رحم الله من قال " يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر ". تجد هذه الحكمة المأثورة شرعيتها عند الالتجاء للمقارنة بين المدرسة العمومية بالحواضر، وشقيقتها التي تغطي مجالا ترابيا واسعا بالعالم القروي، حيث تصطدم الأطقم التربوية والإدارية والمتعلمات والمتعلمين بتوبقال الإكراهات والصعوبات.
الأستاذة فاطمة الزهراء المهدون شاءت الظروف أن تحلق بها نحو جماعة خميس الساحل الترابية بإقليم العرائش، وهي القادمة من حاضرة تتكئ على تاريخ تليد، وتطاوع الحاضر من أجل مدينة تنتصر للمواطنة وحقوق الانسان.
ولأن الفاعلة التربوية والمدنية والحقوقية تعي جيدا بأن فاكهة الأمل أقوى من مرارة اليأس، وأن مغرب الغد المتصالح مع المشترك الحقوقي الكوني، مشتله المدرسة العمومية، ولأنها مدركة بأن الوسط المدرسي يساعد في تحقيق الأهداف المجتمعية، وأن من شأنه أن يعرقل السير السليم للمؤسسة التعليمية إذا اتسم بالتنمر، فقد انخرطت بمنسوب وعي عالي في معركة بناء المجتمع من بوابة تحصين الناشئة.
في هذا السياق، ومن قلب جماعة خميس الساحل القروية، أطلقت الفاعلة المتعددة القبعات مبادرة هي الأولى من نوعها على مستوى جهة طنجة تطوان الحسيمة، اختارت لها شعار " لنتحد ضد التنمر ... لنكن أصدقاء " .
في تصريح لـ" أنفاس بريس"، أكدت الأستاذة بأن فعل التنمر أضحى من الظواهر الخطيرة التي اخترقت المدرسة العمومية ، وأصبح يهدد السلامة النفسية للناشئة ، بل تتحدث الكثير من التقارير بأن التنمر بالوسط المدرسي من بين العوامل التي رفعت من ايقاع وتيرة نزيف الهدر المدرسي الذي يهز أركان المدرسة العمومية .
المديرية الإقليمية للتربية الوطنية والتعليم الأولي بإقليم العرائش التقطت الإشارة، واستشعرت أهمية المبادرة، فسارعت إلى دعمها، وتوفير البيئة الحاضنة لضمان نجاحها. وهكذا تنقلت الفاعلة المناهضة للتنمر، إن بالعالم الواقعي أو بالفضاء الالكتروني، حيث نظمت - رغم المساحة الزمنية الضيقة - أكثر من عشرة ورشات بمؤسسات تعليمية متفرقة بالإقليم . ورشات انتقلت من التعريف بالتنمر، وأسبابه، وآثاره، وأعراضه، وطرق المعالجة ....إلى البوح الذي جاء صادما بكل المقاييس...
ولأن للموضوع راهنيته، ولأن من منافع التكنولوجيا الحديثة اختصار المسافات، وبتعاون مع فرع رابطة فدرالية حقوق النساء بإقليم العرائش، ولأن الفاعلة الحقوقية منجما من قيمة التطوع لا ينضب، ولأن مبادرة " لنتحد ضد التنمر ... لنكن أصدقاء " توسعت دائرة اشعاعها، فقد تفاعلت ايجابيا مع متعلمات ومتعلمين بمؤسسة تعليمية من تارودانت، فكانت الورشة ضد التنمر من معبر منصة الكترونية .
من جميل الصدف، أن الفاعلة التربوية فاطمة الزهراء التي نجحت في تطويع البيئة القروية حيث تشتغل، أن استقبلت يوم 02 يونيو2023 خبر سارا من تونس الشقيقة، مفاده بأنها قد فازت بالرتبة الثانية بلقب " المعلم العربي المبدع " التي تشرف عليها " الجمعية التونسية لتكنولوجيا التربية الحديثة " .
فوز يؤكد لمن لازال يراوده الشك بأن المرأة المغربية سائرة على درب اثبات ذاتها بأنها خزان من العطاء والحضور النوعي، وأن التأنيث الذي عرفه قطاع التربية والتكوين بالمملكة المغربية لمس آثاراه الايجابية على الناشئة القاصي والداني .
يذكر بأن مبادرة " المعلم العربي المبدع" انطلقت يوم 07 أكتوبر الفارة وتواصلت مراحله الثلاثة إلى يوم 02 يونيو الجاري. المحطة الأولى كان زادها 20 ورشة تدريبية حول اعداد درس رقمي مكتمل المراحل. أما المحطة الثانية فكانت وصفتها ورشتان حول كاريزما الحضور، وانجاز مشروع درس رقمي . في المحطة الثالثة كان المتباريات والمتبارين الذين اجتازوا بتفوق المحطتين السابقتين على موعد مع ورشة: كاريزما صوت المربي والمدرب يضاف لذلك اعداد مشروع فيديو تعريفي واجراء مقابلات مباشرة.
من المنتظر أن تكرم الجمعية التونسية لتكنولوجيا التربية الحديثة الأستاذة المغربية فاطمة الزهراء المهدون، التي بالمناسبة على المديرية الإقليمية للتربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة أن تلتفت نحوها وإليها بمناسبة حفل التميز الإقليمي الذي ينظم بمناسبة عيد العرش، ونهاية الموسم الدراسي.