كان لقرار الحكومة في تسبيق الأجر للموظفين بالنسبة لشهر يونيو2024 لتغطية مصاريف عيد الأضحى لسنة 2024، عميق الأثر على الموظفين ، لأن التسبيق تم استهلاكه في ايام العيد وسيظل الموظف يتربص بحرقة الأجر المقبل لأكثر من 30 يوم!! .. فإلى اي حد كان قرار الحكومة صائبا؟ طرحت "أنفاس بريس" هذا السؤال على العلمي الحروني قيادي بالحزب الإشتراكي الموحد فكان رده عبر الورقة التالية:
الموظفون والمستخدمون وعموم الأجراء عادة ما يعيشون فترة التقشف في النفقات المعيشية مع بداية النصف الثاني من كل شهر،خاصة مع ضعف القدرة الشرائية بسبب غلاء أسعار جل المواد والخدمات الأساسية ببلدنا.
وكان لتزامن عيد الأضحى مع منتصف الشهر (يوم 16 يونيو 2024) أثرا في تعميق الأزمة لدى عموم الأجراء الكادحين، سببت الأزمة معاناة مركبة؛ نفسية قبل العيد ومادية بعده في الأيام الموالية.
فنفسيا؛ كان الأجراء وعموم المواطنين في حيرة من أمرهم، فكيف لهم بشراء الأضحية ورواتبهم في نهايتها، ومع اقتراب العيد والزيادة في ثمنها بما يقارب الثلث مقارنة مع السنة الماضية تعمقت الأزمة.
فئات كثيرة من المواطنين تعالت أصواتهم مطالبة بإلغاء شعيرة عيد الأضحى لهذه السنة2024، أصوات، وجدت لها عدة أسباب عمقها الفقر والحاجة خاصة مع الفترة الشهرية العصيبة التي يصادفها العيد، وظاهرها قلة رؤوس الأغنام وهدف توفيرها خاصة مع الجفاف الطبيعي الذي يعاني منه المغرب. كانت أصوات الناس نداء لرئيس البلاد بصفته أميرا للمؤمنين وبيده سلطة إلغاء عيد الأضحى كما سبق أن قام بذلك الملك الراحل الحسن الثاني مستندا في ذلك على صفته الدينية وعلى المذهب المالكي، كأن لسان المواطنين يقول "اللهم اعف عنا من سنة العيد" ولا من مجيب.
لم تجد الحكومة من بد سوى إصدار قرار " صرف الاجور يوم 12 يونيو 2024" وبهكذا قرار تفادت الأزمة التي قد تصيب الفلاحين والشناقة وأصحاب الشكارة ومن لهم " حق حصري" في استيراد الأغنام من اسبانيا وغيرها، لكنها، بنفس القرار، حلت عقدة نفسية المواطنين بتمكينهم من شراء الأضحية وأجلت الأزمة وعمقت ديمومتها إلى أجل غير مسمى. ستستمر الأزمة في شقها المادي خلال شهري يوليوز وغشت القادمين بسبب عيد الأضحى، لتحرم الأسر من الإستمتاع بالعطلة الصيفية وليحل بعدها الدخول المدرسي في شتنبر ليصل "السكين العظم" وتتراكم مخلفات الأزمة لتشمل الشهور المقبلة إلى نهاية سنة 2024. الأزمة، أزمة عيد الَأضحى مضاف إليها تأثير قرار صرف ألاجور في يوم 12 يونيو، ستشمل 565426 موظفا مدنيا، و11 مليون موظف بالقطاع الخاص حسب احصائيات 2024 ضمنهم أربعة ملايين أجير بالنسبة للنظام العام حسب احصائيات وزارة المالية لسنة 2023، وما يناهز 157000 أستاذ وأطر الدعم المفروض عليهم التعاقد بالأكاديميات الجهوية لوزارة التربية الوطنية ضمنهم أسر الموقوفين انتقاما جراء حراك التعليم، وهو ما يناهز 11 مليون ونصف أجير عطفا عن جيش من المتقاعدين يبلغ 1805224 متقاعد، دون احتساب مئات الآلاف من الموظفين العسكريين.
هكذا، ففي زمن المغرب الأخضر واستثمار ديون خارجية هائلة سترهن شعبنا لعقود بيد الصناديق المالية الإمبريالية وإملاءاتها الخطيرة، وفي زمن الدولة الإجتماعية التي تتغنى بها طبقة وكلاء النيوليبرالية المحليين المستفيدة بشكل لا أخلاقي من أزمة جائحة كورونا المعولمة، في هذا الزمن..
يأتي عيد الأضحى ليعري السياسة اللاشعبية وغير الإجتماعية للحكومة الحالية وسابقاتها، ولكشف فشل برنامج المغرب الأخضر وزيف الدولة الإجتماعية.
يأتي عيد الأضحى هذه السنة ليدق آخر مسمار في عظم الطبقة الوسطى والفقيرة بسبب تضاعف ثمن الأضحية مقارنة مع السنة الماضية بسبب عشوائية التخطيط والتدبير الحكومي الذي تؤدي الطبقات السالفة الذكر فاتوراته في حين يستفيد منه اللوبي الإحتكاري الجشع المتاجر بالأزمات، ذلك بعد إثقال كاهل المواطنين بالزيادات الصاروخية في ثمن المحروقات والنقل وقنينة الغاز والمواد الغذائية الأساسية.
وختاما، تقديم الحكومة لأجرة شهر يوليوز يعد اعترافا ضمنيا من قبلها بكون أجور الطبقة المتوسطة والفقيرة لا تكفي الضروريات في ظل الإرتفاع الصاروخي للمواد والخدمات الأساسية والزيادات الهزيلة في الأجور مما يضعف القدرة الشرائية . أما الكماليات فلها طبقة تعزف على وتر الأزمات، وهذا نتيجة حتمية لزواج السلطة بالمال الذي يفسد التجارة والحكم كما قال ابن خلدون في مقدمته.