السبت 20 ديسمبر 2025
اقتصاد

عبد الجبار العشاب: آن الأوان لتدخل الدولة من أجل ضمان مراقبة المشاريع السكنية من طرف مختبرات البناء

عبد الجبار العشاب: آن الأوان لتدخل الدولة من أجل ضمان مراقبة المشاريع السكنية من طرف مختبرات البناء عبد الجبار العشاب، مدير مختبر TREQ للبناء والأشغال العمومية  والرئيس السابق للاتحاد العام لمقاولات المغرب بمكناس
يرى عبد الجبار العشاب، مدير مختبر TREQ للبناء والأشغال العمومية  والرئيس السابق للاتحاد العام لمقاولات المغرب بمكناس - إفران أن العديد من المشاريع السكنية لا تعتمد على مراقبة مختبرات البناء والأشغال العمومية باستثناء حالات نادرة، داعيا الى تعميم  حضور المختبرات في مراقبة جودة أشغال البناء من أجل ضمان معايير سلامة المباني وتفادي وقوع انهيارات مستقبلا، كما يتطرق الى مشكل الدور الآيلة للسقوط والمباني شبه العشوائية في المدن، والبناء بالقرب من مجاري الوديان وفي المنحدرات وفي شعاب الهضاب في الجبال والقرى رغم ما يشكله الأمر من خطورة كبيرة على السكان، مقترحا وضع خارطة وإنجاز خبرات مستعجلة منك أجل الطي النهائي لملف الاختلالات العمرانية.

في نظرك ماهي أسباب الحوادث المتكررة لانهيار بنايات ببعض المدن الكبرى في السنوات الأخيرة ، ولماذا فشل المغرب في التصدي لظاهرة البناء العشوائي بما تحمله من كلفة مادية وبشرية سنويا ؟
يمكن الإجابة عن هذا السؤال من خلال نقطتين : النقطة الأولى وتتعلق بالدور والبنايات الآيلة للسقوط بالمدن العتيقة، إذ تضررت عدد من المنازل العتيقة بمراكش نتيجة زلزال الحوز ، كما انهارت صومعة مسجد باب بردعين بمكناس سنة 2010، وقد خرجت لجان تقنية لمعاينة الدور الآيلة للسقوط لمعرفة مدى صلاحيتها للإسكان أم لابد من إخلائها من أجل إعادة البناء والتأهيل، وتم في السنوات الماضية إنجاز العديد من الخبرات بهذا الخصوص بسواء بمدينة مراكش أو طنجة أو فاس وغيرها، وأعتقد أن هذا الجانب محسوم، رغم كون آراء  المهندسين تختلف بهذا الشأن، فهناك من يعتقد بضرورة الحفاظ على هذا النمط من البنايات من أجل الحفاظ على خصوصيات المدن العتيقة بالمملكة، وهو أمر لا نختلف حوله كمتخصصين في مختبرات البناء والأشغال العمومية، لكن لا ينبغي المخاطرة بترك السكان يقطنون بنايات قديمة مبنية بالحجارة وعمرها قد يصل أحيانا الى 300 عاما،
خصوصا أن هذه البنايات تظل مهددة عند وقوع هزات أرضية حتى ولو كانت ضعيفة، إذ لا تتوفر على ركائز ولا على أسقف بالإسمنت المسلح على غرار البناء العصري، وبالتالي يصعب علينا كمتخصصين معرفة قدرة البنايات القديمة على التحمل، علما أننا نفتقد الى معايير دولية بهذا الخصوص، ولذلك فنحن ننصح بالاستعانة بالسواري والأعمدة المصنوعة من الإسمنت المسلح على أن يتم تغليفها بشكل هندسي مستوحى من التراث، وأعتقد أن وزارة الإسكان التي قامت قام بإحداث الوكالة الوطنية للتجديد الحضري وتأهيل المباني الآيلة للسقوط لديها مشاريع في هذا الاتجاه وغايتها الطي النهائي لملف  المباني الآيلة للسقوط، لكن لابد من تسريع هذه العملية .
أما بخصوص البناء شبه العشوائي، و المتفشي في عدد من المدن مثل فاس، فأول شيء ينبغي البحث فيه هو مدى صلاحية المناطق التي تضم هذه المباني للبناء، وما اذا قد تم إنجاز دراسات تؤكد أن إنجاز هذه المجموعات السكنية قد تم في مواقع آمنة،  ففي السابق كانت مكاتب الدراسات تتوقع حدوث عاصفة مرة كل عشر سنوات وانطلاقا من ذلك يتم اختيار قنوات الصرف الصحي والبنيات التحتية الملائمة، لكن هذه الدراسات لم تعد صالحة اليوم مع التغيرات المناخية، ولذلك ينبغي على مكاتب الدراسات إعادة النظر في تصاميمها المعتمدة، إذ من المحتمل أن تجلب الأمطار العاصفية حمولات كبيرة من المياه..من ناحية أخرى نسجل عدم احترام عدد الطوابق المحددة التي حددتها مكاتب الدراسات من قبل المواطنين، علما أن مواصفات السواري والأعمدة تحدد بناء على عدد الطوابق السكنية، ولذلك لا ينبغي على المواطنين المخاطرة بإضافة طوابق سكنية جديدة.
دون إغفال أهمية مواد البناء المستعملة والتي لا تخضع للمراقبة، وهذا هو الجانب الذي نهتم به كمختبر للبناء والأشغال العمومية، علما أن هناك معايير تقنية ينبغي الخضوع لها فيما يتعلق بخلطة الإسمنت المسلح Béton armée ، والتي لا يتم احترامها وهو أمر خطير، مما يجعل الخلطة المعتمدة في الكثير من الأحيان بعيدة كل البعد عن المعايير التقنية المطلوبة، وهو ما يرفع من درجة احتمال سقوط عدد كبير من المباني.
بعض المهندسين لا يهتمون بمراقبة أوراش البناء ويكتفون بوضع التصاميم بمبرر عدم تلقيه لتعويضات تهم مواكبة الأشغال، ما رأيك ؟
ينبغي على كل متدخل في البناء التقيد بواجباته، فالمهندس مكلف بوضع التصاميم الهندسية وتحديد الموقع الصالح للبناء مع استحضار معطى
 الإضاءة الشمسية..بينما يتكلف مكتب الدراسات بتحديد المعايير التقنية للأعمدة وقياسها وصنف الحديد ، أما مختبر البناء والأشغال العمومية فمهمته هي مراقبة الجودة، وللأسف الشديد فالعديد من المشاريع السكنية لا تعتمد على مراقبة المختبر إلا في حالات نادرة جدا، ولذلك لابد من تعميم حضور المختبرات في مراقبة جودة أشغال البناء من أجل الحفاظ على معايير سلامة المباني، وأعتقد أن هذا الموضوع من المواضيع الشائكة التي ينبغي معالجتها من طرف الوزارة الوصية، خاصة مع وجود مختبر عمومي ( المختبر العمومي للتجارب والدراسات).

