يبدو أن المعطيات المحيطة بظروف تعرض موكب الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني "لحادثة سير "، بمنطقة تيندوف، ووفاة حارسه الشخصي على الفور وجرح آخر، تميل بشكل كبير نحو فرضية محاولة اغتيال الرئيس الموريتاني. فالتلفزيون الجزائري لم يقدم بعد مراسيم توديع الرئيس الموريتاني، كما جرت بذلك عادة زيارات رؤساء الدول، ولم يتم توضيح طبيعة حادثة السير، ولم تتسرب أي صور، ولم يتم عرض أي صور أو مقاطع فيديو حول الحادثة إلى حد الآن.
يبقى السؤال المطروح، لماذا ذهب ولد الغزواني لتندوف وهي منطقة غير آمنة، من أجل مشروع غير واضح المعالم، ويفتقد للجدوى الاقتصادية بإجماع أهل الاختصاص، وفي هذه الظرفية التي تعرف تقلبات استراتيجية متتالية وتصاعد التهديدات والمخاطر؟ وهل تم استدراج ولد الغزواني رغما عنه، لحضور تدشين معبر تم تنظيم مراسيم الاحتفال و الإعلان عن تدشينه خمس مرات منذ سنة 2018، أما المناطق الحرة بين الجزائر وموريتانيا ومالي والنيجر، فقد تم الإعلان عنها منذ سنة 2010، وبقيت مجرد حبر على ورق؟
وهل نسي كيف تمت إهانة الرئيس الموريتاني المختار ولد داداه من طرف الهوارى بومدين والإساءة إليه أمام الحضور، أثناء زيارته سنة 1975 لمدينة بشار غير البعيدة عن تيندوف؟
طبيعة العلاقات السياسية بين الرباط ونواكشوط والتقارب الكبير بين الدولتين، تؤكد فرضية محاولة الاغتيال، خاصة وأن أسلوب الاغتيالات يعد من وسائل النظام العسكرى الجزائري للتخلص من الخصوم والمنافسين.
لا شك أن السلطات الموريتانية ستتكتم على الطبيعة الحقيقية لحادثة السير المزعومة تجنبا لردود فعل متهورة من طرف النظام العسكري الجزائري، ولكن حقيقة ماحدث ستتجلى من خلال مواقف ولد الغزواني السياسية في الأيام والشهور القادمة، وستتجلى من خلال تسريبات المحيطين به، من الذين عاينوا ماوقع.
ففي الوقت الذي يسعى فيه المغرب لبناء شراكة استراتيجية متكاملة مع موريتانيا، تسعى الجزائر لمحاصرة طموحات وتطلعات الدولة الموريتانية ومنعها من السير بشكل متوازن في علاقاتها الدولية بما يتطلب ذلك من ممارسة سيادتها، كدولة أصبحت تتزعم منظمة الاتحاد الافريقي وقبلة للعديد من زيارات مسؤولي عدد من الدول الوازنة.
لازالت الجزائر تتعامل مع موريتانيا من منطلق التهديد والابتزاز، كما هو الحال في تعاملها مع تونس ومالي والنيجر وغيرها.
على فرنسا أن تعي جيدا أن بقاء النظام العسكرى الجزائري أصبح يشكل خطرا كبيرا عليها أكثر مما سبق، وعليها التخلص منه في أسرع وقت ممكن، فقد أصبحت أساليبه المافيوزية أكثر انكشافا، ولا يمكن لفرنسا اعتماد استراتيجية جديدة مع المغرب أو مع باقي دول إفريقيا، والحد من تراجع مصالحها وانكماش دورها، مع وجود نظام عسكري في الجزائر يعلم الجميع أنه الإبن غير الشرعي لفرنسا قامت بتوظيفه في المنطقة -ولازالت- طيلة العقود السابقة.