الخميس 6 فبراير 2025
مجتمع

الدوق: قراءة في مشروع القانون 23-10 على ضوء قواعد مانديلا.. مساهمة في إصلاح السجون بالمغرب (21)

الدوق: قراءة في مشروع القانون 23-10 على ضوء قواعد مانديلا.. مساهمة في إصلاح السجون بالمغرب (21) عبد الحق الدوق

10.2. الفئات في وضعية هشاشة

6.10.2. حقوق المعتقلين الأجانب:

لقد اعتبرنا في الحلقة 15 التي خصصناها إلى تقديم الإشكاليات المتعلقة بالفئات السجنية التي تكون في وضعية هشاشة[1]، ان الأجانب عندما يوجدون في حالة اعتقال يصبحون من هذه الفئات، لأنهم غالبًا ما يجدوا أنفسهم معزولين عن بقية السجناء بسبب الحواجز اللغوية والاختلافات في العادات والثقافة والدين. وكثيراً ما يتفاقم وضعهم عندما يصعب او يستحيل الحفاظ على الاتصال بالعائلة والأقرباء. ولهذه الأسباب أكدنا على ضرورة توفير بعض الضمانات لهم، تساعدهم على مواجهة صعوبات ظروف الاعتقال. وسنحاول في هذا المقال ذكر ما جاء في مشروع قانون 23-10 من مقتضيات تخص هذه الفئة السجنية. ولكن قبلها سنشير إلى ما جاء في قواعد مانديلا من توجيهات في هذا المقام، كما سنسترشد بالاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم[2]، التي اعتمدت بقرار الجمعية العامة، المؤرخ في 18 ديمسبر 1990.

فالمقتضيات المتعلقة ببعض حقوق المعتقلين الأجانب التي جاءت في قواعد مانديلا هي كالتالي:

- الفقرة 2 من القاعدة 41: " يُبلَّغ السجناء دون إبطاء وبلغة يفهمونها بطبيعة الاتهامات الموجَّهة إليهم ويُمنحون مـا يكفي من الوقت والتسهيلات لإعداد دفاعهم."

- الفقرة 2 من القاعدة 61: " في الحـالات الــتي لا يتحـدَّث فيهــا الـسجناء اللغــة المحليـة، تيــسِّر إدارة الـسجن سُــبل الحصول على خدمات مترجم شفوي كفء مستقل."

- الفقرة 1 من القاعدة 81: " يجب أن يكون مدير الـسجن ونائبـه وأكثريـة مـوظفي الـسجن الآخـرين قـادرين علـى تكلُّم لغة معظم السجناء، أو لغة يفهمها معظم هؤلاء."

- القاعدة  62: " 1- يمنح الـسجناء مـن الرعايـا الأجانـب قـدراً معقـولاً مـن التـسهيلات للاتـصال بـالممثِّلين الدبلوماسيين والقنصليين للدولة التي ينتمون إليها.

2- يمنح الـسجناء الـذين هـم مـن رعايـا دول لـيس لهـا ممثِّلـون دبلوماسـيون أو قنـصليون في البلد، واللاجئون وعديمو الجنسية، تسهيلات مماثلة للاتصال بالممثِّل الدبلوماسـي للدولـة المكلَّفـة برعاية مصالحهم أو بأيَّة سلطة وطنية أو دولية تكون مهمتها حماية مثل هؤلاء الأشخاص."

- الفقرة 3 من القاعدة 65: " لا يحـرم أيُّ سـجين مـن الاتـصال بالممثِّـل المؤهَّـل لأيِّ ديـن. وفى مقابـل ذلـك، يحتـرم رأى السجين كليا إذا هو اعترض على قيام أيِّ ممثِّل ديني بزيارة له."

- القاعدة 66: " يسمح لكل سـجين، بقـدر مـا يكـون ذلـك ممكنـاً عمليـا، بـأداء فـروض حياتـه الدينيـة بحـضور الصلوات المقامة في السجن، وبحيازة كتب الشعائر والتربية الدينية التي تأخذ بها طائفته."

