الجمعة 29 مارس 2024
في الصميم

لتشرب فرنسا ودولتها العميقة مياه البحر!

لتشرب فرنسا ودولتها العميقة مياه البحر! عبد الرحيم أريري
تم اعتبار حلول كاترين كولونا، وزيرة خارجية فرنسا، بالرباط يوم 16 دجنبر 2022، وإعلانها عن انتهاء أزمة التأشيرات، وكذا إعلانها عن موعد زيارة الرئيس ماكرون للمغرب المقررة في الربع الأول من سنة 2023، بمثابة  طي صفحة الفتور بين المغرب وفرنسا الذي دام لأزيد من سنة. وذهبت بعض التعليقات إلى الحديث عن "التقارب بين البلدين" و"العلاقة المتجذرة بين البلدين". لكن استحضار شريط التحرش بالمغرب من طرف الدولة العميقة بفرنسا في السنوات الأخيرة، سيجعل المتتبع اللبيب لا يثق في نوايا فرنسا، ولا في خطاب  وزيرة خارجيتها كاترين كولونا، ولا حتى في تصريحات رئيسها ماكرون.
 
لن أذهب بعيدا في استعراض مسار التوتر بين المغرب وفرنسا بالعودة إلى السنوات الأولى للاستقلال بإبراز الجفاء عقب التجارب النووية الفرنسية بحدود المغرب الصحراوية، أو عقب أزمة اختطاف المهدي بنبركة، أو الأزمة الحادة في ثمانينات القرن العشرين بعد اصطفاف زوجة الرئيس ميتران مع انفصاليي البوليساريو، وما تلا ذلك من قطيعة بين البلدين عقب صدور كتاب "صديقي الملك"، بل حسبي التوقف فقط عند النفاق الفرنسي وابتزاز المغرب من طرف الدولة العميقة بباريز في السنوات العشر الأخيرة:
 
1- ألم تعمد الدولة العميقة بفرنسا عام 2008 إلى خلق "هولدينغ للإعلام الفرنسي موجه للخارج" تحت اسم AEF تابع لوصاية المخابرات الخارجية لفرنسا DGSE لتوجيه "الضربات الإعلامية الموجعة" لكل من تراهم فرنسا يهددون مصالحها العليا، وحرصت على توجيه كشافات قناة فرانس 24 بالخصوص لنقل كل ماهو أسود بالمغرب؟
 
2- ألم ترسل الدولة العميقة بفرنسا في فبراير 2014، كومندو من الشرطة لمقر إقامة السفير المغربي بباريز لإبلاغه دعوة من قاضي التحقيق للاستماع لمدير المخابرات المغربية في مزاعم تعذيب؟
 
3- ألم تنفض الدولة العميقة بفرنسا الغبار في نفس السنة، عن تصريح سابق لسفيرها بالأمم المتحدة فرانسوا دولاتر، يصب الزيت على النار ، حين قال بأن "المغرب يشبه العشيقة التي نجامعها كل ليلة رغم أننا لسنا بالضرورة مغرمين بها، لكننا ملزمون بالدفاع عنها"؟
 
4- ألم ترسل الدولةالعميقة بفرنسا في يونيو 2014، عميلها مصطفى أديب لمستشفى "فال دوغراس"، للاعتداء على الراحل الجنيرال عبد العزيز بناني، المفتش العام للجيش الذي كان يعالج به؟
 
5- ألم تتعمد الدولة العميقة بفرنسا في مارس 2014 إهانة المغرب عبر إذلال وزير الخارجية (صلاح الدين مزوار) بمطار شارل دوغول وتفتيشه، وكأنه مهرب حشيش أو حراك؟
 
6- ألم تنفخ الدولة العميقة بفرنسا في الجمر في سنة 2017 (بعد عودة المغرب للاتحاد الإفريقي)، بتحريك أذرعها الإعلامية في القنوات التلفزية والصحف الورقية والإلكترونية للتهجم على المغرب، واستهداف سياسته العمومية بشأن الاستثمار بالقارة السمراء؟!
 
7- ألم تعط الدولة العميقة بفرنسا الإشارة للجمعيات الدائرة في فلكها ( 25 جمعية فرنسية) لمراسلة الرئيس ماكرون في 2017، ليتدخل بدعوى أن المغرب يشن حرب "إبادة" ضد سكان الحسيمة ؟!
 
8- ألم تحرك الدولة العميقة بفرنسا في صيف 2021، صحفها وجمعياتها لقصف المغرب بمزاعم تسخيره برنامج بيغاسوس للتجسس على سياسيين ومسؤولين أوربيين؟!
 
9- ألم تصدر الدولة العميقة بفرنسا "فتوى" في خريف 2021 بضرب حق المغاربة في التنقل لرؤية أفراد أسرهم بتخفيض حجم حصص الفيزا إلى النصف اعتقادا منها أن ذلك سيساهم في إشعال فتيل التوتر بين المغاربة والسلطة العمومية، فإذا به يتحول إلى فرصة لرفع جرعة كراهية المغاربة لفرنسا؟ 
 
10- ألم تنزلق الدولة العميقة بفرنسا في صيف 2022 إلى الدرك الأسفل حين أرادت تحويل المغرب إلى "مزبلة لاستقبال المتطرفين"، بعد رفض المغرب استقبال الإمام إغويسن الذي ازداد ونشأ ودرس في فرنسا، ولا علاقة للمغرب بتطرفه؟!
 
11- ألم تقم الدولة العميقة بفرنسا في شتنبر 2021 بسلوك ديبلوماسي وقح، يتجلى في سحب سفيرتها بالرباط "هيلين لوغال"، دون أن تكلف نفسها حتى احترام المساطر البروتوكولية المعتمدة بين البلدان في هذا الباب، بشكل جعلت المغرب يرد في الحين بتعيين محمد بنشعبون، السفير المغربي بباريس آنذاك، على رأس صندوق محمد السادس للاستثمار دون أن تكون باريس على علم بالقرار بدورها؟!
 
12- ألم تقم الدولة العميقة بفرنسا "بتسخين الطعارج" في قصر الإليزي طوال رئاسة ماكرون لدورة الاتحاد الأوربي( بدأت مع مطلع 2022)، لدفع الرئيس الفرنسي( أي رئيس دورة الاتحاد الأوربي)، إلى عدم برمجة أي لقاء رسمي أو اجتماع مع المغرب؟!
 
هل بعد كل هذه السوابق الدنيئة يمكن للمغاربة الأحرار أن يثقوا في فرنسا، وفي دولتها العميقة؟
 
هل يمكن أن نصدق جدية هرولة الرئيس ماكرون حاليا نحو المغرب، وإرساله "كاترين كولونا"، وزيرة خارجية فرنسا، لبحث سبل وترتيب شكليات لقاء ماكرون مع الملك محمد السادس في مطلع 2023؟!

فحتى لو بعث المسيح وزف هو شخصيا خبر رغبة فرنسا وهرولة رئيسها لطي صفحة الجفاء مع المغرب، فلن أثق أبدا بالفرنسيس ولا بالتزاماتهم.
 
الحمد لله أن المغرب "سخن كتافو بأمريكا" بعد اعترافها بسيادة المغرب على صحرائه في دجنبر 2020، وبعد أن نوع شركاءه في الصين وروسيا وبريطانيا. ولتشرب فرنسا ودولتها العميقة مياه البحر!!