الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

عبد الحق غريب: النقابة الوطنية للتعليم العالي لن تمهل الحكومة وقرار شل الجامعات في يوم 18 شتنبر 2022

عبد الحق غريب: النقابة الوطنية للتعليم العالي لن تمهل الحكومة وقرار شل الجامعات في يوم 18 شتنبر 2022 عبد الحق غريب، أستاذ التعليم العالي وعضو اللجنة الإدارية
لن أبالغ إن قلت أن الموسم الجامعي 2021-2022 يعتبر موسما استثنائيا في تاريخ النقابة الوطنية للتعليم العالي وفي تاريخ الجامعة العمومية، ذلك أنه لأول مرة في تاريخ المغرب تُقرر اللجنة الإدارية الإبقاء على أشغالها مفتوحة لأربع اجتماعات متتالية (بمعدل اجتماع كل شهر: 29 ماي، 3 يوليوز و28 غشت و18 شتنبر 2022)، ولأول مرة منذ نشأتها تهدد النقابة الوطنية للتعليم العالي بمقاطعة الدخول الجامعي 2022-2023. وتأتي حالة التأهب القصوى التي أعلنت عنها اللجنة الإدارية والتهديد بالمقاطعة غير المسبوق نتيجة استياء وتذمّر الٱساتذة الباحثين من عدم جدية الوزارة في حوارها مع المكتب الوطني الذي دام لعدة سنوات، وتملصها من تنفيذ وعودها والتزاماتها المتضَمَّنة في البلاغات المشتركة بين الطرفين (النظام الأساسي لهيئة الأساتذة الباحثين، مرسوم الدكتوراه الفرنسية...).
لن أعود إلى كرونولوجيا لقاءات المكتب الوطني مع الوزراء الذين تعاقبوا على رأس وزارة التعليم العالي (لحسن الداودي، سعيد أمزازي، عبد اللطيف ميراوي) حول الملف المطلبي للسيدات والسادة الٱساتذة الباحثين بشكل عام والنظام الأساسي بشكل خاص،ولن أعود إلى البيانات المشتركة بين النقابة والوزارة والتزامات هذه الأخيرة، ولن أعود إلى دوافع خوض خطة نضالية تصاعدية التي قررتهااللجنة الإدارية بتاريخ 29 ماي الماضي، والتي قد تعصف بالموسم الجامعي 2022-2023، بعد خيار المقاطعة الشاملة الذي عبر عنه أعضاء اللجنة الإدارية يوم 3 يوليوز 2022 وعبرت عنه المكاتب الجهوية في بياناتها الصادرة السنة الماضية.. لن أعود لكل ذلك لأنني تطرقت إليه في مقال نشرته يوم 25 غشت تحت عنوان : "لماذا ستقاطع النقابة الوطنية للتعليم العالي الدخول الجامعي 2022-2023 ؟".
في المقابل أود أن أعبرعن رأيي حول مآل الحوار بين المكتب الوطني والوزارة الوصية، وأن أتكلم بكل صراحة وأسمي الاشياء بمسمّياتها، ليس من أجل خلق جو من اليأس والإحباط بل بهدف إثارة الإنتباه وضرورة توخي الحيطة والحذرفي تعامل النقابة الوطنية للتعليم العالي مع وعود الحكومة. 
