السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

ادريس المغلشي: بقايا أزمة

ادريس المغلشي: بقايا أزمة ادريس المغلشي
دع عنك النظريات في تدبير الإدارة العصرية، فهي مجرد شعارات تتخلى عن فعاليتها ونجاعتها متى أمسك بها الارتجال واستبدت بها الفوضى. فأغلب مبادئها ومقوماتها حالمة فاقت سرعتها وسطا إداريا متخلفا ومحنطا، غير قادر على تجاوز معيقاته. العناوين براقة ذات حمولة قوية ومضامين مغرية. صورتها جاذبة ومثيرة، لكن طريقة تدبيرها أصبحت متجاوزة. المنهجية الكلاسيكية هي الأخرى لم تعد قادرة على مسايرة مستجدات وتحولات الساحة المتسارعة، وأغلب مسؤولينا لا يتوانوا بمناسبة وبغير مناسبة في تقديم دروس ومحاضرات بدواعي أنها غيرمجدية.
لكنها تظهر فجاة بمعالمها المشوهة من خلال المؤشرات لتصدمك من جديد. مجموعة من الشعارات المرفوعة كثير منها مناسباتي، كمسكنات مهدئة بشكل مؤقت ما تلبث أن تظهر فجأة كفطريات عشوائية، بعدما  إلتف حولها بائعو كلام. إذا أردت معرفة النوايا الخفية للإدارة بعيدا عن النص وتمظهراته فما عليك سوى البحث عنها في الهوامش والقرى المنسية والمداشر، بعيداعن الرسميات. أغلب الأوراش التي تهتم بالقطاعات الحيوية كالتعليم والصحة تعيش معيقا بنيويا في التصور وعدم قدرة المسؤول المركزي على إعطاء فسحة اجتهاد داخل النص لخصوصية المجال. التوجه  الخطير الذي أصبحت تتبناه الإدارة عموديا كونها تتبنى فكرة المجموعة المنضبطة للنص بشكل آلي. وهو مايعتبر تعسفا للفكرة وروحها التي تستدعي الوفاء، في مقابلها تحتاج لحرية التصرف وإبداع في الإخراج، حسب خصوصية المجال، وهذا ما ركز عليه جل  المهتمين والمراقبين في مرافعاتهم واضعين الأصبع على مكامن الخلل. الأحداث تتكرر وبنفس الأخطاء ونفس النتائج دون أن نجد من يسلط عليها الضوء لإنقاذ مايمكن إنقاذه. في ظل ظروف غلب عليها طابع التكتم وتجسيدا للشعار الدارج " لخطية لي ماشافوهاش عينين كلها ربح ".
باعتبار التتويجات لحظة إنسانية بامتياز  يتم من خلالها تقديم الحصيلة. الغرض منها تقييم مشروع وأثره على المنظومة التربوية والذي يجب أن يكون عائده على التلميذ بالضرورة. في هذا السياق حضر وزير التربية الوطنية بمناسبة الإحتفال بأستاذ السنة برسم 2022 والذي تم يوم  5 فبراير 2023. وهي لحظة زمنية تساءلنا عن التوقيت ما دام هو الآخر لا يعرف استقرارا كمنظوتنا المتعثرة. فكل سنة نحتفل في يوم ما من اختيار جهة غير معلومة دون ذكر السبب وكان الأحرى أن تتم هذه المناسبة كاقتراح تم تقديمه عدة مرات دون أن يجد آذانا صاغية، في محطتين أساسيتين  5 أكتوبر غو نهاية السنة الدراسية. باعتبارهما دالتين على رمزية معينة. كما أن أكبر أكاديمية في الوطن المحتضنة للحدث. لا تملك قاعة جذيرة بهذه اللحظة. وهو أمر يسائل تدبير هذه الأكاديمية .
الاحتفال يأتي في سياق ساحة متوترة شغيلة غير راضية على وضعها المادي من خلال اتفاق إطار يحتاج لكثير من المحطات والنضال والتوضيح أيضا. وتلاميذ نقطهم معلقة في السماء وفي علم الغيب مادامت الوزارة تجيد سياسة الهروب إلى الأمام عوض الجلوس إلى طاولة الحوار وتتميم مقتضيات الإتفاق. الأكيد أنه سيشكل شحنة قوية حقيقية في إطار التحفيز كما تدعي لتحسين المردودية عوض لحظة مناسباتية فيها من الصور والمجاملات وهدر للزمن والإمكانات دون أن تقدم شيئا يذكر للمنظومة. إشكالياتنا في تدبير الأزمة أننا لا نملك جرأة التحليل والمواجهة للمعيقات الحقيقية. التناقض الصارخ الذي نعيشه يبين بجلاء أننا لا نجيد سوى لغة وسياسة (الفيترينا) والحال أننا نعيش بقايا أزمة تدبير متجاوز يعتقد البعض أو يسعى لإيهامنا بأنه لازال يملك مفعولا سحريا لتحقيق نتائج مأمولة والحال أننا في الحقيقة  ننتظر سرابا.
قبل تتويج أساتذة مبدعين برسم سنة 2022  في التربية، وبالمناسبة نهنئهم في ظل ظروف صعبة  لازال هناك بصيص من الأمل وسط هذه العتمة القاتلة، نحتاج كذلك  لمسؤولين مبدعين. فلايمكن أن نطلب من الآخرين ما نحن عاجزون عن تحقيقه. ففاقد الشيء لايعطيه.