أما "الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم"، فقد جاءت بمقتضيات إضافية، جاءت في المواد التالية:

- المادة 10: "لا يعّرض العامل المهاجر أو أي فرد من أسرته للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة."

- المادة 12: "2-  للعمال المهاجرين وأفراد أسرهم الحق في حرية الفكر والضمير والدين. ويشمل هذا الحق حرية أن يكون لهم دين أو معتقد يختارونه أو أن يعتنقوا هذا الدين أو المعتقد، وحرية إظهار دينهم أو معتقدهم، إما منفردين أو مع جماعة وعلنا، أو خلوة، عبادة وإقامة للشعائر، وممارسة وتعليما."

- المادة 16: "-1 للعمال المهاجرين وأفراد أسرهم الحق في الحرية والسلامة الشخصية.

2- يحق للعمال المهاجرين وأفراد أسرهم الحصول من الدولة على الحماية الفعالة من التعرض للعنف والإصابة البدنية والتهديدات والتخويف، سواء على يد الموظفين العموميين أو على يد الأشخاص العاديين أو الجماعات أو المؤسسات. ............

7- في حالة إلقاء القبض على عامل مهاجر أو فرد من أسرته أو إيداعه السجن أو حبسه احتياطيا ريثما يتم تقديمه للمحاكمة أو احتجازه بأي طريقة أخرى:

أ- تخطر السلطات القنصلية أو الديبلوماسية لدولة منشئة أو الدولة التي تمثل مصالح تلك الدولة دون إبطاء، إذا طلب ذلك بإلقاء القبض عليه أو احتجازه وبأسباب ذلك,

ب- يكون للشخص المعني الحق في الاتصال بالسلطات المذكورة. وتحال أية رسالة من الشخص المعني إلى السلطات المذكورة دون إبداء، كما يكون له الحق في أن يتلقى دون إبطاء الرسائل الموجهة من السلطات المذكورة.

ج- يُحاط الشخص المعني علما، دون إبطاء بهذا الحق وبالحقوق المستمدة من المعاهدات ذات الصلة، إن وجدت، المنطقة بين الدول المعنية، في التراسل والالتقاء بممثلي السلطات المذكورة واتخاذ الترتيبات معهم لتمثيله قانونيا."

- المادة 17: "-1 يعامل العمال المهاجرون وأفراد أسرهم الذين يحرمون من حريتهم معاملة إنسانية مع احترام الكرامة المتأصلة للإنسان وهويتهم الثقافية.

2- يعزل المتهمون من العمال المهاجرين وأفراد أسرهم عن الأشخاص المدانين، إلا في ظروف استثنائية، ويلقون معاملة مختلفة تتناسب مع وضعهم كأشخاص غير مدانين. أما الأحداث المتهمون فيعزلون عن الراشدين، ويحالون إلى القضاء بأسرع ما يمكن.

4-  يكون الهدف من معاملة العامل المهاجر أو أحد أفراد أسرته خلال أية فترة يسجن فيها تنفيذا لحكم صادر عن محكمة قضائية هو إصلاحه وتأهيله اجتماعيا. ويعزل الأحداث المخالفون عن الراشدين ويعاملون معاملة تليق بعمرهم وبوضعهم القانوني.

5- يتمتع العمال المهاجرون وأفراد أسرهم خلال الاحتجاز أو السجن بنفس حقوق المواطنين في أن يزورهم أفراد أسرهم.

6- إذا حرم عامل مهاجر من حريته، تبدي السلطات المختصة في الدولة المعنية اهتماما بالمشاكل التي قد تنشأ لأفراد أسرته، خصوصا لزوجه وأطفاله القصّر.

7- يتمتع العمال المهاجرون وأفراد أسرهم ممن يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن وفقا للقوانين النافذة في دولة العمل أو في دولة العبور بنفس حقوق رعايا تلك الدولة الموجودين في نفس الوضع."

