الجمعة 29 مارس 2024
في الصميم

أكادير..خراب زلزال 1960 أهون من خراب 11ألف تلميذ بالباكالوريا؟!

أكادير..خراب زلزال 1960 أهون من خراب 11ألف تلميذ بالباكالوريا؟! عبد الرحيم أريري
هل يعقل، ونحن في أوج التعبئة لتنزيل مشروع "الدولة الاجتماعية"، أن نضحي بمصلحة11 ألف تلميذ سيجتازون الباكالوريا بأكادير ونقدمهم قربانا للسقوط والفشل في الامتحان؟
فرغم انطلاق الموسم الدراسي في مطلع شتنبر 2022، لازال تلاميذ الباكالوريا بثانويات مدينة أكادير لم يتلقوا دروسهم في عدة مواد أساسية في امتحان الباكالوريا( خاصة الفيزياء والفلسفة)، بشكل يضرب مبدأ المساواة بين أبناء المغرب وتكافؤ الفرص بينهم من جهة، ويعري عن نفاق وزيف شعارات "النموذج التنموي" من جهة ثانية، خاصة وأن معد تقرير النموذج التنموي (الوزير شكيب بنموسى)، هو نفسه المسؤول قطاع التعليم وبالتالي المسؤول رقم واحد عن جريمة حرمان 2،5 من تلاميذ المغرب من حظوظ النجاح في الامتحان المقبل للباكالوريا، لعدم توفير وزارته أستاذة لتدريس المواد المذكورة بالثانويات العمومية (يصل عدد تلاميذ الباكالوريا بمدينة أكادير إلى 15.000 تلميذ، منهم 11.000 تلميذ بالمدرسة العمومية وهم المعنيون بالدرجة الاولى بهذه الفضيحة).
الفضيحة التي فجرها الزميل سعيد أهمان بصفته ضحية، بحكم أن ابنه يعد من بين القرابين التي قدمها الوزير بنموسى ومدير أكاديمية سوس إلى مذبح الاستهتار بالشعب وبالدستور، تستوجب تدخلا عاجلا من رئيس الحكومة بالنظر إلى أن هؤلاء التلاميذ حرموا لحد الآن من الدراسة لسبعة أسابيع. وهنا فداحة الجرم، لأن الموسم الدراسي أصلا يضم 34 أسبوعا فقط. بمعنى أن لامسؤولية وزير التعليم واستهتار مدير أكاديمية سوس وتهاون منتخبي أكادير، جعل 11 ألف تلميذ يحرمون من 20 في المائة من المقرر الدراسي، أي أن خمس الميزانية الزمنية للموسم الدراسي لهذه السنة تبخرت. وهنا تطرح أسئلة مقلقة حول كيفية استدراك هذا الضياع حتى لايجد تلاميذ أكادير بالمدرسة العمومية (وبالتالي 11 ألف أسرة مغربية) أنفسهم أمام لا تكافؤ الفرص في امتحان الباكالوريا القادم. علما أن الذنب ليس ذنبهم لأن المسؤولين هم الذين تخاذلوا في سد الخصاص وفي سوء تدبير الموارد البشرية للحيلولة دون حدوث الفجوات الرهيبة.
هذه الفضيحة تأتي والمداد الذي كتب به خطاب الملك محمد السادس في 6 نونبر2019 لم يجف بعد. إذ لأول مرة زكى الملك محمد السادس الوضع الجيواستراتيجي لمدينة اكادير في حرب المغرب مع العدو الجزائري، بإقرارها كمدينة تتوسط المغرب بين شماله وجنوبه، وهو إقرار لم يلتقط المسؤولون دلالاته وأبعاده السياسية.
فكيف سيتسنى لأكادير أن تنهض وتلعب هذا الدور الاستراتيجي إن كان وزير التعليم ومدير أكاديمة سوس يخربون أكادير ويخربون أحلام تلاميذ أكادير ويخربون الأمن العام لحوالي 11 ألف أب و11 ألف أم، لم يرتكبوا أي ذنب سوى أنهم أنجبوا أبنائهم بمدينة دخلت الرادار العالمي عام 1975 بفضل اختيارها من طرف المرحوم الحسن الثاني كمدينة لإعطاء انطلاقة أعظم وأبهى مسيرة سلمية في تاريخ البشرية، وهي المسيرة التي مكنت المغاربة من استرجاع صحرائهم.
في عام 1960 حكمت الأقدار على أكادير بخراب الزلزال، لكن بفضل إرادة المغاربة أعيد بناء أكادير آنذاك وخرجت أساسات مدينة جميلة على أنقاض الزلزال. اليوم تتعرض ثانويات أكادير لخراب زلزال تعليمي لوأد مستقبل 11.000 تلميذ، لكن بفضل شرفاء البلاد الذين انخرطوا في حملة لفضح الفاشلين في وزارة التعليم، قد يتم بعث الأمل لإنقاذ الموسم الدراسي بعاصمة سوس والمطالبة بإقالة الساقطين من مهامهم ومناصبهم، وذلك أضعف الإيمان.