السبت 27 إبريل 2024
مجتمع

شمس الدين عبداتي : حماية المستهلك تحقق تدفق الاستثمارات الخارجية

شمس الدين عبداتي : حماية المستهلك تحقق تدفق الاستثمارات الخارجية

الأستاذ شمس الدين عبداتي، رئيس المنتدى المغربي للمستهلك ،هو الآن بصدد إنهاء آخر ترتيبات طبع ثلاث كتب الأول حول " الغرف المهنية " والثاني  عنوانه (الاتصال المؤسساتي/ الطبعة الثانية منقحة) والثالث كتاب (حماية المستهلك /نموذج التجربة المغربية/)، وهو كتاب ينسجم مع الهدف الرئيسي للهيئة التي أسسها ويترأسها وهي "المنتدى المغربي للمستهلك  FOMAC).  "شمس الدين عبداتي" من مواليد 1959 من أبناء الجنوب المغربي. خـَبَرَ عن قرب المشاكل والعراقيل التي تواجه المستهلك المغربي، ونشط في مجال حمايته على مستوى التوعية والتحسيس وتمثيله في العديد من اللقاءات الوطنية والدولية وأمام كافة الهيئات والإدارات المسؤولة عن حماية المستهلك المغربي. " أنفاس بريس" التقت رئيس المنتدى المغربي للمستهلك "شمس الدين عبداتي". وكان معه هذا الحوار حول واقع مجال الاستهلاك بالمغرب في ظل صدور القانون 08.31 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك.

 

 

نعلم أن سنة 2011 عرفت صدور القانون رقم 08 - 31 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك، وهو الآن ساري المفعول منذ أكثر من سنتين. هل تظن أن غالبية المستهلكين المغاربة على علم ببنود هذا القانون الذي جاء لحماية حقوقهم؟ وهل عرفت الوزارة الوصية والإعلام المغربي بهذا القانون بالشكل المطلوب؟

الأمر لا يتعلق بعلم أو معرفة المستهلكين لبنود القانون فحسب، بل إن الغالبية العظمى تجهل أصلا وجوده، كما تجهل أيضا بالتبعية أن لها حقوقا كما عليها واجبات، ولكن بفضل جهود جمعيات ومنظمات حماية المستهلك والقطاع الوصي وزارة التجارة الصناعة وقطاعات لأخرى وزارية وعدد لا بأس به من وسائل الإعلام بكل أشكالها وخاصة وسائل الاتصال الاجتماعي، عرفت الخمس سنوات الأخيرة اهتماما كبيرا بقضايا المستهلك، وبالخصوص السنوات الثلاث الأخيرة مع إصدار القانون  08-31،2011، غير أنه تعثر صدور مراسيمه التطبيقية، وإن لم يمنع ذلك من استعماله والاحتجاج بوجوده واحترام بنوده، ولكن المشكل المطروح أيضا ليس جهل المستهلك بهذا القانون فقط، بل يضاف إليه حتى جهل العديد من مقدمي الخدمات والمهنيين والمؤسسات الحكومية وشبه حكومية بهذا القانون.

من يتحمل في نظركم مسؤولية جهل مقدمي الخدمات والمهنيين والمؤسسات الحكومية وشبه حكومية بهذا القانون؟

المسؤولية مشتركة بين الفاعلين الاجتماعيين (في مجال القانون) والجامعيين والمهنيين والحكوميين والخواص، وإن كنا نحمل الإعلام الجزء الأكبر من هذه المسؤولية ، بحكم ما هو ملاحظ من تقصير في تعريف المستهلك بحقوقه وواجباته بشكل يومي، بحيث أن اهتمام الإعلام يكاد يكون موسميا وظرفيا، وليس دائما، وبالتالي  فإن فاعليته التنويرية محدودة، نظرا لتباعد الخطاب وعدم تعود المستهلك على صفحة خاصة بالمستهلك يومية، أو برنامج سمعي وبصري يومي، علاوة على عدم وجود صحافة وحتى صحفيون متخصصون في قضايا الاستهلاك والمستهلك، صحيح  أن هناك بعض الصحف الوطنية والقنوات الإذاعية وحتى التلفزية تخصص حصصا تعني بالمستهلك ولكنها في الأغلب الأعم أسبوعية  ومدتها قليلة، فالإعلام مطلوب منه الكثير من الجهد في هذا الباب، وخاصة أن  مجال كبير من مجالات الرأسمال اللامادي كما ورد في الخطاب الملكي لعيد العرش لهذه السنة، ذلك أن حماية المستهلك ركن أساسي من أركان الاستقرار الاجتماعي وعنصر جوهري من حقوق الإنسان، بل هو جامع لحقوق الإنسان، لنيل الحقوق الاقتصادية وصيانتها والثقة في المؤسسات وممارسة تسوية النزاعات بالطرق الودية.

