الأحد 28 إبريل 2024
كتاب الرأي

ادريس المغلشي: صرخة الفنان مهيول 

ادريس المغلشي: صرخة الفنان مهيول  ادريس المغلشي
كم نحتاج من صرخة لنقف على حقيقة واقع فني مؤلم أصبح  يبعدناعن الذوق السليم والإحساس المرهف يوما بعد يوم . صرخة فنان او انتفاضة سميها ماشئت لكنها أيقظت فينا سؤالا محوريا يحاصرنا جميعا. أي بؤس هذا الذي اصبحنا نعيشه في ظل تفكك مجتمعي وتحول قيمي يسئ لصورتنا الإنسانية ؟ 
رغم ان الصرخة جاءت متأخرة لكنها معبرة ومؤلمة وقاسية لدرجة تنبه الجميع ان كل الميادين والمجالات الفنية ذات البعدالإنساني افتقدت جانبامهما من تدبيرها.الجانب الإنساني ليحل محله الجانب المادي.من المؤسف أن نتفقد حالة الفنان بعد موته ونقول فيه كلاما اعتبره شخصيا نوع من المجاملة ان لم تكن صورة صريحة من النفاق .
تابعت بإمعان المرحوم نور الدين بكر في برنامج المواجهة مع بلال مرميد الصحافي المتخصص في الفن السابع ذكرى وفاة المرحوم . حيث بدا عفويا كعادته صريحا يعتمد في كلامه على مفردات بسيطة ومعبرة. لايصطنع المواقف ولايراوغ في الردود. حين تركز الكاميرا على ملامح وجه يبدو الحزن محتلا كل الأمكنة تكتشف من خلال قربها منه تجاعيد تحمل سيرة معاناة و تبدو مستسلمة لهموم الوقت يترجمها لسانه بألفاظ متواضعة. مما جعل الصحفي  يصرح في ثنايا الحديث ان الحوار مع نورالدين كان سهلا سلسا لم يجد فيه صعوبة للتعبير على مستوى عال من الصراحة . 
غادرنا نور الدين الذي اعترف أن منذ وفاة الفنان القدير الطيب الصديقي أصبح يتيما لا أحد يهتم به. رحم الله الجميع.  مادامت الأيام الأخيرة نعيش على وقع  مغادرة ايقونات فنية بشكل مسترسل يعيد للأذهان أعمالا خالدة لكنها سرعان ماتغادر وكانها لاتطيق البقاء .رحم الله الجميع .
لكن المثير في الحدث وغير خاف على كل متابع أن جيلا لم ينصف ولم ينل حقه وهو يعاني مرارة العيش كالمواطن البسيط على حدسواء .
لا اخفيكم صورتان متطابقتان لجيل من الفن والكورة أبدعوا في زمن شح الامكانات لكنهم لم ينصفوا رغم ماقدموه من فرجة ذات قيمة أطرت وأثرت فينا كشباب وعلمتنا قيم يبدو أننا فقدنا معظمها إن لم تكن كلها في زمن مادي متدني . أصبح في المجتمع فئتان من الفن إن صح التصنيف مادام أمرا واقعا واحدة تناسب علية القوم والثانية تشبه لحد بعيد المواطن البسيط المقهور .
 وأنا أستمع لتصريح مهيول بعد تشييع جنازة نور الدين بكر الفنان الذي لم تنصفه الساحة الفنية كغيره من الجيل الذي عايشناه في زمن ولى . إن قوة وجرأة الكلمات لم تأت من فراغ فالإحساس بالغبن حتى لا أقول الظلم والحيف والتهميش يجعل الفنان ينتفض مرتين الأولى كونه لم يلق العناية التي يستحق كمساهم في هذا الوطن. رغم البطاقة المزعومة والتصريحات الملغومة والحال انه يعاين بأم عينيه نهاية مأساوية لفنان رحل عن الوجود دون ان ينصف والثانية أن المرحلة أحدثت تفاوتا كبيرا بين جيل الأمس والجيل الحالي .بل الخطير في الأمر ذهاب الدعم للشيخات والراقصات في أبراج عالية وفنان عصامي يموت في صمت بين التهميش والإهمال .فعلا أن الواقع الفني اليوم انعكاس حقيقي للمعيش اليومي . مأساة بكل المقاييس وكل المعاني حين يفقد فنان الأسلوب ويخونه التعبير لحدود يطغى بكاؤه على كلامه هزلت..