياح أجانب من إيطاليا وفرنسا، وفي هذا السياق قالت مليكة "يتم اليوم استقبال وفود السياح الأجانب لدوار لَعْمَامْرَةْ، وتوزيعهم على سِتِّ خَيْمَاتٍ "دُورْ الضِّيَّافَةْ" المفروشة والمجهزة وفق معايير وشروط الاستقبال والإقامة والتغذية مع توفير كل سبل الراحة".
 
وتحدثت مليكة ديكار بألق وهي تصف الدوار كبنية استقبالية سياحية "لا نتوفر بدوار لَعْمَامْرَةْ بجماعة رأس العين على مناظر طبيعية و سياحية مثل الغابة والنهر...باستثناء موروثنا الثقافي الشعبي، وتراثنا اللامادي، وعاداتنا وتقاليدنا القروية ذات المعنى الاجتماعي والإنساني" وأضافت موضحة بأنها تفتخر كون المنطقة معروفة بـ "تقديم كؤوس الشاي الْمُنَعْنَعْ بنبتة النعناع المعاشي الطبيعي، وأنواع من أطباق مطبخنا البسيط /السهل الممتنع، الساحر والجميل...مثل إعداد أنواع الفطائر والخبز البلدي" وأكدت بأن هذه الأنشطة البسيطة هي التي تقدمها نساء القرية للسياح الأجانب في أجواء جد مريحة ومطمئنة وآمنة إلى جانب "مجموعة من الأنشطة المتنوعة ذات الصلة بثقافة إعداد وشرب الشاي بالنعناع المعاشي" الذي تنظم التعاونية لكيفية إعداده وتقديمه وفق الطقوس والعادات مسابقات لترسيخ ثقافته لدى السياح الأجانب
 
واسترجعت واقع حال المرأة القروية سابقا بنفس الدوار بقولها: "في الوقت الذي كانت فيه المرأة بدوار لَعْمَامْرَةْ لا تغادر عتبة بابها، وتعاني من الأمية، فقد أضحت اليوم شريكا أساسيا في تنويع الأنشطة الفلاحية ذات الصلة بزراعة وتقطير الأعشاب الطبية والعطرية، وتحملت مسؤوليتها في الخروج من البيت ومشاركة الرجل في عملية إدارة أعماله البسيطة، وفتح لها المجال لإبداء الرأي وفرصة محو الأمية والبحث عن فرص أخرى لمواجهة تكاليف الحياة الصعبة من خلال "دار الضيافة" واستقبالها للسياح الأجانب والسائحات الأجنبيات ومشاركتهن كل الأعمال سواء داخل المطبخ أو بمرافق أخرى ترتبط بثقافة العالم القروي".
 
الجميل في هذه التجربة الرائعة التي خرجت من رحم المعاناة والكفاح بإصرار النساء القرويات أن كل السياح الأجانب الذين يفدون على دوار لعمامرة بجماعة رأس العين بإقليم اليوسفية، يعيشون الحياة بمعناها البسيط والجميل في أجواء عائلية يفتقدها الإنسان في ظل العديد من المتغيرات، حيث يستنبطون من خلالها قيم المجتمع المغربي المشبعة بالتسامح والإخاء، ويتعرفون على تقاليد وعادات النساء القرويات بالمنطقة وعلاقتهم بالأرض وبمحيطهن الاجتماعي. بعد أن تحول الدوار إلى نقطة جذب للسياحة التضامنية، وانخرطت فيه الساكنة نساء ورجالا بعشق كبير نظرا للوقع الاجتماعي والاقتصادي الذي انعكس على الوسط القروي بدوار لعمامرة.
 
في هذا الصدد قالت ملكية ديكار "لا أخفيكم سرّا إن قلت لكم أن السياح الأجانب لما يحين وقت مغادرتهم وإعداد حقائبهم للسفر إلى بلدانهم يفترقون مع أهالي الدوار بالبكاء والعناق الحار، وخصوصا السائحات الأجنبيات اللواتي يرتبطن عاطفيا ووجدانيا مع محيط المرأة القروية" واعتبرت في حديثها أن "السياحة التضامنية تجربة مشجعة للمرأة القروية"
   
               
وحكت قائدة هذه التجربة الرائدة بإقليم اليوسفية عن قصة الطفلة الإيطالية الصغيرة، "سيسيليا" التي رافقت عائلتها في زيارة سياحية لدوار لعمامرة، حيث تزامنت الزيارة مع تهيئة الحدائق والفضاءات البيئية بالدوار بشكل جماعي، فضلا عن إحداث حديقة عامة للساكنة والسياح الأجانب، وكانت التعاونية قد وضعت برنامجا بيئيا يرتبط بضرورة غرس شجرة لكل سائح وسائحة، حيث كانت الطفلة الإيطالية "سيسيليا" من بين المبادرات إلى غرس شجرتها الأولى بحديقة دوار لعمامرة، وهكذا بعد أيام تقرر إطلاق اسم "سيسيليا" على الحديقة.
 
المفاجأة السارة، أن فوجا من السياح الأجانب قام بزيارة سياحية لدوار لَعْمَامْرَةْ، حيث التقط أحد السياح الإيطاليين صورا ليافطة حديقة "سيسيليا"، وبعت بالصور للطفلة سيسيليا، التي غمرتها الفرحة، وهي ترى تخليد اسمها وزيارتها بيئيا، فقررت العودة للدوار، محملة بالعديد من الهدايا والُّلعَب والملابس لأبناء المنطقة، بالإضافة إلى استيرادها لطلبيات تخص "النعناع المعاشي"، لكن رسالتها العاطفية كانت تصرخ بنداء مشاعر الحب والدفء الإنساني.