Wednesday 10 September 2025
مجتمع

أيت بلعربي: الحاجة ملحة لتعديل طريقة انتخاب رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب

أيت بلعربي: الحاجة ملحة لتعديل طريقة انتخاب رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب رشيد أيت بلعربي
مع قرب الجمع العام الانتخابي لجمعية هيئات المحامين بالمغرب والمقرر يوم ثاني مارس 2024 بمراكش، دعا رشيد أيت بلعربي، المحامي بهيئة القنيطرة إلى تعديل القانون الأساسي للجمعية من حيث تركيبة المكتب وانتخاب الرئيس.
فيما يلي تصريح الأستاذ بلعربي لجريدة "
أنفاس بريس":

 
انطلاقا من تجربتنا المتواضعة في تتبع الشأن المهني على المستوى الوطني، سواء كعضو في الجمعية العمومية لهيئة المحامين بالقنيطرة أو كعضو مجلس الهيئة خلال الولاية السابقة، وبالنظر لحالة الجمود التنظيمي والانحباس الفكري اللذان شهدهما الجسم المهني وطنيا طيلة ولايتين، يتضح أن طريقة الانتخابات المتعلقة برئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب ومكتبها وتمثيلية الهيئات بها، تعتبر المعوقات الأساسية في طريق تدبير الشأن المهني وطنيا. 
فعلى مستوى طريقة انتخاب الرئيس، يتضح أنها تطرح عدة تساؤلات حول جدوى استمراريتها بالصيغة الحالية. فالرئيس في القانون الحالي يجب أن يكون عضوا في مجلس الجمعية أي عضوا في إحدى مجالس الهيئات، وينتخب من طرف هؤلاء الأعضاء فقط.  وهي صيغة أصبحت تحتاج لإعادة النظر فيها. فالرئيس المنتخب يدبر الشأن المهني على المستوى الوطني  لحوالي 20 ألف محام ومحامية وليس ل 250 أو أكثر بقليل كأعضاء مجالس الهيئات. كما أن هناك نقباء ليسوا أعضاء في مجالس الهيئات لكن بتجربتهم المهنية قد يكونون قادرين على قيادة سفينة الجمعية والدفاع عن المهنة. وبالتالي سيكون من الأفيد تعديل هذا الوضع وذلك بحذف شرط عضويته في إحدى المجالس مع انتخابه من طرف عموم المحامين والمحاميات بالمغرب في أفق تهييء وإنضاج الشروط للمرور لتجربة المجلس الوطني للمحامين التي ستأتي عاجلا أم آجلا. وسيكون من الأفضل أن نجرب انتخاب الرئيس بهاته الصيغة لتقديم قراءة دقيقة وواعية لها قبل أن نصل إلى الصيغة الأنسب لانتخاب رئيس المجلس الوطني للمحامين المرتقب في يوم من الأيام. 
أما على مستوى أعضاء مكتب الجمعية، فإن هناك مناصب تشترط صفة نقيب سابق ويتعلق الأمر بمنصب نائبي الرئيس والكاتب العام ونائبه، وهو شرط لا معنى له. فالأصل أن مكتب الجمعية يتكون بالإضافة إلى الرئيس الذي يحمل صفة نقيب من نقباء باقي الهيئات السبعة عشر مما يعني أنهم يشكلون 18 نقيبا، فما الفائدة من  حجز مناصب أخرى لفائدة نقباء سابقين لم تعد لبعضهم حتى القدرة على السفر. بل إن منهم من غاب عن أغلب اجتماعات المكتب الحالي جسديا، ومنهم من غاب معنويا طيلة الولاية. فعلى مستوى الغياب الجسدي مثلا نجد ثلاثة نقباء يعرفهم أعضاء مكتب الجمعية بالإسم تغيبوا طيلة الولاية أو معظم اجتماعاتها. فما الفائدة من ترشحك السيد النقيب المحترم لمكتب الجمعية وأنت غير قادر حتى على الحضور المنتظم لاجتماعات المكتب؟ وما الفائدة أيضا إذا كنت ستترشح وتنال ثقة زملائك وزميلاتك على المستوى الوطني وتحضر اجتماعات مكتب الجمعية دون تقديم فكرة أو مقترح طيلة ثلاث سنوات؟  
