الجمعة 10 مايو 2024
رياضة

الزبير: أسود الأطلس.. تعجز اللغة أمامكم 

الزبير: أسود الأطلس.. تعجز اللغة أمامكم  نايل الزبير عن انتصار المنتخب المغربي
ضمن مشاهدات مونديالية، تحدث الزميل نايل الزبير، الإعلامي السوداني، معلقا على انتصار المنتخب المغربي على نظيره البرتغالي، بالقول: "كسروا مجاذيفهم وفرضوا عليهم العزلة والحسرة ورحلة التوهان، بعد أن ذكروهم بمعركة وادي المخازن.."
فيما يلي مشاهدات  نايل الزبير:  

الكتابة اليوم مرهقة وعصية وشاقة وتحتاج إلى مكر ودهاء.. 
الحروف مهما كانت حضورا فهي في هذا اليوم غياب. والكلمات مهما كانت جَزْلى فهي مواعين ضيقة على حمل المعاني.. ومهما تجيشت اللغة واحتشدت المضامين لتكتب عن أسود الأطلس فهي عاجزة وحائرة ولن تبلغ بك المرام.. 
ثلاثة أسابيع والعرب والأفارقة ينامون على وسائد ريش النعام ويتبسمون، وهم يتقلبون في المنام وكل حكاياتهم لأطفالهم عن كيف طعم الحياة عندما تظللها سحائب الفرح وتهب عليها أنسام الفوز والنصر.. تهتف المدن والقرى والأرياف والنجوع وتتحدث بكل الفخر والإعزاز عن فتية المغرب الذين أحيوا أملا في النفوس التي طال سباتها في كهف الخيبات والانكسارات.. 
ثلاثة أسابيع وأسود الأطلس تعود بِطانا بصيدٍ وافر بعد أن نصبت أمام كل دار من المحيط إلى الخليج خيمة للفرح، ورسمت الابتسامة على شفاه، لو أرادت التبسم كانت تهرب للتاريخ لتجتر منه ذكرى الأمجاد والبطولات..

جاؤوا مع قسمات الفجر كالحلم الجميل، جاءوا بكل إرث وحمولات التاريخ وقطعوا على أنفسهم عهدا ووعدا، أن يمضوا بأشواقنا شوطا بعيدا وأن يكونوا المطر على الأرض اليباب، جاؤوا كالبِشارات الجميلة إلى دوحة العرب ومعهم الأمل والرجاء أن يرفعوا الراية ويشيدوا للمجد صرحا.. من خلفهم دعاء أمهات ملحاح، ودموع عشاق أضناهم الشوق واستبدت بهم الأماني، فكانوا في الميعاد.. وفاء بالوعد والعهد.. 

نزل فريق البرتغال مزهوا يختال كالطاؤوس وهو ينظر فوق أكتاف اللاعبين، لكنه لم يدرِ أن الأسد لن يفرط في عرينه وسيجعلهم طريدة تتخفى بين سيقان الأشجار، لأنه سيد الغابة والسهل والجبل… 
كانت البرتغال بالنسبة لهم مثل رأس الرجاء الصالح، جسرا وهمزة وصل وهم يعبرون مضايق المونديال لبلوغ غاياتهم ورفع راياتهم لترفرف خفاقة بكل معاني البسالة وإرادة الصمود.. 

أعادوا أساطيل فاسكو ديغاما وجوقة المستكشفين إلى لشبونة بلا توابل أو ذهب.. كسروا مجاذيفهم وفرضوا عليهم العزلة والحسرة ورحلة التوهان، بعد أن ذكروهم بمعركة وادي المخازن… 
أسود الأطلس.. كنتم أبطالا.. كنتم فرسانا.. كنتم كل الفرح 
مبروك الإنجاز التاريخي