الخميس 12 سبتمبر 2024
جالية

مهاجرون يتاجرون في "الخردة الأوروبية" ويسوّقونها في إجازتهم في صيف 2024

مهاجرون يتاجرون في "الخردة الأوروبية" ويسوّقونها في إجازتهم في صيف 2024 مهاجرون مغاربة يتاجرون في الخردة
يتطلع المهاجرون المغاربة القادمون من الخارج، بشوق كبير لزيارة بلدهم، سيما في فصل الصيف، لقضاء عطلهم السنوية بين الأهل والأحباب، الذين لا تكتمل فرحة أو زفاف أحدهم إلا بقدوم ابن أو أخ أو قريب من بلد بعيد، إلى جانب استمتاعهم بشمس المغرب الدافئة وبجمال مدنه وشواطئه.
 
يجمع هؤلاء المهاجرين العدة، ويحزمون أمتعتهم وحقائبهم، قاطعين مسافات طويلة تعد بآلاف الكيلومترات، صوب أرض الوطن ونحو المدن والقرى النائية التي يتحدرون منها، غير أبهين بعناء ومشقة السفر، فالشوق لرؤية الأحبة ينسيهم كل المتاعب.
 
"أنفاس بريس" رصدت الظاهرة في سوس ونقلت إلى قراءها حجم المعاناة بحجم الغربة وشوق الأسرة.
شهادات مريرة بحجم المعاناة..
 
فرحة المهاجرين بالعودة كبيرة، لا تضاهيها إلا فرحة الالتقاء بالأهل، الذين يستعدون لاستقبال أبنائهم وأسرهم، بعد غياب طويل، هذا اللقاء يشكل بالنسبة لهم حدثا سعيدا، إذ يضفي عليهم جوا من الفرح، والسعادة بعد فراق طويل، لكن بمجرد قدوم هؤلاء إلا وتصادفهم مشاكل متباينة، هذا ما استطاعت المغربية أن تستشفه من شهادات بعض المهاجرين، الذين التقتهم في سوس.
 
ومن بين هؤلاء أحمد بوفران (46 سنة)، مهاجر في فرنسا، يقضي عطلته الصيفية بالمغرب رفقة أسرته الصغيرة، الذي أفاد في دردشة مع "أنفاس بريس" أنه يقيم بفرنسا منذ 20 سنة، لكن الحنين والشوق للوطن وللأهل، يجعله لا يخلف موعد زيارته للمغرب مطلع كل صيف، بالرغم من المصاعب التي يتضايق منها، منذ أن تطأ قدماه أرض الوطن، إلى أن يغادره، متجها صوب بلد إقامته بأوروبا، ومن ضمنها، مسألة التأمين، التي تفرض على جميع أنواع السيارات القادمة من الخارج، إذ يفرض عليه القانون داخل المغرب، أن يؤمن سيارته مدة شهر، بثمن يعتبره مرتفعا جدا، إضافة إلى مصاريف وتكاليف السفر والإقامة بالمغرب خلال العطلة.
 
كما أنه يشعر المتحدث، بالتعرض لبعض الابتزاز أو الاستغلال، من طرف بعض التجار الذين يستغلون عدم درايته وعلمه بالأسعار الحقيقية للمواد المتداولة في المغرب، مؤكدا في هذا الصدد أن "بعض التجار من أبناء البلد ينظرون إلى المهاجر وكأنه يحمل كنزا، ما يجعلهم يضاعفون أسعار أغلب المواد" هذا ما عاينه في بعض المطاعم، والمتاجر، وحتى في الأسواق، بل بكل مكان حل به، إذ بمجرد علم هؤلاء، بأن الزبون من المهاجرين، إلا وتقفز الأسعار عن ثمنها الأصلي، ويكون مجبرا على دفعه، ويبقى المهاجر الضحية الوحيد، في ظل غياب مراقبة مستمرة، خاصة في هذه الفترة من السنة، حسب المهاجر.
 
مهاجرون يتاجرون في "الخردة"
من ضمن استعدادات بعض المهاجرين المغاربة، قبل حلول فصل الصيف، للعودة إلى أرض الوطن، جمعهم لأمتعة وبضائع أغلبها مستعمل، راكموها طيلة السنة، من أجل إعادة بيعها في الأسواق أو في بعض المتاجر التي يملكونها بالمغرب.
 
الظاهرة تضاعفت في جل المدن المغربية تقريبا، إذ أن هناك أسواق اكتست شهرة وطنية، في بيع الملابس والأحذية والأواني المنزلية المستعملة والمجلوبة من أوروبا، يتهافت المتبضعون على اقتنائها نظرا لانخفاض ثمنها، بينما يرى آخرون، أنها أشياء غير صالحة، وان هؤلاء التجار يقدمون خدمات جليلة لأروبا نظرا لكونهم يخلصونها من هذه النفايات أو " الخردة" التي تلقي بها، بينما يعتبرها التجار المهاجرون أشياء صالحة لإعادة بيعها، والاستعانة بثمنها على تغطية تكاليف السفر، وحل بعض المشاكل.
في هذا الصدد، قال بوشعيب لحليكي (56 سنة،) مهاجر من إيطاليا وصاحب متجر بالحي المحمدي، يتاجر في الأحذية، والأواني المنزلية المستعملة"، لـ"أنفاس بريس"، إنه أصبح مجبرا على المتاجرة في هذه الأشياء، التي جلبها معه من هناك، لتغطية مصاريف سفره هو وأسرته، سيما أنه عانى كثيرا من الأزمة الاقتصادية العالمية هذه السنة، التي كان وقعها كبيرا على الجالية المغربية.
 
 
وأكد نفس المتحدث أن "الوضع أصبح صعبا بالنسبة للجالية المغربية المقيمة بإيطاليا، نتيجة للازمة الاقتصادية التي أصبح يعاني منها حتى الايطاليون أنفسهم، خاصة بعدما أصبح يطبق عليهم ما يعرف "بالبطالة التكنيكية"، يعني أن العامل يمكنه الاشتغال شهرا، مقابل أن يشتغل الشهر الموالي شخص آخر مكانه، مما زاد في تأزمه"، مضيفا أنه يفكر في أن يستقر هو وأسرته بأرض الوطن، وأن يسجل أبناءه بمدارس بالمغرب، لأنه يملك منزلا من طابقين وبه متجر يبيع فيه السلع التي يجلبها معه من الخارج، كما أن لديه سيارة أجرة صغيرة، مشددا على أن "الغربة صعبة جدا، ويجب على المهاجر أن يعمل ألف حساب للعودة إلى بلده في فترة إجازته السنوية.
 
وتعتبر الجالية المغربية من أكثر الجاليات المتعلقة والمرتبطة بشكل قوي ببلدها، إذ تتطلع لقدوم فصل الصيف لأخذ العطلة والتوجه نحو أرض الوطن، لمعانقة الأحباب، بعد سنة كاملة من الفراق، محملين بالهدايا، غير مبالين بعناء وتعب المسافات الطويلة التي يقطعونها لمدة يومين أو ثلاثة أيام.
 
 
فرحة هؤلاء المهاجرين وشوقهم لملامسة أرض الوطن، ورؤية الأحباب تنسيهم ما عانوه من مشاكل في بلدان الإقامة جراء الأزمة الاقتصادية التي عرفها العالم، وكانت انعكاساتها قوية على مغاربة أوروبا، فضلا عن المشاكل المتنوعة، التي تصادفهم داخل أرض الوطن.