هل يُقبل المستهلك المغربي المتضرر من منتوج أو خدمة معينة بكل طواعية على الاتصال بجمعية من جمعيات حماية المستهلك المخول لها قانونيا الدفاع عنه أمام القضاء على ضوء ما جاء به القانون رقم 08 -31 في هذا الإطار؟

فيما يخص قبول المستهلك أو لجوء  إلى هذه الجمعيات، فالملاحظ أن هناك اهتمام في السنتين الأخيرتين، حيث ارتفعت وتيرة الشكاوي الواردة على المنتدى، ويمكن أيضا إرجاع ضعف الإقبال إلى ما يعيشه المستهلك من خوف مركب من جهة مرتبط بأسئلة مقلقة مثل : كيف يقدم المستهلك شكواه ضد الإدارة ؟ إلى من يقدم شكواه؟ ما هي الجهة المنوط بها حمايته؟  هذه عوامل مازالت تحد من إقبال المستهلك على الجمعيات وتقديم الشكايات بشكل مكثف كثافة ما يتعرض له من غبن وهضم للحقوق. وهنا لابد أن أشير إلى أن إشكالية تمثيل المستهلك والدفاع عنه أمام القضاء كانت مثار الكثير من النقاشات لاسيما الفصول 154، 157، 158،159بيننا كجمعيات ومنظمات تعنى بحماية والدفاع عن المستهلك مع الوزارة الوصية، وواصلت الحركة الاستهلاكية إثارتها للموضوع داخل قبة البرلمان بشقيه : مجلس النواب ومجلس المستشارين وقبلها في اللجان المعنية وخاصة لجان الإنتاجية، وكان للمنتدى المغربي للمستهلك الفضل في نقل مناقشة بنود مشروع قانون حماية المستهلك من القاعات الخارجية إلى قبة البرلمان مع فرق المعارضة آنذاك، بحضور بعض ممثلي الأغلبية في يوم دراسي  بشراكة مع الفريق الحركي. والذي كشف عنه الكثير من الغموض بالنسبة للسادة النواب والمستشارين.

أين يتجلى هذا الغموض؟

في حدود 70 في المائة من التصورات الخاطئة أوالتي كانت مبعث ريب وعدم الفهم عند السادة النواب والمستشارين، ولكن حرص السادة النواب على الإنصات لموقف المجتمع المدني (الحركة الاستهلاكية) من مشروع القانون آنذاك، وخاصة البنود المقيدة لحرية جمعيات حماية المستهلك في الحصول على المنفعة العامة،  والشروط الثقيلة  للحصول عليها، وهو تقييد أيضا لحرية المستهلكين في الاختيار وهذا ما يناقض المقتضيات الواردة  في القانون نفسه، ونحن لنا تحفظ على هذا البند، وبند الدفاع عن المستهلك بتلك الشروط - علما بان الدعاوى أمام المحاكم يشترط أن يقدمها محامي -  حيث تم التوافق في النهاية على صيغة مخففة ومتدرجة تخفيف من تلك القيود بالنسبة لحق هذه الجمعيات في مؤازرة المستهلك والدفاع عنه.

كمتخصص في مجال حماية المستهلك هل يمكن أن تأكد تحقيق القانون رقم 08.31 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك انتظارات المستهلكين والمهتمين بحماية المستهلك؟

 لايمكننا الجزم بذلك، أي القول بان القانون  08 .31 حقق انتظارات المستهلك ، للأسباب التي ذكرنا جزء منها سابقا، ولأسباب أخرى تتعلق بمراسيم التطبيق وتداخل الجهات المعنية بهذا التطبيق، إلى جانب ضعف التنسيق بين هذه المكونات وتنازع البعض في الاختصاص/ حالة مجلس المنافسة ووزارة التجارة والصناعة والاستثمار الاقتصاد الرقمي/ وقد أثيرت المسالة بحدة في السنتين الماضيتين، ومن وجهة نظر المنتدى المغربي للمستهلك، فان حماية المستهلك ولتفعيلها في الواقع المؤسسي وفي السياسات الحكومية، لابد أن تكون تحت إشراف هيئة مستقلة مفوضية مثلا أو وكالة، تجمع كافة الهيئات المعنية بحماية المستهلك وتكون  تمثيليتها مبنية على الأهداف الوظيفية، لضمان نجاعة التسيير وحكامته، بعيدا عن التجاذب الوزاري  والظلال السياسية للحكومة.

كيف تتصورون داخل المنتدى المغربي للمستهلك بنية هذه الهيئة المستقلة التي تضمن نجاعة الإشراف على حماية المستهلك المغربي حسب رأيكم وأين تتجلى ثمار اعتماد هذا الطرح؟

هذه الهيئة يجب أن تكون مستقلة ماليا وإداريا. هذا من جهة، ومن جهة أخرى يمكن القول أن القانون في حد ذاته استجاب لمطالب أكثر منه انتظارات، وهي مطالب أملتها ظروف انخراط المغرب في الاقتصاد والشراكة الدولية واتفاقيات التجارة والتبادل الحر، وحركة حقوق الإنسان محليا ودوليا، وإذا تيسر لهذه الهيئة المستقلة بتعاون الجميع العمل بشكل مضبوط سوف تتمكن من الرفع من سقف حقوق المستهلك وتمكينه من حماية فعلية، حيث باتت حقوق المستهلك من المؤشرات والشروط التي بموجبها تمنح القروض ويتم التعاون الاقتصادي. هذا إذا كانت الدولة تحترم مبادئ حقوق المستهلك، أما إذا لم تكن تتوفر الدولة على قوانين تحمي الحقوق والمصالح الاقتصادية للمستهلك، فان طلباتها مرفوضة وسيكون الأمر أيضا كابحا لتدفق الاستثمارات الخارجية على الدولة المعنية ويمكن القول أن حماية المستهلك تحقق تدفق الاستثمارات الخارجية، وكل هذا أيضا مؤسس على التوجيهات الملكية السامية (خطاب غشت 2008 )  الذي دعا فيه الجهازين التنفيذي والتشريعي، إلى الإسراع باعتماد مدونة حماية المستهلك.