الاثنين 25 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

عبد الرفيع حمضي: ترامب.. وللضحية نصيب

عبد الرفيع حمضي: ترامب.. وللضحية نصيب عبد الرفيع حمضي
علم الضحايا victimologie كان سابقا إحدى المواضيع التي اهتم بها الباحثون في علم الإجرام والقانون الجنائي بشكل عام. ولم يأخذ مكانه كحقل علمي ومعرفي متخصص إلا في بداية السبعينات، بعد البحث الذي نشره أستاذ علم الإجرام الألماني von Hentig تحت عنوان " ملاحظات حول التفاعل بين مرتكب الجريمة والضحية " حيث ساهم في إبراز هذا العلم باعتباره الدراسة العلمية للضحية بما في ذلك العلاقة بين الضحية والجاني.  وحدود دور الضحية في الجريمة. والتفاعل بين الضحية ونظام العدالة الجنائية، والعلاقة بين الضحية  والجماعات، والمؤسسات ووسائل الإعلام .

إن مناسبة هذا الكلام هو الفعل الإجرامي الشنيع الذي تعرض له الرئيس الأمريكي السابق والمرشح  لرئاسيات الانتخابات الأمريكية  ليوم الثلاثاء الموالي للاثنين الأول من شهر نونبر .والذي يصادف هذه المرة  5 نونبر 2024 .أي على بعد 4 أشهر فقط من الآن .
مع الإشارة هذا التاريخ ثابت مند 1845 تنفيذا للفصل الثاني من دستور الولايات المتحدة الأمريكية .

وبعيدا عن دوافع les motivations هذا الفعل الإجرامي المرفوض والذي لازالت المصالح الأمنية وغيرها، تحاول ضبطه وتفكيك كل خيوطه، خاصة وأن الفاعل الرئيسي قد صفي في الحين . ولا ندري هل تصرف كذئب منفرد أم ماذا؟.

إن القاسم المشترك للإدانة الدولية والتضامن الرسمي الجماعي لهذا الحدث، هو أن العنف السياسي والناري لا مكان له في مجتمع عقيدته الممارسة السياسية الديموقراطية أصلا .

وفي انتظار ما ستسفر عليه FBI وغيرها من الأجهزة الأمنية المتعددة .لابد من التسجيل أن الانقسام Division الذي أصبح يعرفه المجتمع الأمريكي، هو محل اجماع المثقفين والسياسيين والعامة، والخلاف هو فقط حول جوهره وحدوده ونوعه. وماذا سيسفر عنه؟ ومتى؟
 
 
الأميركان الأكثر حدة  يعتبرون أن ما تعرفه بلادهم الآن من انشطار لم تعرفه منذ (حرب الانفصال)  La guerre de sécession لسنة 1861 حيث كان من شأنها أن تعصف بالبلاد والعباد والتي دارت رحاها حول الموقف من العبودية.

ولعل أهمية هذا الرأي هو أنه الآن، الخلاف بين الفريق الأحمر (الجمهوريون ) و الفريق الأزرق ( الديمقراطيون) قد تجاوز  بكثير حدود البرامج الانتخابية، التي مهما كان تبقى وجهة نظر سياسية وتدبيرية صرفة، وامتد وتمطط الخلاف،وأصبح ثقافي، إيديولوجي، وهوياتي . ويدور أساسا حول الموقف من الإجهاض ومن الإعدام ومن زواج المثليين وعن دور الأسرة في المجتمع، وقبل هذا وذاك مكانة الدين في الحياة العامة.

حيث يرى الأستاذ Hans-Georg Betz في كتابه États-Unis : une Nation  Divisée “أنه على الأقل منذ سنة 2000 أصبح الدين يلعب دورا تقريريا في الانتخابات الأمريكية، فقد حسم اليمين المسيحي إعادة انتخاب بوش سنة 2004 .بل إن الديموقراطية نفسها لم تعد القاعدة المشتركة للأمريكيين، حسب نفس الكاتب . 

وسيكون من الخطأ الاعتقاد أن هجوم أنصار ترامب على capitole مقر الكونغريس الأمريكي في يناير 2021 -رمز  السيادة الأمريكية -كان مجرد حادث معزول fait divers ، لقد أكد أكثر من 30% من أنصار ترامب أن استعمال العنف السياسي بكل اشكاله مباحا .إذا كان ضروريا كما أن 50% من الأمريكيين يتحرزون se méfient من النظام الانتخابي الأمريكي، حسب استطلاع للرأي أنجزه معهد Morning consulting  .  كما أن الجماعة القريبة من ترامب  les proud Boys ذات الطبيعة paramilitaire  صنفت تنظيم إرهابي من طرف كندا وموضوعة تحت مراقبة الأمن بالولايات المتحدة الأمريكية .هذه الأجواء هي التي تخيم على المجتمع الأمريكي.

وفي الختم فإذا كان المراقبين المهتمين بالشأن الأمريكي يرون أن (أسطورة الوحدة) الأمريكية قد اهتزت بشدة خلال فترة حكم دونالد ترامب فإنه من الثابت أن صعود  الشعبوية وخطاب ترامب منذ 2016  المحرض على العنف والكراهية المجتمعية كان له نصيب فيما حدث يوم 13 يوليوز وما سيحدث،إ لا أن انزلاق الفريق  الآخر  الديمقراطي بقيادة بايدن  وتشبيهه لخصمه ترامب،  بزعيم النازية أودلف هتلر، يفتح وطن جورج واشنطن على كل الاحتمالات الممكنة وغير الممكنة. اليس في شارة القوة لترامب وهو جريح وخروجه بعد  بأول تويت بنفحة دينية هي استنجاد باليمين المسيحي لخلط الأوراق انتخابيا ؟