يبدو أن المال خادم ممتاز يضمن لصاحبه امتلاك كل ما يريده، وخاصة إذا كان المال متوارثا، ابنا عن أب. هذا، على الأقل، ما يترجمه مقال نشرته مجلة "جون أفريك"، قبل سنوات (2014)، حول تنصيب مالك الصفريوي، نجل أنس الصفريوي ملياردير العقارات بالمغرب والرئيس التنفيذي لمجموعة الضحى، نائبا لرئيس مجلس إدارة "إسمنت الأطلس في سن الثالثة والعشرين، في حين أنه بالكاد تخرج من كلية إدارة الأعمال؛ وهذا ما يترجمه أيضا خبر اقتناء الشاب مالك نفسه (يبلغ من العمر الآن 33 سنة) لفيلا بميامي الأمريكية بمبلغ يصل إلى 15 مليار سنتيم بالتمام والكمال، مما يؤكد الصعود الصاروخي لوريث «مول الغاسول والبوصلانة» وصهر «مول الحكومة والمازوط" (عبد العزيز أخنوش)، كما يؤكد أن المال هو أعلى مراتب الحقيقة لدى هؤلاء الأثرياء.
لم يقف مالك الصفريوي على أطراف أصابعه، كبقية الخلق، ليتكاثر المال في جيوبه؛ ولم يراهن إلا على ما هبّ والده «أنس الصفريوي» لإدراكه بعدما تقيّد جملة وتفصيلا بالاستجابة لنداء «الإنعاش العقاري» القابع في الظل، إلى أن تجاوزت ثروته حاجز الـمليار دولار، مما يجعله يقدم كواحد من أقوى أثرياء المغرب «الرتبة الثالثة». بل تعززت هذه الثروة بالمصاهرة التي تمت في أبريل 2024 بينه وبين ثري آخر التي تناهز ثروته الملياري دولار وتضعه في الرتبة الأولى مغربيا، بعد زواج مالك الصفريوي بكنزة أخنوش «27 سنة» أصغر بنات رئيس الحكومة الحالية، وأحد أعمدة التسويق في مجموعة «أكوا»، والمالكة لتطبيق Hany، التطبيق المغربي المخصص للخدمات المنزلية.
وإذا كان الأثرياء لا يحرثون الماء ليراكموا الثروة، فإن أنس الصفريوي سلك طرقا متعددة على أرض الريع الاقتصادي الصلبة ليحصل على الثروة. فقد ولد بمدينة فاس في 16 مايي 1957، ثم التحق، بعد مغادرته للدراسة في مرحلة الثانوي، بمشروع والده في تجارة الغاسول. وقد انتظر طويلا قبل أن يتجه نحو عالم العقار سنة 1988، «بعد أن عبدت الدولة لهؤلاء الطريق عبر تبني برنامج 200 ألف سكن اقتصادي» ويحظى، بقدرة قادر، بعقود مهمة لإنشاء آلاف الوحدات السكنية منخفضة التكلفة، والمدعومة من طرف الدولة، إذ حاز على ثقة الدولة في العام 1995 لبناء أكثر من 2000 سكن اقتصادي، الأمر الذي ذلل بعد ذلك كل الصعاب تحت حذائه.
وقد كانت الامتيازات العمومية، هي الحصان الرابح الذي امتطاه ليوسع أعماله إلى مجالات أخرى في البناء والأسمنت والسياحة، داخل المغرب وخارجه، وخاصة على المستوى الإفريقي، الأمر الذي أهله ليكون في طليعة المستثمرين الذين توظفهم الدولة من أجل إتمام سياساتها الاستثمارية في القارة السمراء.
لقد راكم أنس الصفريوي، بعد اقترابه من مدفأة السلطة، وأيضا بعد نجاحه في اختراق الدائرة المغلقة لأثرياء المغرب، تجارب ومعارف ومهارات أخرى لإنشاء مشاريع ضخمة، حيث تمكن سنة 2005 من الحصول على صفقة بمليار دولار أمريكي لبناء وحدات سكنية عامة، كما أصبحت المساكن التي تنشأها «مجموعة الضحى»، رغم الانتقادات الموجهة إليها عن حق بسبب ما يترتب عنها من مشاكل اجتماعية وعمرانية، مؤشرا للتنمية العقارية في مجموعة من الدول التي تعاني من معضلة الدور الناقصة التجهيز، أو السكن غير اللائق بوجه عام !!
ولم يقف الصفريوي، في الطريق إلى الثروة، عند حدود الإنعاش العقاري أو بناء السكن الاقتصادي، بل سار ليلا ونهارا في مشاريع أخرى لتتسع له الهيمنة بمحيط المال والأعمال، خاصة بعد انشائه لمصنعين للإسمنت بسعة 1.6 مليون طن في مدينتي سطات وبني ملال، الأمر الذي ساهم بإطلاق «شركة أسمنت الأطلس»، بالإضافة إلى تأسيسه لمجموعة من مصانع الإسمنت بسعة 500 ألف طن في كل من الكاميرون وغابون وغينيا وساحل العاج.
لقد ساهم توسيع أنشطة أنس الصفريوي، فضلا عن إزاحة مجموعة من المنافسين الكبار «عقد التسويات، اقتسام الغنائم، إعادة التوزيع والانتشار، الوصول إلى تفاهمات سرية..»، في رفع قيمة أسهم «مجموعة الضحى»، رغم الانسداد الذي عرفته حين حاول صاحبها الانزلاق خارج الدائرة التي فتحت له الأبواب، ورتبت كل شيء في الظل من أجل صعود امبراطوريته، لكنها غضبت منه حين «تجرأ» على توظيف اسم المؤسسة الملكية في مشاريعه الخاصة !
لقد بدأت حكاية أنس مع السلطة مع وزير الداخلية الأسبق الراحل إدريس البصري، وها هي تصل الآن إلى المصاهرة مع عبد العزيز أخنوش، وهو ما يؤكد أن السر في نجاح «بيزنيس الصفريوي» ما هو إلى زواج المال والسلطة، وتلك العلاقات الربحية والمصلحية التي تنمو في الظل، لتجعل نائب رئيس «شركة الضحى» يتزوج نائبة رئيس «شركة أكوا».. وكفى الله المؤمنين شر القتال!.