الصحة والعدالة وجهان لعملة واحدة، فالدولة في شخص الحكومة المكلفة بالسلطة التنفيذية من أوجب واجباتها ضمان ذلك.
فالصحة حق للمواطن لحفظ بدنه، والعدالة حق له لحفظ كرامته؛ لذلك كان توجه الحكومات السابقة والحالية تماشيا مع التعليمات الملكية، ليحظى جميع المغاربة بالتغطية الصحية وبصفة إجبارية، وذلك ما كان وشرع في تنزيله.
وكذلك الحق في الولوج المستنير للعدالة والحق في الدفاع باعتباره حقا دستوريا، كان يتعين على الحكومة تنزيله في مشاريع القوانين، ولا سيما قانون المسطرة المدنية، فالحق في المحاكمة العادلة، وفي ولوج مستنير للعدالة تماشيا مع التوصيات المنصوص عليها في خطة إصلاح منظومة العدالة المرفوعة إلى الملك محمد السادس من طرف وزير العدل السابق مصطفى الرميد، كانت تتضمن ذلك، لأن حق المواطن في ولوج عادل ومتساو للقضاء، لا يتم إلا عبر تحصين حقوقه وتمتيعه بدفاع مؤهل ضمانا لحقه، اعتبارا لكون لا أحد يعذر يجهله للقانون وهي قاعدة دستورية، فكيف بالمواطن لا يعذر بجهله للمادة القانونية، ومع ذلك تفتقت عبقرية حكومة رؤوس الأموال الحالية في شخص وزير العدل، أن يرمي بالمواطن إلى براثين وأنياب الشركات والأبناك والمؤسسات المالية بإعطائه طعما بمثابة سم في العسل، برفع الحق في التقاضي دون محامي إلى مبلغ معين وهو كبير نسبيا، ولا يخدم إلا مصالح شركات التأمين وشركات القروض والأبناك في مواجهة المواطن، لأن دفاع المواطن عن حقه في تلك القضايا تجعله مفتقرا إلى أبسط أبجديات التقاضي وهو الإلمام بالدفوع. فهل يستطيع الدفع بعدم الاختصاص عند وجود شرط التحكيم في عقد القرض؟وهل بإمكانه إثارة الدفع بعدم القبول لعدم سلوك الوساطة في قروض الاستهلاك، وهل بإمكانه اللجوء لمسطرة الإمهال القضائي وضبط قواعدها عند توافر شروطها؟ وغير ذلك من الدفوع التي شرعت للمواطن وكرسها القضاء.
يمكن التأكيد أن مشروع قانون المسطرة المدنية الحالي هو شرع خدمة للوبيات الأبناك وشركات التأمين ومؤسسات الائتمان والشركات الكبرى التي ضاقت ذرعا من الدرع الواقي للمواطن المقهور في مواجهتها وهو المحامي، وذلك من خلال ما يقبل عليه من مساطر ويقدمه من دفوع لفائدة هذا المواطن المغلوب على أمره وحال دون نهشه، فما كان منها إلا أن استنجدت بوزير يفهم في كل شىء إلا منح الحق للمواطن في ولوج مستنير للعدالة، وفهم أن الولوج المستنير للعدالة هو إزالة الجدار الواقي للمواطن أمام تغول لوبيات الاقتصاد لينير الطريق لتلك الشركات لنهش المواطن تحت ذريعة حماية مصالحه.
إن توصيات إصلاح منظومة العدالة التي رفعت إلى الملك محمد السادس بعد نقاش مجتمعي مستفيض دام لسنوات، بعد رياح التغيير التي جاءت بعد الربيع العربي من أجل منح المواطن جرعة حقوقية مهمة تم الالتفاف عليها من طرف وزير العدل في الحكومة الحالية وضرب بها عرض الحائط وعوضها بمقترحات مطالب لوبيات المال والأعمال.
هل يستطيع وزير العدل الحالي أن يعطينا حسنة واحدة تضمنها مشروع المسطرة المدنية لفائدة المواطن؟
هل التوصيات التي رفعت إلى الملك كان محورها هو المحامي باعتباره هو الذي يعرقل العدالة وهو الحاجز بين المواطن والقضاء ام هو صمام الأمان؟
هل التوصيات التي رفعت إلى الملك كان محورها هو المحامي باعتباره هو الذي يعرقل العدالة وهو الحاجز بين المواطن والقضاء ام هو صمام الأمان؟
المطلع على المشروع الكارثي الحالي سيقف على أنه لا يحمل ذرة واحدة من المشروع المجتمعي المقدم من طرف حكومة المصطفى الرميد المرفوع للملك ومنه تم تنزيل استقلال السلطة القضائية في انتظار تنزيل باقي التوصيات، التي يتضح أن الوزير الحالي رماها في سلة المهملات وأخرج مشروعا هجينا وضع من طرف اللوبيات الاقتصادية لإزاحة صمام أمان المواطن في ولوج مستنير للعدالة وهو المحامي، وكأنه ذلك المسمار الذي يدمي قدم تلك الشركات، ووجدت الفرصة في وجود وزير يكره الحق ويكره العدل ويكره المساواة ويعشق كل ما يذهب عكس ذلك.
يا وزير العدل دورك تنزيل التوصيات المقدمة الملك في إطار الحوار المجتمعي المتعلق بإصلاح منظومة العدالة، والتي كان همها المواطن وليس حرمانه حقه في ولوج مستنير للعدالة ولن يتأتى له ذلك إلا باستعانته بمحامي مؤهل للدفاع عن مصالحه بكل حرية واستقلال وتجرد بعيدا عن سيف الغرامات التي يعج بها مشروعكم.