في هذا السياق، أطرح السؤال التالي :
هل فعلا الدولة لها إرادة حقيقية ونيّة صادقة لإصلاح التعليم العالي العمومي إصلاحا شموليا؟ وهل الحكومة مستعدة لتنفيذ التزاماتها والاستجابة لمطالب النقابة الوطنية للتعليم العالي؟ 
لنكن صرحاء وواقعيين ونعترف بأن الدولة تَعتبر التعليم العمومي المدرسي والعالي عبئاٌ عليها وقد اختارت وقررت أن ترفع يدها عليه،وليست لها أي إرادة أو نيّة في إصلاحه، لأن الإصلاح الذي تسعى إليه هو تشجيع التعليم الخاص وتهميش التعليم العمومي.ولعل ما يؤكد هذا الكلام، بالإضافة إلى السياسة النيوليبرالية المتوحشه التي اختارتها الدولة، وسياسة المماطلة والتسويف التي تنهجها الوزارة في حوارها مع النقابة الوطنية للتعليم العالي وتملصها من التزاماتها هو أن مشروع القانون المنظم للتعليم العالي الذي تقترحه الآن الوزارة يُبيّن بما لا يدع مجالا للشك أن الدولة بصدد دق آخر مسمار في نعش الجامعة العمومية بشكل عام وفي نعش كرامة الأستاذ الباحث بشكل خاص،وليست لها أي إرادة لإصلاح الجامعة العمومية والنهوض بالتعليم العالي والبحث العلمي وتحسين الوضعية المادية للأستاذ الباحث بما يليق ومكانته الاجتماعية والاعتبارية (وسأعود إلى موضوع القانون المنظم للتعليم العالي بالتفصيل لاحقا).
من أجل كل هذا، لا أخفي سرا إن قلت أنني لست متفائلا بخصوص مآل الحوار بين الوزارة والنقابة (واتمنى أن أكون مخطئا)، وأرى أن الإستجابة لمطالب السيدات والسادة الٱساتذة الباحثين رهين بمدى ضغط وقوة النقابة الوطنية للتعليم العالي. لهذا، فإن المطلوب الآن من الأجهزة الوطنية والجهوية والمحلية للنقابة الوطنية للتعليم العالي هو توَخّى الحيطة والحذر ومزيدا من التعبئة والاستعداد لكل الأشكال النضالية بعد 18 شتنبر المقبل، من أجل تحقيق المطالب المشروعة للسيدات والسادة الٱساتذة الباحثين.
جدير بالذكر أن اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتعليم العالي كانت قد قررت خطة نضالية تصاعدية خلال اجتماعها بالجديدة يوم 29 ماي 2022، بدأت بتنفيذ إضراب وطني أيام 7 و8 و9 يونيو، وأنها أجلت مقاطعة الدخول الجامعي مرتين متتاليتين (يومي 3 يوليوز و28 غشت) لإعطاء مهلة للحكومة من أجل تنفيذ وعودها وإخراج النظام الأساسي إلى حيز الوجود.
وجدير بالذكر كذلك أن الناطق الرسمي باسم الحكومة عبر أمام الرأي العام خلال ندوته الصحفية الأخيرة، وبجانبه وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عن التزام الحكومة بالإفراج عن مرسوم النظام الأساسي للأساتذة الباحثين في بداية شتنبر. 
الآن، وفي انتظار الاجتماع الحاسم للجنة الإدارية يوم الأحد 18 شتنبر واجتماع مجلس التنسيق يوم السبت 17 شتنبر، وبعد أن أجلت النقابة الوطنية للتعليم العالي بحسن نيّتها الإعلان عن مقاطعة الدخول الجامعي 2022-2023 وأعطت مهلة للحكومة مرتين متتاليتين (يومي 3 يوليوز و28 غشت)، يمكن القول أن الكرة توجد في ملعب الحكومة، وأن نزع فتيل غضب السيدات والسادة الٱساتذة الباحثين رهين بمخرجات اللقاء الثلاثي بين رئاسة الحكومة ووزارة المالية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والإبتكار الذي قال عبد اللطيف ميراوي أنه سيُعقد يوم الاربعاء 7شتنبر، والذي (اللقاء) يُنتظر منه تحكيم رئيس الحكومة والحسم النهائي لإخراج النظام الأساسي إلى حيز الوجود، خاصة ما يتعلق بحجم التعويضات، وبعد ذلك فتح المجال للحوار حول القانون المنظم للتعليم العالي والإصلاح البيداغوجي.