في اعتقادي أن الملف الوحيد الذي لم يتناوله وزير الفلاحة الحالي (صديقي) في حكومة أخنوش الذي كان يتحمل مسؤولية تدبير ذات الوزارة منذ أن أطلق أكذوبة المخطط الأخضر هو ملف إحصاء وضبط عدد رؤوس المواشي التي نفقت تحت الدمار العنيف الذي خلفه زلزال الحوز الرهيب.
أغلب الوزارات المعنية بتعويض ضحايا زلزال الحوز أحصت ما يخصها من مخلفاته وآثره المدمر التي طالت الجبل و الحجر والشجر والبشر والبنايات والطرقات... باستثناء وزارة الفلاحة التي ظلت خارج التغطية وكأن دمار الزلزال لا يهمها في شيء أو أن الأمر لا يعنيها بالمرة.
لم نسمع ولم نقرأ طيلة أيام استنفار مؤسسات الدولة بقيادة ملك البلاد ولا بلاغ يقدم توضيحات في هذا الشأن وكأن زلزال الحوز ضرب في وسط مراعي هولاندا أو ضيعات فلاحية خارج الوطن.
هل يعلم وزير الفلاحة أن الفلاحة والزراعة المعاشية التي كانت ساكنة القرى المدمرة تعتمدها على قلة مساحات الأراضي كانت هي أساس الحياة اليومية من محاصيل المواسم ؟
هل يعلم وزير الفلاحة أن فرق الإنقاذ من جيش وسلطة محلية وقوات عمومية و متطوعين و سكان القرى بذلوا جهدا كبيرا في إنقاذ ما تبقى من المواشي وانتشالها من تحت الحطام نظرا لأهميتها و مكانتها عند أهالي الأقاليم المتضررة؟
وهل يعي وزير الفلاحة أن رؤوس الأغنام والماعز والقليل من الأبقار كانت تمثل الثروة "البئيسة" المعتمدة في ضخ البركة والقناعة بين الساكنة على مستوى توفير قطرة حليب و غرامات من الزبدة و كأس لبن بارد لتستمر قيم الكرم والإيثار ويستمر معها توافد السياح على المنطقة؟
من أين سيحصل ذلك الطفل البريء على حبة فاكهة كانت تحلم بها أشجار البرتقال والتفاح وهو عائد من مقعده الدراسي قاطعا مسافة منهكة عبر ممرات ضيقة بأعالي الجبل(منهكة) للبدن والذهن في زمن التهميش؛ وكيف له اليوم أن يقي نفسه من حرارة أشعة الشمس الحارقة بعد أن اغتصب ودمر الزلزال أشجار الزيتون ؟
كل المواطنين والمواطنات يعلمون اليوم بفضل مؤسسات الدولة كم عدد الجماعات الترابية القروية التي دمرها الزلزال وعدد الدواوير المنكوبة وعدد الأسر التي فقدت شهدائها وبناياتها بما فيها المدارس والاعداديات والداخليات والطرقات بل أننا اليوم نعرف المبلغ المخصص لإعادة الإعمار ....لكن الفضيحة هي المرتبطة بوزير فلاحتنا الذي لم يتحمس من باب المسؤولية ليوضح لنا ماذا وقع بخصوص دمار الثروة الحيوانية والزراعية التي كانت تعتبر العمود الفقري لحياة أهلنا وأحبابنا هناك في المناطق التي تكبدت خسائر مهولة.
فهل يعلم الوزير صديقي أن مجموعة من رعاة الأغنام والكسابة بأقاليمنا الصحراوية قد ساهموا بأعداد من رؤوس الاغنام وساهموا بها رمزيا لاطمئنان المنكوبين هناك؟
إن المسؤولية تقتضي أن يتحرك وزير الفلاحة بسرعة قبل دخول الموسم الفلاحي لوضع مخطط انقاذ الحياة بالجبل وتعويض أهالينا حسب ما تقتضيه اللحظة لتعود الحياة الزراعية والفلاحية على جميع المستويات.