اكتساح الرقمنة لكل مناحي الحياة، والتوظيف السيئ أحيانا للثورة المعلوماتية من طرف شباب المغرب وأطفاله، هي عوامل من بين أخرى تركت آثارا سلبية على فعل القراءة الذي تراجع بشكل مهول، لحد أن العشرات من المكتبات على امتداد الترابي الوطني أغلقت أبوابها بعد أن جفت ينابيع النشر، وتحولت إلى مقاهي وحدها صورة ابحار الزبناء فوق تضاريس منصات التواصل الاجتماعي تؤثث فضاءاتها، وأضحى الكتاب والجريدة والمجلة غرباء وأيتام بهذه الفضاءات التي شكلت على مدى عقود أندية ثقافية داع صيتها.
هذا الوضع الذي يشي باليأس ويفتح الباب أمام المجهول، يستدعي خلق مصالحة بين الأجيال الجديدة وفعل القراءة بعد أن اتسع الشرخ بينهما بشكل مستفحل، وهو ما يستوجب وضع استراتيجيات لتنمية القراءة لدى الأطفال والشباب من الجنسين من أجل ربح رهان تطور المجتمع الذي تساهم القراءة بشكل وازن في ذلك.
في هذا الإطار جاء تنظيم المديرية الجهوية للثقافة بجهة طنجة تطوان بتعاون مع جماعة وعمالة شفشاون، الدورة 12 للمعرض الجهوي للكتاب، دورة عبد الكريم الطبال تحت شعار " شفشاون: مدارات التاريخ والابداع " وذلك خلال فترة تمتد من يوم 27 يونيه إلى 4 يوليوز.
المنظمة الأهلية حركة الطفولة الشعبية بوزان التي سبق وأطلقت حزمة من المبادرات ذات صلة قوية بالتربية على القراءة، اغتنم مكتبها فرصة تنظيم المعرض الجهوي بالمدينة الزرقاء، فسارعت إلى تفعيل مصالحة فريق من أخوات وإخوان الطفولة مع الكتاب كإشارة رمزية منه لترسيخ عادة القراءة لدى هذا الجيل الذي هجر الكتاب.
وفي هذا الإطار كانت وجهة وفد " أم الجمعيات" نحو المعرض الجهوي صباح يوم الأحد 30 يونيه. وهناك ستنطلق زيارتهم لمختلف أروقة المعرض، استمتعوا في هذه الجولة بحفنة من الشروحات التي قدمها لهم/ن العارضون، نذكر منها ( الأروقة) على سبيل الذكر، رواق اللجنة الجهوية لحقوق الانسان المؤثث بمنشورات المؤسسة الحقوقية الوطنية. وقد انتهت زيارة هذا الرواق بهدية هي عبارة عن باقة من المنشورات الحقوقية ستعزز مكتبة جمعية حركة الطفولة الشعبية. أما الرواق الثاني فلم يكن غير رواق المندوبية السامية للمقاومة الذي قرب فيه منشطه أبناء الجمعية من أهم المحطات التي صنعت مغرب الجهاد الأكبر.
وعلى هامش زيارة المعرض الجهوي للكتاب، قام أخوات وإخوان حركة الطفولة الشعبية بجولة استكشافية لأهم المعالم التاريخية بالمدينة العتيقة بشفشاون، حيث عبق التاريخ يعطر الدروب. وقد لمسوا كيف أن تنظيم المجال بالمدينة، والحفاظ على هندسة عمارتها المستمدة تفاصيلها الدقيقة من الأندلس، والاحساس بالأمن بكل فضاءاتها، وتنوع وتعدد الفعاليات الفنية والفكرية والابداعية التي تحتضنها المدينة على مدار السنة، والترحيب النوعي بزوار المدينة القادمون من كل بقاع العالم، كلها فرص جعلت جرس اسم المدينة يرن في أبعد منطقة بالعالم، وهو ما ساهم في انعاش مفاصلها الاقتصادية تجني ثماره الاجتماعية الساكنة.
ملاحظة في علاقة بما سبق حسب أكثر من مصدر يوجد على مسافة السكة من المعرض الجهوي للكتاب، فإن عملية تسويق المعرض على مستوى مختلف اقاليم جهة طنجة تطوان الحسيمة لم تكن ملموسة بل يمكن الجزم بأنها انعدمت، والدليل على ذلك يشدد مصدر من داخل أروقة المعرض، هو أن حركة الطفولة الشعبية بوزان تعتبر المنظمة الأهلية الوحيدة من خارج مدينة شفشاون التي نظمت زيارة لأروقة المعرض !
إنها أم الجمعيات وكفى .