الجمعة 19 إبريل 2024
سياسة

هل سيحصي رجال لحليمي "تعاسة" المغاربة؟

هل سيحصي رجال لحليمي "تعاسة" المغاربة؟

بمناسبة حدث "الإحصاء" الذي يعيشه المغرب، ماذا لو فتح مناديب لحليمي "قوسا صغير" لإحصاء المشاكل اليومية التي يعاني منها المواطنون؟ "قوس صغير" بالطبع لا يكفي لتعبئة شكايات المواطنين المتنوعة. استمارة واحدة بالطبع لا تكفي، وقلم حبر لا يكفي.. ويوم لا يكفي.. ودهر لا يكفي. مشاكل المغاربة غير قابلة للإحصاء وغير متناهية. مشكل النقل -مثلا- بجميع أصنافه، جوا وبرا وبحرا، لن تحلها حتى "هيأة الأمم المتحدة".

ما الذي يجري؟ لو كانت "التعاسة" تُصدر إلى الخارج، لكان المغاربة أسياد العالم. فلدينا فائض من التعاسة والنحس وسوء الطالع.

وكي تتأكد أن في دمائك "خليط" من "وصفة" التعاسة، فما عليك إلا أن تستقل قطار "لخليع" باكرا وأنت تمني النفس أنك ستصل باكرا –أيضا- إلى عملك. لكن القطارات هنا "غير محترمة" و"معندهاش الكلمة بحال لمغاربة" وترفع من منسوب "التعاسة" و"ضغط الدم" و"تشنج الأعصاب".

تعود المسافرون الذين يشربون يوميا "مقالب" قطارات "لخليع" على مسلسل التأخير، حتى أن السائقين ومن فرط تشغيل "الصوت الآلي" ليعتذر بالنيابة عنهم للمسافرين لم يعد مهما بالنسبة لهم، فالمسافرون أصبحوا وديعين ولطيفين وهادئين.. يتصفحون الجرائد ويتسلون بهوانفهم الذكية ويستمعون إلى الموسيقى الهادئة ويستمتعون بسفر طويل تتضاعف فيه الساعات ويتمطط الزمن وتتثاقل السرعة و"لا زربة على صلاح" هكذا تقول جداتنا و"للي بغا يربح را العام طويل".

بعض المسافرين "المتعصبين" الفاقدين للصبر والحكمة يريدون أن يسابق القطار الريح ولا يتوقف أبدا. لكن وللأمانة قطارات لخليع إذا توقفت في محطة ما يتوقف معها قلبك. ومع كثرة التوقف قطار السابعة يصبح هو قطار العاشرة وقطار العاشرة يصبح هو قطار الواحدة. ومكيفات الهواء طبيعية.. والمراحيض يجب أن تلج إليها بقناع واق.

وقطارات لخليع - لتعميم هذه الفائدة - هي القطارات الوحيدة في العالم التي تعلمك ما معنى "يوم الحشر".. تضايق مسافر نفد مخزون الصبر لديه بعد أن وجد نفسه "محشورا" في إحدى العربات والقطار لا يتحرك والأبواب موصدة، وكلما مر الوقت ارتفعت درجات الحرارة، وارتفع معها منسوب "ضجر" المسافرين. صرخ المسافر ولعن بأعلى صوته "هاذي هي سلعة غلاب... غلاب مشى يتبرع مع راسو وخلانا مع القهرة.. للي خاصو يتحاسب هو غلاب.. أنا عارف أشنو كنكَول.."

غلاب كريم، "الموهنديز" خريج مدرسة "التقنطير" الجميع يطالب برأسه، وكل ما ازداد عدد المطالبين برأسه، ازداد هو في ترقي هرم السلطة حتى أصبح "ثالث" رجل في الدولة في حكومة بنكيران الأولى. غلاب رجل "الصفعات الكبرى" بامتياز، فمن صفعة القطارات الإيطالية البرقالية وهو على رأس المكتب الوطني للسكك الحديدية، إلى صفعة "تهيئة الطرق السيارة" وصفعة "الردارات الثابتة" وهو على رأس وزارة النقل والتجهيز، وقبل أن يودع المغاربة من شرفة هاته الوزارة "أجهز" على السائقين بمدونة سير عجيبة مازالوا يدفعون ضرائبها وأتاواتها.

من يحاسب غلاب اليوم؟ الرميد، وزير العدل والحريات؟ لكن هو أولى بالمحاسبة ووزارته تحترق بنيران الإضرابات واستقالات القضاة؟ هل يحاسبه بنكيران رئيس الحكومة؟ لكن بنكيران بنفسه يطالبه الشعب بالمحاسبة بعد أن أثقل كاهلهم بالزيادات وحمل الفقراء "خسائر" المكتب الوطني للماء والكهرباء وصندوق المقاصة وصندوق التقاعد.

من يحاسب كل هؤلاء؟