الخميس 6 فبراير 2025
مجتمع

هل يمكن لمندوبية السجون رفض استقبال السجناء بعد استيفاء الطاقة الاستيعابية؟ بلكوش يجيب..

هل يمكن لمندوبية السجون رفض استقبال السجناء بعد استيفاء الطاقة الاستيعابية؟ بلكوش يجيب.. الحبيب بلكوش إلى جانب استعراضي لاحتكاك أمني مع النزلاء
هل يمكن لمندوبية السجون رفض استقبال السجناء بعد استيفاء الطاقة الاستيعابية؟ بلكوش يجيب..
قال الحبيب بلكوش، رئيس مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية بأن بلاغ مندوبية السجون الذي أعلنت فيه تجاوز الساكنة السجنية لرقم 100 ألف نزيل، علما أن الطاقة الاستيعابية للمؤسسات السجنية حاليا لا تتجاوز 64600 سرير، هو ممارسة جديدة لإثارة انتباه باقي المعنيين بشأن مخاطر الاكتظاظ في السجون، والتي هي مؤسسات تابعة للدولة.
وكشف بلكوش في تصريح لجريدة "أنفاس بريس" أن عددا من الدول الديمقراطية تعطي للمؤسسات السجنية إمكانية إعلان أن ليس لديها مكان لاستقبال سجناء جدد اذا كانت استوفت الطاقة الاستيعابية المتوفرة لديها، وعلى القضاء إيجاد جواب لذلك بتأجيل الأحكام أو إصدار عقوبات بديلة، ولايمكن لهذه المؤسسات السجنية أن تتجاوز قدرتها الاستيعابية من الساكنة السجنية.
وأكد بلكوش، أن الرقم الذي أعلنت عنه مندوبية السجون بتجاوز 100 ألف نزيل، كان مرتقبا، ولايشكل تضمينه في بلاغ رسمي أي عنصر مفاجأة للمتتبعين للشأنين الحقوقي والسجني، إذ سبق للمركز أن أصدر تقريرا يدق فيه ناقوس الخطر بشأن ارتفاع عدد الساكنة السجنية مطلع سنة 2022، وبأنه كانت هناك مؤشرات لهذا الارتفاع القياسي المتواصل، إذ انتقل عدد السجناء من 78716 سنة 2016 إلى 87 ألف و848 سجين في ماي 2021، علما أن أزيد من 40 في المائة من هذه الساكنة توجد في وضعية اعتقال احتياطي والذي تطول مدته.
وأكد الحقوقي بلكوش، أن مرد هذا الارتفاع هو فلسفة السياسة الجنائية التي تعتمد الردع والعقاب بالدرجة الأولى، وأن "الوصول لرقم تجاوز 100 ألف نزيل، مؤشر على خطورة الأوضاع في المؤسسات السجنية، ويتطلب  اتخاذ إجراءات عاجلة، خاصة وأن هذا الرقم مرشح الارتفاع في ظل استمرار المسببات، كما أكد ذلك بلاغ مندوبية السجون. 
الاكتظاظ في نظر الحقوقي بلكوش، له سلبيات كثيرة، من حيث الانعكاسات على الأوضاع الأمنية في السجون، وكذا على النزلاء والموظفين على حد سواء. الأمر يحتاج لنقاش عمومي جدي لإيجاد مداخل وأجوبة يساهم كل من موقعه ومسؤوليته في بلورتها لمواجهة  هذه التحديات، وإيجاد حلول للتعامل مع هذه الوضعية الخطيرة.
السؤال الذي يطرح، يقول بلكوش، وفي ظل هذه الأرقام المتصاعدة لعدد النزلاء، كيف لمؤسسة لها ميزانية تقرها الحكومة والبرلمان، أن تلبي احتياجات مرتفقيها الذين يتضاعفون بسرعة، الأمر الثاني، نحن أمام سياسة جنائية تستوجب إعادة النظر بشكل جذري في مفهوم العقاب، بما يتماشى وفلسفة ومقتضيات دستور 2011، من أنه لايمكن أن تكون للمؤسسات السجنية دور تنفيذ العقوبات الصادرة عن السلطة القضائية فقط، بل أوكل إليها كذلك، دور إعادة تأهيل النزلاء وتوفير الشروط اللازمة لإعادة إدماجهم داخل المجتمع، وهذا ما أكده الملك محمد السادس في عدد من المبادرات، ضمنها خلق مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، وكذا الزيارات الملكية المتكررة للسجون، وهذا ما يستدعي انخراط الفاعلين المختلفين، للمساهمة كل من موقعه في تقديم الاقتراحات وإعادة النظر في الواقع القائم بهدف بلورة استراتيجية جديدة لتدبير السجون وحكامتها.
ينبغي إذن التوجه لمعالجة متطلبات المشكل الأساسي القائم، وهو الاكتظاظ بالمؤسسات السجنية، وليس نقاش استقلالية القضاء أو التأثير فيه لأن لا أحد يدعو لذلك.
إن المطروح هو مراجعة جذرية للسياسة الجنائية، يساهم فيها جميع المعنيين بما فيهم جمعيات القضاة، للدفع بإخراج المشاريع إلى الوجود، والتي لم تراوح مكانها بين الوزارة والمؤسسة البرلمانية منذ سنوات.
لقد أصبح الموضوع ذو راهنية كبيرة اليوم وليس غدا، ويستوجب توسيع مساهمة مختلف الفاعلين والمؤسسات الرسمية المعنية، ومكونات المجتمع المدني، بما فيها جمعيات القضاة التي لها مصداقية من حيث الفعل والتفكير والبحث وتعزيز المؤهلات لتقديم المقترحات ومساءلة السلطات المعنية بشأن إخراج نصوص قانونية تعطيهم الإمكانية في المساهمة في حل مشكل الاكتظاظ داخل السجون وعدد من القضايا الأخرى، خاصة قضايا العقوبات البديلة والأحكام بالسجن لمدد قصيرة جدا وآليات الإفراج المبكر، وغيرها من المقترحات المطروحة منذ مدة على الساحة الوطنية وحتى دوليا. 
وختم الحبيب بلكوش، رئيس مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، كلمته مشيرا إلى أن المركز بصدد إنهاء دراسة حول وضعية المعتقلين الأحداث في المغرب داخل مؤسسات الحرمان من الحرية، والتي تدعو إلى القلق وتستوجب العناية ضمن مشروع الإصلاح الشامل المنشود.