 

لم تفصل قواعد مانديلا في حقوق المعتقلين الأجانب، مادام ما جاء فيها تعني كل الفئات السجنية كما جاء في الفقرة 1 من الملاحظة التمهيدية لهذه القواعد[3]، كما أن الفقرة 1 من القاعدة 2 أكدت على عدم جواز التمييز في المعاملة بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو الدين[4]. وبالتالي اقتصرت القواعد على ذكر ما له علاقة مباشرة بعض الحقوق الأساسية للمعتقلين الأجانب التي تلعب دوا مهما في تحسين ظروف اعتقال هذه الفئة، وهي.

أما "فالاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم"، فبالإضافة إلى ما أفادت به قواعد مانديلا، أكدت على بعض المقتضيات الأساسية الأخرى.

ويمكن تلخيص ما جاء في هاتين الوثيقين من مقتضيات تهم حقوق الجانب في حالة اعتقال في ما يلي:

- التواصل مع المعتقلين الأجانب بلغة يفهمونها؛

- احترام ديانتهم؛

-  الحق في التواصل مع العالم الخارجي، خصوصا مع ممثلي السلك الدبلوماسي؛

- عدم تعريضه للتعذيب وسوء المعاملة ...

- الحق في الحرية والسلامة الشخصية؛

- الحق في معاملة إنسانية مع احترام الكرامة المتأصلة للإنسان واحترام الهوية الثقافية؛

- عزل المعتقلين الأجانب عن باقي المعتقلين المدانين؛

- الهدف من اعتقال الأجانب هو الإصلاح والادماج الاجتماعي؛

- الحق في الاستفادة من الزيارة العائلية؛

- الاهتمام بالمشاكل التي يمكن ان تقع لأسرة المعتقل الأجنبي؛

- تمتيع المعتقلين الأجانب بنفس حقوق المواطنين في دولة إقامتهم.

أما المقتضيات المتعلقة بفئة المعتقلين الأجانب الي وردت بمشروع القانون 23-10 فهي توجد بالمواد التالية:

- المادة 31: " يقوم مدير المؤسسة السجنية بمجرد إتمام إجراءات الاعتقال بتمكين المعتقل من إخبار عائلته بمكان اعتقاله أو إخبار الشخص الذي أدلى المعتقل ببياناته عند إيداعه بالسجن، ويشار إلى تخويل المعتقل هذه الإمكانية في ملفه. ........

إذا تعلق الأمر بمعتقل أجنبي، وجب إخبار التمثيلية الدبلوماسية لبلاده أو من ينوب عنها في أقرب وقت ممكن. ..."

- المادة 83: " يحق لأعوان التمثيل الدبلوماسي أو القنصلي، بترخيص من الإدارة المكلفة بالسجون، زيارة مواطنيهم المعتقلين أو مواطني الدول التي ترعى مصالحها بالمملكة بعد الإدلاء بما يثبت صفتهم. ..."

- المادة 32: " يجب أن يشعر كل معتقل عند إيداعه بمؤسسة سجنية باللغة أو الإشارة التي يفهمها بحقه في الادلاء باسم وعنوان الشخص أو الأشخاص الذين يمكن الاتصال بهم في الحالات الطارئة التي تخصه، ويدون تصريحه في جميع الأحوال بملفه."

 

- المادة 62: " كل المعتقلين متساوون في الاستفادة من حقوقهم الأساسية وملزمون بالامتثال للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.

يمنع أي تمييز في المعاملة بين المعتقلين بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة، أو الإعاقة أو أي وضع شخصي مهما كان."

 

- المادة 65: "يشعر كل معتقل عند إيداعه بالمؤسسة السجنية بحقوقه وواجباته الواردة في هذا القانون وفي النصوص الصادرة لتطبيقه، لاسيما المعلومات التالية: .....

