الأربعاء 27 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

يوسف غريب: "اعترافات مهرّب مغربي" او السينما الجزائرية ما فوق العقل .. 

يوسف غريب: "اعترافات مهرّب مغربي" او السينما الجزائرية ما فوق العقل ..  يوسف غريب
اودّ في البداية قبل قراءة هذا الشريط التلفزي أن أدعوَ عشاق سينما ما فوق العقل مشاهدة هذا الشريط والإستمتاع بفقراته الضامنة لفرجة استثنائية قلّما تجد مثلها في بلد غير الجزائر التي خصصت تلفزتها الوطنية والدولية ما يقارب ساعة لشخص قدّم نفسه (مهرّب مغربي) تمّ إيقافه مع مجموعة أشخاص من طرف الدرك الوطني الجزائري حسب ما جاء في التقديم.. وهو داخل غرفة وحيداً ومسترسلا بتقديم معطيات تبدو انها أجوبة لأسئلة في غياب المستجوب طبعا.. 
بعد نهاية الشريط يخرج المرء بانطباع عام تجعلك تحترم هذا "المهرب المغربي" رغم أنه يمارس تهريب المخدرات كما قدمته التلفزة الجزائرية، فهو على الأقل مثقف ومتتبع للشأن العام الوطني والدولي، ويعرفه خبايا الجيش الوطني.
ويتحدث بوثوقية عن الحموشي المشرف الأول - حسب قوله - على إغراق الجزائر بالمخدرات..مروراً برفض المغاربة للتطبيع والذين تعرضوا لاعتقالات في جل التظاهرات.. بل أخبرتنا التلفزة الجزائرية عبر هذا "المهرب المغربي" بأن أغلبية الجيش المغربي يرفضون أيضاً التطبيع وينتظرون الفرصة للتمرد عليه..
وانت تتابع هذا البؤس يخال لك، اننا أمام زعيم حزب سياسي أو أحد أطره على الأقل.. ينسيك التشويق انك أمام " مهرب" معتقل..
والحقيقة أن النسيان طال أصحاب هذا الشريط وكاتب هذا السيناريو الذي بدأ بالحديث عن دوافع ممارسة التهريب وانتهى بالموقف من التطبيع مع إسرائيل..
وتلك حكاية مسقط الطائرات كأسلوب حكم بهذه الجزائر الجديدة..
لكن قبل الحديث عن أسباب نزول هذا الشريط الجديد / القديم والعودة إلى ملف المخدرات والتهريب وغيرها.. اقترح على السيناريست الجزائري بثكنة عنابة أن تختار وجها تظهر عليه علامات الفقر والحاجة حتى يكون ذلك منسجما مع الدوافع التي جعلت هذا المهرب /الممثل " يمتهن التهريب كما قال.. فصاحبكم في الشريط التلفزي تكاد أخاديده تتطاير دماً ونعمة..
لكن ما علاقة هذا الإنتاج البئيس بما صرّح به بن قرينة على حدودنا قبل اسبوع وهو يستعرض وبوقاحة هادئة ويد مسمومة أنواع الصادرات المغربية إلى الجزائر داخل مثلث المخدرات؟ الإرهاب وأخيرا الصهينة كما قال..
ما علاقة ذلك بهذا المكبر الصوتي للكابرانات، وهو يحاول جاهداً أن يعيد أسطوانة الشعب المغربي الشقيق لولا نظامه المخزني!؟
ما علاقته بما نشر اليوم بوكالة الأنباء الجزائرية وبعض الجرائد الموالية للنظام حول المقارنة بين المخابرات داخل البلدين، وإظهار المؤسسة الأمنية المغربية على أنها وكر للفضائح في العالم لا غير..مركّزاً على أسطوانة برنامج التجسس بيگاسوس.. وقطر - غيث..ورشوة البرلمانيين
خاتماً المقال بمايلي:
( في الخلاصة نقول :  المخابرات الجزائرية كشجرة طيبة أصلها أصيل من أصالة جيش التحرير الوطني وفرعها في بلاد الشهداء .
