في هذا الحوار مع الإعلامي مصطفى عبد الدايم، المنحدر من الأقاليم الجنوبية، يتحدث عن سيميولوجيات الأعراس التي تقام في الأقاليم الصحراوية، ليس من باب التعميم، والتي تتوج بمصاهرات بين العائلات الكبرى لأغراض تتوخى الوجاهة الاجتماعية والقرب من مراكز القرار..
هل يمكن الحديث عن أسباب خفية في الزيجات بالأقاليم الجنوبية؟
لاينحصر الأمر على مجال جغرافي دون آخر، فالزواج لأسباب سياسية او اقتصادية أو هما معا شهده التاريخ ومنذ عهد الفراعنة.. وهذا ما لم تُنكره الديانات السماوية، ومنها الدين الإسلامي بشكل قطعي، بل فقط أخضعه لمفاضلة يمكن تبيانها من خلال ما جاء في السنة النبوية: (تنكح المرأة لمالها أو جمالها أو نسبها أو دينها فاغنم بذات الدين ثربت يداك)، مع ضرورة التأكيد أن النص النبوي أصدر حكمه على الإطلاق دون إحالة على الخواص موضوع نقاشنا…
هل يمكن الحديث عن أسباب خفية في الزيجات بالأقاليم الجنوبية؟
لاينحصر الأمر على مجال جغرافي دون آخر، فالزواج لأسباب سياسية او اقتصادية أو هما معا شهده التاريخ ومنذ عهد الفراعنة.. وهذا ما لم تُنكره الديانات السماوية، ومنها الدين الإسلامي بشكل قطعي، بل فقط أخضعه لمفاضلة يمكن تبيانها من خلال ما جاء في السنة النبوية: (تنكح المرأة لمالها أو جمالها أو نسبها أو دينها فاغنم بذات الدين ثربت يداك)، مع ضرورة التأكيد أن النص النبوي أصدر حكمه على الإطلاق دون إحالة على الخواص موضوع نقاشنا…
وإذا أمكننا إيجاد دلائل على الزواج المذكور في الزمن البعيد، وفي جوازه دينيا، فإن الأدلة من تاريخ المغرب تسعفنا لتأكيد تلك الحقيقة، فقد حفل تاريخ المغرب بهذا النوع من الزيجات/ الزواجات، والتي شكلت فيه بعض المصاهرات أيسر الطرق لبلوغ مناصب عليا أو على الأقل القرب من مراكز القرار..
وتأسيسا على ماسبق سعى ملوك للزواج من ملكات أو أميرات، لأنفسهم أو لأبنائهم أو بناتهم سعيا لتثبيت السلم وإقرار تعاون سياسي قار، أو جلبا لمصالح اقتصادية دائمة والأمثلة على ذلك كثيرة ومتعددة.. وبالتالي فزيجات أقاليمنا الجنوبية تغري بعرضها على ما سبق ذكره، لعلها توافقها في تحقيق الأغراض السياسية والاقتصادية المذكورة سلفا..
هل يمكننا الجزم أن الزيجات/ الزواجات الكبرى بالصحراء المغربية هي مجرد مداخل لتحقيق مآرب سياسية أو اقتصادية أو هما معا؟
مما لا شك فيه أن استعراض الكثير من الوجوه السياسية الصحراوية التي ارتبطت بمصاهرات فيما بينها، لا يمكن إلا أن تشتم فيها رائحة السياسة، بل يكاد بعضها يرسم خريطة تحالفات سياسية وانتخابية واضحة وجلية، دون إغفال المصالح الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة التي تتحقق جراء تلك المصاهرات التي لن نجانب الصواب إذا ما اعتبرناها مكتوبة بلغة الصفقات الكبرى.. ويمكن القول دونما مبالغة أن المصاهرات في الصحراء المغربية وبسبب تركيبة المجتمع القبلية، ونظرا لصعوبة تلك التضاريس القبلية وتشعباتها، لا يمكن إلا أن تكون مسكونة بهواجس سياسية واقتصادية بعضها عابر للحدود، بل له تداعياته وارتداداته المؤثرة في النزاع حول الصحراء المغربية..
