الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

رضا الفلاح: الفوز والهمجية.. إسقاطات لعبة كرة القدم على لعبة العلاقات السياسية المغربية الجزائرية

رضا الفلاح: الفوز والهمجية.. إسقاطات لعبة كرة القدم على لعبة العلاقات السياسية المغربية الجزائرية رضا الفلاح
عندما تستوطن الهمجية في تربية وثقافة وقيم جماعة بشرية معينة فإنها تجد في المنافسات الرياضية وفي المقررات الدراسية، وفي المنابر الإعلامية، بل وحتى في أوساط "المثقفين" فرصا مواتية للإفصاح عن وجهها البشع. 
المتعارف عليه في لعبة كرة القدم أن في النهاية لدينا فائز ومنهزم. تؤطر اللعبة قواعد والمنافسة تشرف عليها اتحادات دولية ووطنية. فمبدئيا، لا شيء يبرر الاعتداء وممارسة العنف من قبل أي طرف على خصمه.
لكن، في لقاء الأمس لما انتهت المباراة بفوز أشبال الجزائر على أشبال المغرب، قام الأطفال الجزائريون الفائزون بشن هجوم شنيع واعتداء همجي على أقرانهم المغاربة الخاسرين. وجدت نفسي أحاول فهم ما يجري عبر المقارنة بين لعبة كرة القدم ولعبة العلاقات السياسية المغربية الجزائرية.
لماذا يعتدي الفائز في عقر داره على ضيفه المنهزم؟ ولماذا يلمع الأمن الجزائري بغيابه، وكأنه تشجيع ضمني لما حدث؟
الجواب يوجد في تحليل مظاهر العقدة التي رسمها ورسخها النظام الجزائري في مخيال الجزائريين بكل فئاتهم وأعمارهم طيلة 60 سنة! 
كل المناسبات هي عبارة عن فرص منتظرة سانحة لإفراغ حقد دفين وكراهية لا تحول دونها أعراف و لا قوانين ولا مؤسسات ولا أخلاق، ولا أية كوابح! بل الغريب والمريب أن حتى الفوز الذي يُفترض أن يعوض ولو مؤقتا عن رغبة كامنة في الانتقام لم يفلح في إخماد نار أججتها تربية وثقافة وتنشىة سياسية تحولت إلى دوغما وعقيدة ثابتة ضد كل ما هو مغربي!!
إذا ما أسقطنا كل ذلك على العلاقات السياسية بين البلدين الجارين، يمكننا فهم السبب وراء رفض الجزائر لدعوات فتح الحدود، ودعوات الصلح، بل وصدها بتعنت لليد المغربية الممدودة باستمرار!!
لا يشعر النظام الجزائري بالأمن والأمان بالرغم من ميزانية دفاع عسكري تتجاوز ضعفي ميزانية المغرب، وأصل الداء ثقافي أكثر منه سياسي أو اقتصادي، لأن التمثلات تحجب الرؤية عن مكاسب الصلح والتعاون.
تشاؤم العقل بعبارة غرامشي يفرض علينا كمغاربة أن نتعايش مع قدرنا كجزيرة حسب عبد الله العروي، لأن لا أمل في نظام لا يرى فوزا حقيقيا إلا في السلوك الهمجي، والذي يمكن تشخيصه بكونه خليط من السادية والمازوشية sado-masochiste!!
في العلاقات المغربية الجزائرية، تملأ ثقافة العداء والأفكار المغروسة في عقول ونفوس الأجيال المتعاقبة عند الجيران فراغ الهوية وهشاشة مشروع العيش المشترك.
ختاما، سأذهب إلى القول بأن نظام الجزائر يعادي المغرب لكي لا تزول ولا تندثر الجزائر حسب تصورهم، ولن يذهب ظمأ العقدة حتى ولو فازوا في المباريات، فبالأحرى عندما يتكبدون الهزائم الدبلوماسية والسياسية!!
ومع كل هذا، دعونا نتمسك بتفاؤل الإرادة ونحلم سويا بمستقبل مشترك يفوز فيه الجميع مغاربة وجزاىريين..مع استحضار المثل الإنجليزي: الأمل في الأفضل والاستعداد للاسوأ!!