الأحد 19 مايو 2024
اقتصاد

عمر مروك: زبناء الأبناك المغربية رهائن بيد البنوك اللاوطنية

 
 
عمر مروك: زبناء الأبناك المغربية رهائن بيد البنوك اللاوطنية عمر مروك
يتهم الجميع بسوء تعامل البنوك مع الزبناء، بل ويتم احتقارهم بفرض شروطها من معدلات فائدة كبيرة جدا.
"أنفاس بريس"، فتحت هذا الموضوع للنقاش مع عمر مروك، باحث وعضو مركز شمال أفريقيا للدراسات والأبحاث وتحليل السياسات، الذي أفادها بالورقة التالية:
 
الخدمات البنكية في علاقتها بالمستهلك أو الزبون تدخل فيما يسمى بعقود الإذعان، طبيعة عقد الإذعان تختلف عن بقية العقود، اذ يتميز بالتعسف ولا يمكن معه للطرف المذعن مناقشة شروطه لأنها مكتوبة مسبقا ولا تنتظر من الطرف الضعيف أي المستهلك سوى الموافقة عليها كاملة تحت مسمى الرضا والقبول، وهو تراضي معيب في الأصل، لأن إرادة الطرف المستهلك أو المستقبل للخدمة البنكية ليست بإرادة حرة لأنه في موقع ضعف حال بين التفاوض الحر.
باعتبار أننا أمام طرفين غير متكافئين (طرف مقدم للخدمة يفرض شروطه مسبقا وما على الزبون سوى القبول بشمولية العقد او بالرفض أي لا مجال للمساومة، وطرف ثاني مغلوب على أمره فيما يخص التفاوض حول عقود البنوك العقارية أو الاستهلاكية والتأمينات البنكية .بنوذ هاته العقود تحمي بالدرجة الاولى حقوق البنك وامتيازاته، في حين يبقى الزبون الذي لجأ للبنك للحصول على خدمة حياتية لا مجال للاستغناء عنها، تحت رحمة تفاصيل وشروط مبالغ فيها واقتطاعات احيانا لا مبرر لها ومستخدمين متعسفين تنقصهم اخلاقيات المهنة أحيانا أخرى.
ناهيك عن ان تلك العقود تتسم بالتعقيد و بلغة قانونية ومفاهيمية جافة يصعب معها للزبون الاحاطة بجوانب كل العقد، بل و يتعمد العقد البنكي ادراج فقرات و بنود جد مهمة و صياغتها بخط صغير لا يوحي بأهميتها وخطورتها، لا يتمكن الزبون من الانتباه اليها وهو ما يدخل في خانة التدليس البنكي .
إن غاية المؤسسة البنكية القصوى هي حماية امتيازاتها وليس تحقيق نوع من التوازن العقدي مع الزبون، وأحيانا تلجأ لأسلوب المخاتلة والتماطل من خلال عدم اعطاء المعلومة كاملة للزبون حتى يتم استغلال جهله بخطورة وعواقب الخطوة التي سيقدم عليها ، خير مثال على ذلك، ما وقع اثناء تداعيات كورونا، من بين الاجراءات التي لجأت اليها الحكومة للتخفيف من الوقع المادي و الاجتماعي لتلك الفترة، تم التفاهم مع الأبناك على أساس السماح لمن أراد أن يوقف الاقتطاعات الشهرية للقروض العقارية حتى تمر موجة الأزمة، ليفاجأ عموم من قدموا طلبهم للاستفادة من التوقيف انه تم التلاعب بهم وفرضت عليهم شروط مجحفة جراء تضخم خدمة الدين اكثر، بحجة ان توقيف الاقتطاعات يستوجب الادلاء بالإعسار والعجز عن الأداء، إذ عمد موظفو الأبناك عن توضيح الأمر والكشف عن المعلومة كاملة وفي وقتها، بقي على المتضررين تقديم شكايات والتي قوبلت بالتماطل و بطء المساطر ، وفي الأخير رضخ الزبائن لاستغلال البنوك اللاوطنية في فترة كان من المفروض التضامن ولو بمستوى ادنى، عوض السعي للكسب غير المشروع و تعميق ازمة المواطن المغلوب على امره.
المشكل اعمق مما يبدو ، تتداخل فيه عدة خيوط منها قوة لوبي الأبناك باعتبارها القطاع الوحيد الذي يراكم الارباح في كل الظروف و لا يخسر حتى خلال وقت الازمات، ناهيك عن غياب المنافسة و الاحتكار بالقطاع البنكي عامة، ناهيك عن ضعف التواصل والخطاب السلس والمنتوج المحفز الذي يستهدف نوعا من الموازنة بين مصالح كل من البنك والزبون، الترسانة القانونية موجودة متمثلة في القانون رقم 31.08 المتعلق بحماية المستهلك والذي يمنح بنك المغرب صلاحيات في مجال حماية زبناء مؤسسات الاتمان، وكذا القانون رقم 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، إلا أن الأشكال يبقى متمحورا حول مدى نجاعة توفر تلك المؤسسات على منظومة داخلية كفؤة لمعالجة الشكايات التي يقدمها الزبناء والتوفر على وحدة مركزية لمعالجة تلك الشكايات بروح المسؤولية والوطنية ، وتتبعها ومعالجتها بالشكل اللازم وفي وقت قياسي لا يضر بمصالح الزبون العاجلة والمستجدة