أما المخابرات المغربية أثبتت الأيام والوقائع أنها كشجرة خبيثة دون الحديث عن أصلها ولا فرعها  _ فهي أصبحت معلومة للجميع _
بعدما أصبحت فضائحها عابرة للقارات وبإعتراف مقترفيها ) 
في البداية أهنئ السيد فوزي لقجع المغربي عن إطلاق سراحه المؤقت داخل الجزائر وأصبح غائباً بالمرة عن المشهد الجزائري ،حيث تمّ تعويضه بالسيدين الحموشي وياسين المنصوري الأذرع الأمنية المغربية التي روّعت الجنرالات بمنطقة الساحل والصحراء..
تلك هي الحكاية
وأبلغ الحكايات عند المقارنة مع هذه الشجرة الطيبة كما قدّمت نفسها هي فضيحة بن بطوش الغبية التي انتهت باعتراف رسمي بالصحراء المغربية من طرف إسبانيا.. وأجلتم زيارة وزير خارجيتها قبل يومين بسبب التشبت بهذا الإعتراف النهائي والدّائم..
أمّا اجترار قضية برنامج بيگاسوس فالبرلماني الفرنسي سيجورني المُحرك الأساسي  للعديد من الإجراءات والمواقف التي اتخذتها المؤسسة التشريعية الأوروبية ضد المغرب، في قضايا مثل "قطر غيت" المتعلقة باتهامات "إرشاء"برلمانيين أوروبيين،أو مزاعم التجسس عبر برنامج "بيغاسوس" الإسرائيلي هو نفسه بقبّعة وزير الخارجية الفرنسية يصرّح اليوم أمام البرلمان الفرنسي قائلًا:
" بتعليمات من السيد الرئيس بدأت أتواصل مع المغرب لإنهاء سوء الفهم.. وارتباطنا به مهمّ.. بل هو ضروري ّ   لأن هذا الأمر في مصلحة البلدين معا، سعياً وراء  بناء أجندة سياسية جديدة"
نفس الشخص صاحب سوء الفهم يعود ليمحو بنفسه، ما ارتكبه قبل سنة وصاغراً متودّداً ومؤكداً على ضرورة العودة إلى المغرب وفق أجندة سياسية جديدة لا تخرج عن المنظار الملكي للعلاقات الدولية التي تبدأ من رمال الصحراء المغربية..وقريباً بل باريس تحاول أن تتسابق مع لندن
( الله إحفظك أسى كبور..لقد تنبأت بأن فرنسا ستحتاج إلى المغرب يوما ما)
هذه الدبلوماسية النظيفة هي التي تحوّلت هذه الأيام إلى رهاب مخيف لدى الكبرانات وجعلت عطاف يقطع المسافات بين الشرق والغرب من اجل إيقاف النزيف الدبلوماسي الجزائري المتسارع بقوة منذ إماطة الأذى عن الطريق بمعبر الگرگرات
وهو ما عبّر عنه بن قرينة اول أمس بشكل صريح وواضح حين قال :
" علينا  كنخبة طرح السؤال بصوت مرتفع..لقد خذلنا حلفاؤنا بل طعنونا من الخلف.."
صحيح لأن جميع دول العالم تبحث عن مصالحها وكسب منافع لشعبها.. إلا أنتم ومنذ الإستقلال الذاتي عن فرنسا لم تختلفوا يوماً عن العداء للمغرب والبحث بكل الوسائل زعزعة استقراره وتفتيت أراضيه..
هي الوصية من جنرال جنرال..
وهي النتيجة... لاوزن.. لا هيبة.. لا تأثير
وأخيراً لا حلفاء.. ولا أصدقاء
أما الأسد المغربي الواثق من نفسه يستمتع بهذه الإستفزازات الصبيانية وسط المملكة المغربية الأطلسية الإفريقية..