إن الامتداد القبلي في موريتانيا والمخيمات بتندوف وتشابك العلاقات العائلية، وتبادل المصالح فيما بينهما التي تتجاوز كل القيود والحدود الظاهرة تجعل المصاهرات، سواء هنا أو هناك، مؤثرة في هذا الطرف أو ذاك، وكثيرا ما امتلكت تلك المصاهرات حرارة أذابت جبالا من الثلوج، وأسهمت في تراجعات ومراجعات صبت في مصلحة الوطن ووحدته الترابية..
ولأنه لكل مقام مقال، ولأن بعض الزيجات/ الزواجات لم تنس بعد تفاصيلها، ولأن أخرى قد تنهض في القادم من الأيام، لذلك يصعب تقريب الصورة عبر أمثلة محددة اكتسبت يقينية قيام عديد المصاهرات من أجل أغراض سياسية واقتصادية أكيدة..
بحكم الامتدادات القبلية في الأقاليم الجنوبية، هل يمكن القول أن آثار المصاهرة تتسع لتشمل القبيلتين المتصاهرتين؟
إن الزواج لأسباب سياسية واقتصادية لا يمكن حصر منفعته السابق ذكرها على العائلتين المرتبطتين ب "عقد" المصاهرة، لأنه يتجاوز المحيط الضيق لعائلة العريس وعائلة العروس ويمتد ليشمل في أحيان كثيرة، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، مساحات داخل قبيلة العريس والعروس، وإذا كان هذا هو أساس الزواج السياسي ولجلب منافع اقتصادية، فإنه لا يستقيم إلا بإقامة أعراس باذخة يراد بها إبراز مكانة وقيمة طرفي الزواج، ولذلك لم يقم أي عرس من هذه الأعراس دون أن يسيل الكثير من المداد على الورق، والكثير من اللعاب على الطاولات، ويسيل الكثير من الأموال من جيوب المعنيين وأيضا من جيوب ضيوفهم.
إن الزواج لأسباب سياسية واقتصادية لا يمكن حصر منفعته السابق ذكرها على العائلتين المرتبطتين ب "عقد" المصاهرة، لأنه يتجاوز المحيط الضيق لعائلة العريس وعائلة العروس ويمتد ليشمل في أحيان كثيرة، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، مساحات داخل قبيلة العريس والعروس، وإذا كان هذا هو أساس الزواج السياسي ولجلب منافع اقتصادية، فإنه لا يستقيم إلا بإقامة أعراس باذخة يراد بها إبراز مكانة وقيمة طرفي الزواج، ولذلك لم يقم أي عرس من هذه الأعراس دون أن يسيل الكثير من المداد على الورق، والكثير من اللعاب على الطاولات، ويسيل الكثير من الأموال من جيوب المعنيين وأيضا من جيوب ضيوفهم.
هل هذا ما يجعل الأعراس الصحراوية، طبعا دون تعميم، دائمة البذخ؟
سواء كانت خلفيات الأعراس في الصحراء اقتصادية أو سياسية.. فإن أحيانا كثيرة يكاد يكون البذخ مبالغا فيه للبحث عن وجاهة اجتماعية، ففي مرات عديدة دخل كثيرون مربع الوجاهة الاجتماعية عبر أعراس سارت بذكرها الركبان وتغنى بها الشعراء.. إن الأعراس خصوصا في الصحراء المغربية سهام طائشة ولكنها قد تصيب أهدافا كانت قبل تلك المناسبات بعيدة المنال، بل حتى مستحيلة التحقق. ولذلك فقد يتمكن أصحاب تلك الأعراس "الأسطورية "من بلوغ وجاهة اجتماعية ثمينة، بجلب منافع أخرى على أكثر من واجهة في مجتمع تسود فيه (سمع لوذن)..
سواء كانت خلفيات الأعراس في الصحراء اقتصادية أو سياسية.. فإن أحيانا كثيرة يكاد يكون البذخ مبالغا فيه للبحث عن وجاهة اجتماعية، ففي مرات عديدة دخل كثيرون مربع الوجاهة الاجتماعية عبر أعراس سارت بذكرها الركبان وتغنى بها الشعراء.. إن الأعراس خصوصا في الصحراء المغربية سهام طائشة ولكنها قد تصيب أهدافا كانت قبل تلك المناسبات بعيدة المنال، بل حتى مستحيلة التحقق. ولذلك فقد يتمكن أصحاب تلك الأعراس "الأسطورية "من بلوغ وجاهة اجتماعية ثمينة، بجلب منافع أخرى على أكثر من واجهة في مجتمع تسود فيه (سمع لوذن)..
