الخميس 28 مارس 2024
فن وثقافة

برطون: فن الشارع جنس إبداعي مستقدم من الغرب يشترط الموهبة ولا يدخل في خانة "السعاية"

برطون: فن الشارع جنس إبداعي مستقدم من الغرب يشترط الموهبة ولا يدخل في خانة "السعاية" مصطفى برطون
كثيرون هم من باتوا يتخدون من الأزقة والشوارع فضاء عرض لمواهبهم باختلافها ومن المارة جمهورا لهم، إنه ما يعرف ب "فن الشارع"، نسبة للمكان الذي يحتضن عروضه باختلاف وتعدد أنواعها وأجناسها، إلا أن هذا الفن اختلف حوله البعض، بين من يصنفه ضمن خانة التسول ومن يرى فيه تكسيرا لجدران قاعات العرض.
وللوقوف عند هذا، تواصلت "أنفاس بريس" مع مصطفى برطون، بصفته الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للموسيقيين المحترفين. 
 
فن الشارع.. تسول مقنع أم تكسير لجدران قاعات العرض؟ 
لا يعتبر فن الشارع تسولا، لأنه لا تتوفر فيه شروط هذا الأخير، الذي يكون عادة طريقة تلجأ لها فئتين من المجتمع، الأولى عبارة عن أشخاص يعيشون تحت عتبة الفقر، يكونون بحاجة ماسة للمال فيتخدون من "السعاية" مصدر رزق لهم، والفئة الثانية هم أناس احترفوها وطوروا من أساليبها، إذ نجده تارة يستعطفون المارة باستغلال إعاقة أو أطفال سواء كانوا من صلبهم أو أبناء غيرهم وغيرها من الحيل، التي تساعدهم في جني المال دون عناء. 
فن الشارع بعيد كل البعد عن ما سبق ذكره فهو نوع من أنواع الإبداع، التي استقدمت من الخارج وبالتحديد من الدول الأوربية.
وما يؤكد كون هذا الجنس الإبداعي لا يصنف في خانة التسول، هو أن من يمتهنونه يقدمون عروضا، ليس بمقدور أيا كان تقديمها، لكونها تشترط توفر الموهبة، فقد يلجأ له أساتذة الموسيقى والغناء أحيانا لتحسين ظروف عيشهم في ظل قلة العروض وفرص الشغل من جهة وهربا من ظروف الاشتغال الكارثية التي تعرفها هذه المعاهد والمؤسسات من جهة أخرى. 
فقد فضل الفنانون خاصة بعد الأزمة الخانقة التي واجهتهم مؤخرا بسبب الأزمة الصحية العالمية وكذا موجة الغلاء التي اجتاحت العالم، تقاسم مواهبهم مع مرتادي الشوارع بدل الجلوس مكتوفي الأيدي، يبكون حظهم وسوء أحوالهم المادية، في انتظار تلقي عروض الجهات المعنية بالقطاع الفني أو التلفزيون والإذاعة.
 
كما أن جمهور عروض الفنية المقدمة في الشارع، لا يدفع المال إلا بعد أن يستمتع بها وتنال إعجابه، بغض النظر عن ما نوع ذلك العرض.
أشجع بدوري هذا الفن، لكن إذ كان مبنيا على أسس مقننة، بمعنى أن يراعي جملة من الشروط كتقديم العروض في فضاءات عمومية بعيدة عن أماكن إقامة الساكنة، تفاديا لأي نوع من أنواع الإزعاج.
 
هل يمكن لفن الشارع أن يساهم في إبراز المواهب؟
في نظري فن الشارع يمكن أن يساهم في اكتشاف طاقات فنية أقوى من تلك المعروفة في الساحة الفنية.
كما أن مزاولة فن الشارع وتقديم العروض بشكل يومي، يعد بمثابة تمرين مستمر يتيح لهم فرصة صقل وتنمية ملكاتهم ومواهبهم، فإن كان يعزف يصبح ضليعا في الآلة التي يعزف بها، وإن كان يغني فهو يمرن أحباله الصوتية، بل أكثر من ذلك فقد يصادق شخصا مهتما بالفن والمواهب، يتبنى موهبته هذه وتكون بذلك انطلاقته في عالم الفن والاحتراف، كما حدث مع عدد من الأسماء الفنية الوازنة عربيا وعالميا أيضا.