الجمعة 29 مارس 2024
في الصميم

أبراج الرياض وبلادة حكام الرباط!

أبراج الرياض وبلادة حكام الرباط! عبد الرحيم أريري
اليوم الجمعة (10 مارس 2023)، قادتني التزامات مهنية إلى حي الرياض بالرباط، وتحديدا إلى المنطقة التي دشنت مؤخرا قرب بريستيجيا حيث بنيت عمارات وأبراج عالية لإيواء المجلس الأعلى للحسابات والمحافظة العقارية ومحكمة الاستئناف وغيرها من المرافق.
 
نقطتان سلبيتان جدا آلمتني:
أولها: تخص محكمة الاستئناف، التي بقدر ما يبهج منظرها المعماري ويبهر رونقها الخارجي، بقدر ما تشمئز النفس من تكلس المسؤولين واحتقارهم للمرتفقين، إذ رغم فرعونية "قصر العدالة" أبى المسؤولون إلا أن يخصصوا مكتبا حقيرا بناصية الشارع مخصص للمرتفقين الذين يودون ولوج المحكمة، إذ يصطف المئات من المواطنين (أغلبهم نساء وعجزة)، أمام هذا المكتب الذي يشبه "خما للدجاج"، للحصول على ترخيص الولوج للمحكمة بعد الإدلاء بالبطاقة الوطنية. والحال أن مبنى "قصر العدالة" جد فسيح وبني بضرائب الشعب، وكان أولى تخصيص مكان محترم يسع زوار المحكمة يضم كراسي ومراحيض وواقي الشمس ويحفظ آدمية المرتفق، بدل تمريغ كرامة المواطن في "قصر العدالة" ياحسرة!!.
ثاني نقطة سوداء بهذا المجمع الإداري تتمحور حول بلادة المخططين بالوكالة الحضرية بالعاصمة والمجلس الجماعي للرباط الذين رخصوا ببناء قصر العدالة وبناء تلك الأبراج العالية بدون استحضار توفير باركينغ للموظفين ولزوار المرافق الإدارية والقضائية المعنية. إذ يضطر المواطن إلى "رمي برويطته" في الخلاء بمكان بعيد جدا، في الوقت الذي كان يتعين تشييد مرائب باطنية تسع سيارات الشرطة والقضاة والمحامين والموظفين والمرتفقين الذين يحجون الى هذه الإدارات والمحاكم. إذ لا يعقل- ونحن في القرن 21 وتحديدا في عام 2023- أن يبقى المهندسون والمخططون الحضريون بالمغرب متخلفين، ويعتنقون عقلية تعميرية تمتد إلى القرن الثالث "البوذي"، بدون باركينغات كافية، وبدون خطوط للنقل العمومي (حافلة، ترام، باصواي....)، وبدون إنجاز منافذ طرقية أو "بروطيل" bretelle d'accès  لضمان انسياب السير بدل أن يتم توجيه حركة السير كلها نحو مدارة الحزام الأخضر مما يخلق "جلطة دموية طرقية " باستمرار!
إذا كان هذا حال التعمير البئيس والبليد بالرباط حيث الحكومة والبرلمان، فكيف سيكون عليه واقع التعمير والتخطيط الحضري بالمدن الأخرى؟!