 
فما هو دور هذا المختبر إذا كان لا يقوم بمراقبة جودة أشغال البناء لفائدة المواطنين ؟
مع العلم أن هذا المختبر يعمل كشركة مجهولة الاسم ويتنافس مع مختبرات الخواص على الصفقات الكبيرة. ما دام هذا المختبر لا يقوم بمهمة المراقبة، فيمكن إسناد مراقبة جودة أشغال البناء للمختبرات الخاصة.. وأعتقد أن هذه النقطة أساسية وتمثل نسبة 70 في المائة من أسباب انهيار المباني في المدن المغربية بغض النظر عن مشاكل التصاميم ومنح التراخيص في ظروف تغيب فيها الشفافية وهذا موضوع آخر، وقد آن الأوان للدولة من أجل التدخل لضمان خضوع أشغال البناء لمراقبة المختبرات الى جانبط ضرورة الحصول على تصميم المهندس المعماري ومراقبة مكتب الدراسات.
 
ماذا عن إشكالية التجاوزات العمرانية التي تقع ببعض المناطق بمنح تراخيص للبناء في مجاري الوديان رغم ما يشكله الأمر من خطورة على حياة السكان ؟
العديد من المناطق السكنية معرضة لخطر الفيضانات بوقوعها في مجاري الوديان أو وقوعها في منحدرات أو شعاب الهضاب أو في سفوح الجبال مثل مدينة كيكو التي تقع في سفح جبل مما يجعلها مهددة بخطر وقوع الفيضان في حالة تسجيل تساقطات مطرية غزيرة، دون إغفال خطورة الفيضان الأخير الذي شهدته مدينة آسفي، ولذلك ينبغي إنجاز دراسات من طرف لجان مختصة ومكاتب الدراسات من أجل اتخاذ تدابير لمنع وقوع فيضانات عبر إقامة سدود تلية أو بناء أسوار واقية أو تغيير مجاري الوديان، ووضع خارطة تتضمن الأحياء المهددة بخطر الانهيار بسبب وجود بنايات عشوائية أو بنايات آيلة للسقوط أو مناطق مهددة بوقوع الكوارث الطبيعية والقيام بخبرات مستعجلة وإعلام السكان بضرورة إفراغ هذه المساكن في انتظار إيجاد حلول مناسبة، وأعتقد أنه ينبغي التعجيل بإنجاز هذه المشاريع والقطع مع البيروقراطية الإدارية، كي لا يبقى المغرب رهينة السير بسرعتين، علما أن الجميع يتحمل مسؤولية هذه الاختلالات العمرانية، فموظف واحد قد يعيق مشاريع مهمة واستراتيجية بتقاعسه أو بكسله أو تباطؤه في مهامه ، ولذلك لا يمكن أن نحمل المسؤولية في ما يجري من اختلالات لطرف واحد دون باقي الأطراف المتدخلة.