الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

رشيد لبكر: الخطاب الملكي حول الأزمة إلى فرصة للإنطلاق

رشيد لبكر: الخطاب الملكي حول الأزمة إلى فرصة للإنطلاق رشيد لبكر
كان الخطاب الذي وجهه الملك محمد السادس، أمس بالبرلمان، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة مؤسسا بحيث يمكن اعتباره خطاب تحويل الأزمة إلى فرصة للتجاوز  والإنطلاق.
فقد جاء هذا الخطاب الملكي مستجيبا لضرورات ملحة تعرفها بلادنا، بحيث يؤسس لمقاربة جديدة لتدبير ندرة المياه ولجلب المزيد من الإستثمارات.
 وهكذا، ففيما يتعلق بالمحور الأول الذي خصص لإشكالية ندرة الماء بالمغرب، أعتقد أن  الخطاب الملكي كان صريحا في دق  ناقوس الخطر منبها إلي خطورة الوضع بالمغرب، الذي اصبح يواجه بالفعل مشكلة حقيقية على مستوى أمنه المائي، ومن جانب آخر فهو دعوة إلى ضرورة التعامل بجدية أكبر مع هذه المادة الحيوية. وفي هذا الصدد، أكد أن الجميع مطالب اليوم بتحمل المسؤولية، لا فرق في ذلك بين الدولة والأفراد والمؤسسات، بدليل قوله: “أن الحالة الراهنة للموارد المائية، تسائلنا جميعا، حكومة ومؤسسات ومواطنين، وتقتضي منا التحلي بالصراحة والمسؤولية، في التعامل معها، ومعالجة نقط الضعف، التي تعاني منها”.
إن هذا شكل، في نظرنا، دعوة صريحة من جلالته إلى التسريع في تفعيل المخطط الوطني الجديد للماء كإجراء مستعجل على المدى المتوسط، من شأنه تعزيز سياستنا في مجال الماء عبر تدارك التأخر في كيفية تدبير هذه المادة ومن ثم بلورة خيارات جديدة لهذا التدبير تكون دائمة ومستدامة. خيارات تتأسس على عدد من التوجهات، حددها الملك، في النقط التالية:
أولا- بلورة مبادرات أكثر طموحا تستثمر فيها الإبتكارات الجديدة والتجهيزات المتطورة من أجل مواجهة الهدر المائي عبر إعادة استعمال المياه العادمة. 
ثانيا - ترشيد استغلال المياه الجوفية عبر التصدي لظاهرة الضخ السائب والآبار العشوائية، ثم البحث عن موارد مالية لتمويل هذه المشاريع وتعبئة كل الإمكانات لتفعيل هذا المخطط، الذي يجب الإبتعاد به والنأي به بالنظر إلى أهميته القصوى عن المزايدات السياسية والتجاذبات المصلحية الضيقة.
وعليه، فمجمل هذه الإجراءات، هي ما يشكل، حسب وجهة نظر الملك، المدخل نحو تدبير أمثل للطلب على الماء، ومن ثمة تحقيق اكتفائنا الذاتي منه، وتجاوز وضع الإجهاد المائي الذي اصبح ذا طابع هيكلي يندر بالخطر. 
أما في ما يخص المحور الثاني من الخطاب، فاظن انه يكتسي نفس أهمية  المحور الأول، بالنظر إلى حساسية الموضوع الذي تطرق إليه الملك محمد السادس وهو قضية الإستثمار، الذي جدد دعوته الى ضرورة رفع العراقيل لتحقيق إقلاع اقتصادي حقيقي، عن طريق الإرتكاز على مضامين الميثاق الجديد للاستثمار الذي استاثر بوقت مهم من البحث والدراسة والمشاورات المكثفة، لذا فالمغرب يعول الآن على هذا الميثاق لإعطاء جاذبية اكبر لنموذجه الإقتصادي، ولأنه  يحظى باهتمام جلالته، فقد دعا إلى ضرورة تخصيص  الإستثمار بالدعم المركزي للدولة أولا، ثم العمل علي التفعيل الحقيقي لسياسة 
اللاتمركز ،فضلا عن رقمنة الإدارة وتوفير الدعم المالي للمشاريع المنتجة، إضافة الى منح ثقة أكبر للمستثمرين الراغبين في الإستثمار في المغرب عبر تفعيل وسائل التحكيم والوساطة،وكلها اجراءات تدخل في مجال تأهيل المنظومة القضائية لجعلها في خدمة الاقتصاد وداعمة للاستثمار.
فهذه الدعامات، تشكل في نظري، المفاتيح الأساسية التي حددها الملك، ويجب الإنكباب عليها من آجل إعطاء زخم جديد للإستثمار الذي يعتبر الواجهة الأساسية التي يطل بها المغرب على العالم.