ماهي الرموز والرسائل التي تكون مرافقة للأعراس في الأقاليم الجنوبية؟
من دون شك فإن أصحاب مثل هذه الأعراس الباذخة الأعراس لا يمكنهم أن يبلغوا الوجاهة الاجتماعية المطلوبة، إلا بتوافر رموز وطقوس حمالة للعديد من الرسائل، فكلما كان عدد الضيوف كبيرا وكان من بينهم كبار السن من وجهاء وأعيان وأغنياء ومنتخبون وبرلمانيون وسياسيون ومن كل القبائل.. دل ذلك على مكانة أصحاب العرس وزادهم مكانة وأكدها، كما أن تارزيفت/ الهدايا المحبوبة وكلما كانت بأكبر عدد من رؤوس الإبل كلما برز أصحاب العرس وأثير الانتباه إليهم. أضف إلى ذلك مبلغ مهر العروس وطبيعة "الدفوع"، ولا يمكن أن ننسى "إكيو = المغنيين"، مما يضمن تداول العرس حاليا بالصوت والصورة، بعد أن كان التداول في السابق شفهيا..
من دون شك فإن أصحاب مثل هذه الأعراس الباذخة الأعراس لا يمكنهم أن يبلغوا الوجاهة الاجتماعية المطلوبة، إلا بتوافر رموز وطقوس حمالة للعديد من الرسائل، فكلما كان عدد الضيوف كبيرا وكان من بينهم كبار السن من وجهاء وأعيان وأغنياء ومنتخبون وبرلمانيون وسياسيون ومن كل القبائل.. دل ذلك على مكانة أصحاب العرس وزادهم مكانة وأكدها، كما أن تارزيفت/ الهدايا المحبوبة وكلما كانت بأكبر عدد من رؤوس الإبل كلما برز أصحاب العرس وأثير الانتباه إليهم. أضف إلى ذلك مبلغ مهر العروس وطبيعة "الدفوع"، ولا يمكن أن ننسى "إكيو = المغنيين"، مما يضمن تداول العرس حاليا بالصوت والصورة، بعد أن كان التداول في السابق شفهيا..
إن المظاهر الملازمة للزواج بالصحراء المغربية تخدم في العمق الأبعاد التي سبقت الإشارة إليها. ومن ذلك فن الأعراس الصحراوية، ليست فقط فرصة لصناعة الفرح، ولكنها فوق ذلك وقبل ذلك مناسبات لاكتساب شرعية قبلية بالأساس، فكلما حضر تلك المناسبات العدد المهم والكافي من قبيلة أصحاب العرس إلا وشكل ذلك استفتاء شعبيا على مكانته، وأكسبه الشرعية القبلية المطلوبة، تلك الشرعية التي يضاهي بها غيره من قبائل أخرى، ويبني بها معهم علاقات مصاهرة مثلا تخفي في الحقيقة تحالفات تشمل السياسي والاقتصادي.. إننا في مجتمع قبلي يتحرك بسرعة فائقة لا تختلف عن تحرك رماله، ويعرف تغيرات مفاجئة لا تختلف عن طبيعة الصحراء المفاجئة دائما. ولذلك فإن الإنسان الصحراوي وانطلاقا من علاقته بهذه الصحراء التي يخشاها بنفس القدر الذي يحبها يروض كل حياته لتأمين العيش في تحالفات خوفا من المستقبل..
فكل شيء في الصحراء يخضع لحسابات ضمان الحاضن الاجتماعي، أي القبيلة، وضمان علاقات قوية مع قبائل أخرى في مواجهة القبائل الأخرى. ولذلك فإن الزواج بين العائلات النافذة، هو زواج مصالح، وزواج الفئات الأقل من ذلك، هو زواج البحث عن وجاهة اجتماعية قد تكون بوابة لولوج عالم العائلات النافذة..