وعلى ذكر المقترحات والأفكار، لا بد أن نعرج على الدور الذي يتعين أن يلعبه النقباء السابقون على مستوى الهيئات في الدفاع عن المهنة وتقديم المشورة لمجالس الهيئات أو لمكتب الجمعية، وهم الذين يشكلون طرفا أساسيا فيما يسمى بندوة النقباء كجهاز استشاري من أجهزة الجمعية. وهو دور نراه سلبيا للأسف ولم نعثر له على أي صدى طيلة سنوات رغم أن المهنة تتلقى الضربة تلو الأخرى. وهنا أتذكر مجريات اجتماع مجلس الجمعية الأخير الذي عقد في أواخر يونيو 2023 في ضيافة هيئة المحامين بطنجة والذي حضره بالإضافة إلى أعضاء مكتب الجمعية ومجلسها النقباء السابقون بكل الهيئات. وقد لبوا نداء المهنة مشكورين وتكبدوا عناء السفر من مختلف المدن، بعدما تحملت هيئاتهم مصاريف التنقل والمبيت ليحجوا لمدينة طنجة لنصرة المحاماة ضد ما يحاك لها، لكن ما هي النتيجة؟ 
النتيجة مداخلة وحيدة للنقيب عبد اللطيف أوعمو النقيب السابق لهيئة المحامين بأكادير، وقد كانت بحق وبشهادة الجميع مداخلة قوية وغاية في المهنية شدت انتباه كل الحاضرين، رغم الظروف الصحية الصعبة للسيد النقيب أوعمو أطال الله في عمره، إذ ورغم صوته الخافت تجد كل من في القاعة يبذل مجهودا مضاعفا لالتقاط كل ما ستجود به قريحته. أما باقي المداخلات فلم تترك أي صدى داخل قاعة الاجتماع. فيما اكتفى نقباء آخرون بصلة الرحم بينهم والدردشة في باحات الفندق دون تقديم أي فكرة أو مقترح.
فما الفائدة إذن من تخصيص مقاعد في مكتب الجمعية لأشخاص بالصفة، والاحتفاظ بجهاز استشاري، دون أن يكون في مقدورهم تقديم الإضافة المرجوة للمهنة. وهنا أعتقد أنه حان الوقت للتفكير  لإعادة النظر في القانون الأساسي للجمعية بما يضمن عدم تقييد الترشح لأي منصب في مكتب الجمعية بصفة نقيب سابق باستثناء الرئيس، وترك الأمر إما للمحامين عامة - كما هو معمول به في فرنسا بالنسبة للمجلس الوطني للهيئات- أو أعضاء المجالس فقط، وحتى النقباء السابقين للترشح للمناصب الواردة في القانون الأساسي للجمعية، لأن هناك طاقات مهنية تضمها المجالس والجمعيات العمومية قادرة على البذل والعطاء لكنها لا تستطيع في ظل وضعية الجمود التي يعرفها القانون الأساسي للجمعية. 
هذه بعض المقترحات التي لا نهدف من ورائها إلى المس بمكانة السادة النقباء السابقين الذين نكن لهم كامل الاحترام في إطار الأعراف والتقاليد التي تحكم المهنة، لكننا لا نريد أن نجعل الأعراف والتقاليد  مطية للقداسة أو سيفا يمنع تقييم أي مسؤول على كيفية تعاطيه مع تدبير الشأن المهني محليا أو وطنيا. فهاته الأعراف والتقاليد وجدت لحماية المهنة والدفاع عنها أولا وأخيرا. 
أما على مستوى تمثيلية الهيئات، فإن الوقت قد حان لإعادة النظر فيها بشكل يراعي عدد أعضاء الجمعية العمومية لكل هيئة. فلا يعقل أن تمثل هيئة عدد محاميها 6000 محام بنقيب واحد  في مكتب الجمعية بالتساوي مع هيئة لا يتجاوز عدد  محاميها 400 محام. وهذا ما ساهم بشكل كبير في ضعف الجمعية بعد انسحاب هيئة الدار البيضاء منها وبناء على مبررات موضوعية. فالمجلس الوطني للهيئات بفرنسا مثلا يضمن لهيئة باريس تمثيلية تراعي عدد المحامين الذين ينتمون للهيئة حيث يمثلها 32 عضوا ضمن 80 عضوا أي ما يعادل 2/5 من أعضاء المجلس الوطني. أما الآن وقد عادت هيئة البيضاء إلى بيتها فإنه يجب التفكير بهدوء في إزالة أسباب الضعف مجتمعة سواء على مستوى طريقة انتخاب الرئيس وأعضاء المكتب أو على مستوى التمثيلية لكل هيئة داخل المكتب.