يشعر المعتقل بهذه المعلومات، وباللغة التي يفهمها، بواسطة دليل يسلم له أو بأي وسيلة أخرى، ويشار إلى ذلك بملفه."

 

- المادة 152: "يستفيد المعتقل المنتسب لديانة أخرى من غير الدين الإسلامي من زيارة ممثلين ﻋﻥ ديانته بترخيص من الإدارة المكلفة بالسجون وبطلب من ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ الدينية ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ، ﻭيجوز له التوصل بالكتب الدينية والاحتفاظ بها بعد مراقبتها.

يحق للمعتقل الاعتراض ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺎﻡ ﺃﻱ ممثل ديني بزيارته."

 

نسجل أن مواد مشروع قانون 23-10 المتعلقة بالمعتقلين الأجانب لم تتجاوز ما ورد بقواعد مانديلا من مقتضيات، ويتعلق الأمر بعدم التمييز، واللغة والدين والتواصل مع الممثلين الدبلوماسيين لبلد الأجني المعتقل. ولكن رغم أننا أعلنا أن قراءتنا لمشروع قانون 23-10 ستكون على ضوء قواعد مانديلا، فقد قررنا الرجوع الى بعض الاتفاقيات الدولية لما ترد فيها مقتضيات ذات أهمية قصوى، كما لوحظ في ذلك في حلقات سابقة تهم فئات سجنية في وضعية هشاشة. ونظرا لأهمية بعد الحقوق التي وردت في "الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم"، باعتبارها المرجع الأممي المتعلق بالمهاجرين، فإننا ندعو إلى إضافة مادة شاملة أم مجموعة مواد تشير إلى بعض حقوق هذه الفئة السجنية والتي تعتبر في وضعية هشاشة خلال فترة اعتقالها، وهي كالتالي:

* عدم التعريض للتعذيب وسوء المعاملة ...

* الحق في الحرية والسلامة الشخصية؛

* الحق في معاملة إنسانية مع احترام الكرامة المتأصلة للإنسان واحترام الهوية الثقافية؛

* عزل المعتقلين الأجانب عن باقي المعتقلين المدانين؛

* الإصلاح والادماج الاجتماعي؛

* الحق في الاستفادة من الزيارة العائلية والاهتمام بالمشاكل التي يمكن ان تقع لأسرة المعتقل الأجنبي؛

* تمتيع المعتقلين الأجانب بنفس حقوق المواطنين في دولة إقامتهم.

 

يتبع


عبد الحق الدوق/ خبير في مجال حقوق الانسان في أماكن الحرمان من الحرية. 
رئيس سابق لقسم حماية حقوق الانسان في أماكن الحرمان من الحرية بالمجلس الوطني لحقوق الانسان

 

[1]  https://anfaspress.com/news/voir/123166-2023-10-13-12-38-06

[2]  https://www.ohchr.org/ar/instruments-mechanisms/instruments/international-convention-protection-rights-all-migrant-workers

[3]  ملاحظة تمهيدية 3: "1-   يتناول الجزء الأول من هذه القواعد الإدارة العامة للـسجون، وهـو ينطبـق علـى جميـع فئـات الـسجناء، سـواء كـان سـبب حبـسهم جنائيـا أو مدنيا، وسـواء كـانوا غـير مُحـاكمين أو مـدانين، وبمـا في ذلـك الـسجناء الـذين تُطبَّـق في حقهـم "تـدابير أمنيـة" أو تـدابير إصـلاحية أَمَرَ بها القاضي."

[4]  القاعدة 2: " 1- تُطبَّق هذه القواعد بصورة حيادية. ولا يجوز أن يكون هنالك تمييز في المعاملـة بـسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو الدين، أو الرأي السياسي أو غير السياسي، أو المنشأ القـومي أو الاجتمــاعي أو الثــروة أو المولــد أو أيِّ وضــعٍ آخــر. وتُحتــرَم المعتقــدات الدينيــة والمبــادئ الأخلاقية للسجناء."