الجمعة 29 مارس 2024
سياسة

معارض جزائري يقرأ دلالات قرار الانقلابي قيس سعيد ضد المغرب

معارض جزائري يقرأ دلالات قرار الانقلابي قيس سعيد ضد المغرب المعارض الجزائري كريم مولاي والرئيس التونسي قيس سعيد
وجه الخبير الأمني والمعارض الجزائري كريم مولاي، بنادقه صوب القرار الرئاسي التونسي لقيس سعيد، عندما استقبل الإنفصالي إبراهيم غالي، للمشاركة في قمة طوكيو بتونس، غير آبه بمخاطر القرار التونسي على المنطقة المغاربية.
"
أنفاس بريس" تنشر مقال كريم مولاي:
 
"في سابقة خطيرة أقدم الرئيس التونسي قيس سعيد على استقبال زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي المشارك في "ندوة طوكيو الدولية للتنمية في أفريقيا" (تيكاد)، على طريقة رؤساء الدول.. وزاد من ذلك أن استقبله أيضا في قصر قرطاج مرفوقا بعلم الجبهة، على الرغم من أن تونس لا تعترف رسميا ب"الجمهورية الصحراوية"..
 
ولم تكتف الديبلوماسية التونسية التي بدت مرتبكة بسبب هذا التصرف غير المسبوق في تاريخ البلاد، بذلك بل أصدرت خارجيتها بيانا اتهمت فيه الرباط بالمغالطة في قراءة الحدث، وهو بيان عمق الأزمة أكثر وجعل من امكانية تجاوزها أمرا في غاية الصعوبة، ليس فقط لأنه برر طريقة الاستقبال ومشاركة البوليساريو في القمة، وإنما لأنه تضمن أيضا معطيات أثبتت الخارجية المغربية بعدها أنها غير صحيحة.
 
يذكر التونسيون ومعهم المغاربة ما جرى في محافظة قفصة التونسية عام 1978 والدور المغربي الذي قام به الراحل الحسن الثاني في إخماد نار فتنة أهلية كادت تغير تاريخ تونس بالكامل، ويجدون صعوبة في فهم السلوك العدواني الذي دفع بالرئيس قيس سعيد القادم إلى الرئاسة من مجاهيل السياسة إلى الرد على الحسنة بالسيئة، لكن هذه الصعوبة في الفهم ستنجلي بسرعة إذا عرف السر، وهو الانخراط في محور الجزائر وإيران في مواجهة المغرب..
 
السلوك التونسي باستقبال زعيم البوليساريو، وهو موقف من المحتمل أن يتطور إلى ما هو أسوأ، لا يقدم ولا يؤخر في الموقف من ملف الصحراء المغربية، التي هي عمليا تحت الإدارة المغربية منذ عقود.. لكنه بالتأكيد سيزيد من توتير الأجواء وعرقلة جهود إحياء الوحدة المغاربية التي من شأنها تذليل صعاب العيش أمام شعوب منطقتنا..
 
يمكن فهم الموقف الذي أقدم عليه الرئيس التونسي المنقلب على خيارات شعبه في الديمقراطية، بأنه تكرار لسلوك الدكتاتوريين الذين كلما ضاقت عليهم مسارب الفعل السياسي داخليا اتجه لخلق أزمة مع الخارج، من أجل تضليل الرأي العام وتجاوز الأزمات الداخلية.. والقول بوجود أزمة بين تونس والمغرب غير مقنع، بالنظر إلى تاريخ العلاقات بين البلدين وإلى عدم وجود تعارض بينهما في المصالح..
 
طبعا من حق الذين يتحدثون عن السيادة التونسية أن يدبجوا البيانات والشعارات عن استقلالية القرار التونسي، وأنه تعبير عن التزام دولي، وأن يتحدثوا عن مكاسب تونس المقبلة على الإفلاس وفق التقارير الدولية من قمة تيكاد والتعهدات اليابانية بالاستثمار وما إلى ذلك، أما العارفون بخبايا المشهد التونسي فيعلمون علم اليقين، بأن ما جرى كان تنفيذا لطلب من النظام الجزائري، الذي يسعى لإشعال حرب مع المغرب من خلال تأليب المحيط ضده.. 
 
من معركة استخدم فيها القوى الإسلامية لإسقاط الدكتور أحمد الريسوني من رئاسة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بدعوى انتصاره لمغربية الصحراء ودعوته للتفاهم المباشر مع الصحراويين في تندوف بعد عجز السياسيين عن ذلك.. إلى تحريض الموريتانيين ضد المغرب، ثم الآن تونس، يعتقد النظام الجزائري أنه ينتصر لنفسه وللبوليساريو، بينما هو يزرع بذور الفتنة والاحتراب الأهلي وتقطيع الأرحام، وهي مشاريع ستنهار مهما تم حشد المال والعتاد لها..
 
الجديد في المعركة الديبلوماسية الدائرة الآن بين رئاسة تونس والشعب المغربي، أنها دقت إسفينا في علاقات بلدين وشعبين لم يسبق لهما أن اختلفا حتى في أحلك الفترات صعوبة، وهو الإنجاز الوحيد للإنقلاببين في الجزائر وتونس معا.. أما الرباط التي لم تقترف ذنبا سوى أنها طالبت الجميع برفع يدهم عن قضاياها الداخلية وترك ملف صحرائهم بيد الأمم المتحدة، فيبدو أن نصيبها أن تظل كبيرة في وأد هذه الفتن وإخمادها.."