الجمعة 3 مايو 2024
في الصميم

الصحراء والديبلوماسية.."شكون للي معانا وشكون للي مع غانا" !!

الصحراء والديبلوماسية.."شكون للي معانا وشكون للي مع غانا" !! عبد الرحيم أريري
سنغافورة، التي لا ينكر أي أحد قوتها المالية والمينائية بالعالم، لديها ميزة أخرى تتجلى في أن آلتها الديبلوماسية تشتغل بناء على مبدأ واحد، ألا وهو: رجل واحد،مهمة واحدة  ONE MAN , ONE MISSION . بمعنى أن الديبلوماسي السنغافوري المعين في بلد ما يكلف بمهمة واحدة. وعليه أن يكرس كل وقته وموارده حولها تحت طائلة المحاسبة والمساءلة عن نسبة ما حققه. علما أن ستغافورة ليس لها مشكل "الصحراء" أو "سبتة ومليلية اامحتلتين"، وليس لها ملف 45 ألف عائلة مطرودة من الجزائر بعد مصادرة أملاكها وعقاراتها وأموالها وتشتيت شمل أفرادها، وليس لها حدود مع دولة تحكمها عصابة تغرقها بالقرقوبي وحبوب الهلوسة.
 
إن كان الأمر كذلك، لماذا لا نستلهم من سنغافورة هذه الميزة لجعل سفرائنا وسفيراتنا يشتغلون على هدف واحد ووحيد: ألا وهو فضح الجزائر وحشد الدعم لأطروحة المغرب في الدول التي يمثلون فبها المغرب.

صحيح، هناك ملف مغاربة العالم وملف استقطاب الاستثمارات الخارجية وملف تعبيد الطريق للمقاولة المغربية وللحرفيين المغاربة لتغزو منتوجاتنا أسواق العالم، وملف إنعاش صورة المغرب سياحيا، وغيرها من القضايا والملفات المهمة، لكن إذا تم تعزبز الطاقم الديبلوماسي والقنصلي بالموارد البشرية الكافية والكفؤة ( وليس عبر سياسة "باك صاحبي")، فلي اليقين أن السفراء والسفيرات  سيتحررون من عدة اعباء ليتفرغوا لمهمة واحدة، ألا وهي: تسفيه وتشويه أطروحة الجزائر  من جهة، وتعبئة الدول والمجتمعات لصالح أطروحة المغرب. فيما يوكل تدبير باقي الملفات للأطر الكافية المعينة بكل سفارة وقنصلية.

فالمتأمل لجدول الموارد البشرية بوزارة الخارجية المغربية ( إدارة مركزية وسفارات وقنصليات)، سيخجل من عدد الأطر المخصصة للديبلوماسية المغربية ( بشقيها: الديبلوماسية الثنائية والمتعددة الأطراف)، وهو العدد الذي لا يمثل حتى عدد ديبلوماسيي أمريكا بسفارة واحدة بالعالم.
 
فقبل حرب أوكرانيا، كانت الولايات المتحدة الأمريكية تتوفر على 1800 موظف بسفارتها بموسكو( أطر ديبلوماسية وقنصلية وأمنية وغيرها)، قبل أن يتقلص العدد إلى النصف تقريبا بفعل الطرد والطرد المضاد والمعاملة بالمثل. وهذا العدد الهائل يسمح لأمريكا بالتقاط الشاذة والفادة عن روسيا ( ونفس الشيء يصدق على ديبلوماسية الدب الروسي بواشنطن).
نعم، الولايات المتحدة قوة عسكرية ومالية عالمية ولديها من الإمكانيات  لتحمل مصاريف تعيبن 1800 إطار بسفارة واحدة، لكن ذلك لا يمنع دولا ( مثل المغرب) من استلهام الكيفية الني تشتغل بها الدول العظمى وتطبيقها مع مراعاة السلم( l echelle) ومراعاة القياس واستحضار الإمكانيات..
بالمقابل المغرب ليس معدوما، وليس "على الضس"، إلى درجة أنه ليس بمقدوره توظيف ضعف العدد الحالي من الأطر الديبلوماسية العاملة حاليا بالسفارات والقنصليات.
فالمال العام ينفق بالمغرب في "لخوا الخاوي"، وبالتالي لو كان هناك ترشيد وعقلنة و"كبدة"، لأمكن  توفير هامش واسع يسمح للدولة بتوظيف أطر إضافية وفي تخصصات مختلفة ومتمرسة لولوج قطاع الديبلوماسية.
 
فالمغرب يتوفر على جيش من المنتخبين يقارب 26.000 فرد بالجماعات الترابية، وعلى فيلق من البرلمانيين بالغرفتين الأولى والثانية( حوالي 500 فرد)، دون أن يكون لهذه "الكلفة المالية الديمقراطية" نتائج تذكر على مستوى تجويد عيش المواطن، وبالتالي كان أولى للدولة أن تقلص من طوابق هذه "الديمقراطية المعطوية" التي تلتهم من الخزينة العامة 6 ملايير درهم في كل ولاية تشريعية (كلفة تعويضات المنتخبين والبرلمانيين وتمويل تنقلاتهم وسفرباتهم وكراء سياراتهم وتأمينهم وتمويل أحزابهم)، وتخصيص المبلغ المتوفر لتمويل الآلة الديبلوماسية بأطر "كاميكازية" ليس لها من ولاء سوى الولاء "لله والوطن والملك".
 
فالصحراء ليس فقط هي النظارة التي علينا أن ننظر بها إلى تعامل الدول معنا، بل ينبغي أن تكون هي النظارة التي نحتكم إليها في صرف المال العام وننظر بها أيضا إلى من هي النخب " للي معنا " وتلك التي مع "غانا" !!