الزميل اريري مع Levy Simon، ممثل المغاربة اليهود بالعاصمة praia، لدى زيارة مقبرة Varzia ، وفي الإطار اللوحة التذكارية عرفانا بدور الملك في حفظ ذاكرة المغاربة اليهود
هناك بلد واحد في العالم بإمكان رئيس الدولة فيها أن يكون مسلما ويمول عملية ترميم قبور يهودية توجد في مقبرة مسيحية، ويجمع الأئمة والحاخامات والرهبان في محطة لحفظ الذاكرة.
البلد هو المغرب، والرئيس هو الملك محمد السادس. والمقبرة المسيحية التي تحتضن قبورا لليهود هي المقبرة البلدية بحي "فارزيا" VARZIA بمدينة "برايا"، عاصمة "جزر الرأس الأخضر" CAP-VERT.
وحين تدخل الملك محمد السادس، لتمويل عملية ترميم قبور اليهود بدولة "الرأس الأخضر"، فلأن المسألة ترتبط باعتبارين: الأول، أن الملك هو أمير المؤمنين (مغاربة مسلمون أو مغاربة يهود ادأو مسيحيون) ، والسبب الثاني يكمن في أن القبور المعنية بالترميم تخص مغاربة يهود هاجروا في النصف الثاني من القرن 18، من مدن: تطوان وطنجة والرباط والصويرة وجبل طارق، واستقروا بجزر الرأس الأخضر، بحثا عن توسيع تجارتهم وانتهزوا الفرص التي أتاحها الاتفاق البريطاني البرتغالي عام 1862، بشكل سمح للمغاربة اليهود آنذاك أن يتموقعوا في Cap-vert، التي تحتل مكانة استراتيجية في الملاحة البحرية، بحكم أنها ممر بحري مهم في الخطوط الرابطة بين ثلاث قارات: أوربا وأمريكا وإفريقيا. علما أن هؤلاء المغاربة اليهود حين انتهزوا الفرص التي يتيحها الاتفاق البرتغالي-البريطاني، فلكونهم يتمتعون بسوابق إيجابية في التعامل مع بريطانيا في جبل طارق، وهو ما أغراهم للذهاب إلى عمق إفريقيا.
لكن كيف دخلت قبور المغاربة اليهود في Cap-vert إلى الرادار العالمي؟
الجواب نجده عند "ليفي سيمون" Levy Simon، أحد السكان اليهود بجزر "الرأس الأخضر" من أصل مغربي، الذي قال ل"انفاس بريس" بأن الصدفة لعبت دورا في إحياء أمجاد المغاربة اليهود بهذا البلد الإفريقي.
الجواب نجده عند "ليفي سيمون" Levy Simon، أحد السكان اليهود بجزر "الرأس الأخضر" من أصل مغربي، الذي قال ل"انفاس بريس" بأن الصدفة لعبت دورا في إحياء أمجاد المغاربة اليهود بهذا البلد الإفريقي.
ذلك أن صحفية أمريكية تسمى "كارول كاستييل" CAROL CASTIEL، كانت تشغل منصب مديرة للبرمجة في "صوت أمريكا"، وبالموازاة مع ذلك كانت مسؤولة داخل وكالة "USAID" الأمريكية، على برنامج تكوين الطلبة الأفارقة المنحدرين من دول ناطقة باللغة البرتغالية، بتمكينهم من منح دراسية خلال الفترة بين 1984 و1992 .
وحسب LEVY SIMON، الذي يشتغل في المجال السياحي بمدينة "برايا"، فإن الصحفية CAROL CASTIEL، تولت هذا البرنامج الأمريكي لدعم الطلبة لأنها تجيد اللغة البرتغالية. ولما كانت ترد عليها ملفات الطلبة الأفارقة من دول: الرأس الأخضر Cap-vert، ساوتومي، غينيا بيساو، الموزمبيق، أنغولا، انتبهت إلى أن بعض الأسماء تحمل دلالات يهودية، من قبيل: الكوهن، ليفي، بنشيمول، بينتو، حنون، بينروس، أناهوري، أوداي، إلخ... فسألت أحد الطلبة من Cap-vert ( واسمه حانون )، عن أصل التسمية. هذا الأخير أخبرها أنه يهودي الديانة وبأن أصل أجداده من المغرب، وكشف لها أن هناك عددا آخر من مواطنيه اليهود موزعين على الجزر العشر المكونة لأرخبيل الرأس الأخضر.
في هذه اللحظة، يمكن القول أن عداد النبش في تاريخ المغاربة اليهود بجزر "الرأس الأخضر"، انطلق من أجل حفظ ذاكرة تمتد الى 180 سنة من الحضور المغربي بهذه الدولة.
الأمر لم يكن سهلا- والكلام لمحاورنا Levy simon، الذي يشغل مهمة ممثل المغاربة اليهود بالعاصمة Praia- إذ كان على الأمريكية carol، أن تقوم بعدة رحلات بين واشنطن والرباط وبرايا، لعقد اللقاءات وجمع المعطيات وتوثيقها.
ولما نضجت الفكرة، تم عام 2007 تأسيس جمعية بأمريكا خاصة بحفظ ذاكرة المغاربة اليهود تحمل اسم:" CAP VERDE JEWISH HERITAGE PROJECT" على أساس أن تنشغل بترميم مقابر المغاربة اليهود بكل الجزر المعنية بالرأس الأخضر، وهي: SaoTiago, Santo Antao, Boa Vista وطبعا جزيرة Santiago التي توجد فيه العاصمة برايا.
وفي عام 2013 تم الإعلان عن إتمام عملية ترميم قبور المغاربة اليهود ( تحت رعاية وتمويل الملك محمد السادس)، وتم تتويج المهمة بحفل احتضنته مقبرة Varzea، وهو الحي الذي يحتضن قصر الحكومة بالعاصمة برايا.
وعرفانا بآياديه البيضاء ودوره في حفظ الذاكرة، أبى المغاربة اليهود بجزر الرأس الأخضر ، أثناء احتفالهم يوم 6 مارس 2024، بالذكرى العاشرة لترميم المقابر، إلا أن يشهروا ولائهم لأمير المؤمنين ويردوا له الجميل، عبر تثبيث لوحة رخامية تذكارية بمقبرة Varzia تشكر الملك محمد السادس على نبل موقفه بشكل بنى جسرا بين أحفاد المغاربة اليهود بجزر الرأس الأخضر ووطن أجدادهم المغرب.