الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

البعمري: ملف الهجرة الغير النظامية.. أي كلفة؟!

البعمري: ملف الهجرة الغير النظامية.. أي كلفة؟! نوفل البعمري
لا أحد سيجادل في كون ما حدث بالناظور هو أمر مأساوي، مؤسف و محزن و يساءل الضمير الإنساني العالمي الذي مازال يتسامح مع الحروب والاضطرابات التي تتسبب في هكذا تحركات لنزوح جماعي بحثا عن الفردوس المفقود الذي انتهى لنا انتهى إليه من استغلال لهم وإسقاطهم في يد تجار البشر وأنظمة السوء التي لا تتوزع في استغلال أي ملف حتى و لو كان إنسانيا من اجل ضرب المغرب وإحراجه مع جيرانه. 
 
الحدث المأساوي الذي شهدته مدينة الناظور التي تعرضت للترويع للأسف بفعل طبيعة التحرك المنظم  الذي قام به هؤلاء المهاجرين الغير النظاميين والذي كانت تكلفته باهضة بسقوط ضحايا من افرادهم و جرحى الواجب من أفراد القوات العمومية الذين كانوا يقومون بواجبهم لمنع هؤلاء من للوصول للسياح الحديدي الذي يفصل مليلية المحتلة عن الناظور، و هو الواجب الذي يفرضه عليهم القانون ويفرضه التزام المغرب اتجاه محاربة الهجرة الغير الشرعية خاصة عندما تتقاطع مع أجندات الجريمة العابرة للدول، تكلفة هذا الحادث المأساوي تحتاج لأن تتم من خلالها مسائلة عدة أطراف، منها:
 
- أول من يجب مسائلتهم هي الأمم المتحدة التي تريد من الدول أن تقوم بواجبها في محاربة الهجرة الغير النظامية وعندما تقوم هذه الدول بواجبها، قد تجد نفسها في مواجهة تحركات دولية أو أممية تساءلها عما حدث، دون أن توفر لها أية حماية خاصة عندما تكون تلك الأحداث نتيجة تشابك عدة معطيات إجرامية تقودها منظمات الاتجار في البشر!!.
 
- الإتحاد الأوروبي عليه كذلك أن يفهم أكثر ان المغرب عندما يقوم بواجبه فهو يقوم بذلك من منطلق التزام أخلاقي و سياسي اتجاه ملف جد معقد، و أنه ليس بدركي أروبا، و عندما تقع مثل هذه الأحداث المدبرة لابد و ألا يكتفي الاتحاد الاروبي بالإعلان عن مواقف داعمة للمغرب، بل يجب أن يكون هناك تحرك أوروبي داعم للمغرب. 
 
- مسؤولية الجيران قائمة و ثابتة، فهي منذ سنوات تدفع في كل مرة بمهاجرين غير نظاميين بالدخول للمغرب من الجهة الشرقية للحدود المغربية، من أجل "إغراق" المغرب بإعداد كبيرة من المهاجرين الغير النظاميين الذي يتم استقدامهم من طرف شبكات الاتجار في البشر من دول بعيدة عن المنطقة و لها مسارات للهجرة أكثر أمنا وقربا لأروبا، فالمهاجر القادم من دارفور أو السودان له مسار اذا أراد أن يقطعه أفضل بكثير من المرور عبر ليبيا ثم تونس والجزائر والمغرب ليدخل لأروبا!! ما يؤكد هذه الوقائع هو ما سبق أن أعلنه المغرب عن كون الجزائر ترفض أي تعاون أمني مع المغرب لمحاربة الهجرة الغير النظامية والحركات الإرهابية، بهذه الواقعة يبدو أنه ظهر السبب، ومصلحة هذا النظام في إيقاف مثل هذا التعاون لتورط أجهزته مع شبكات الاتجار بالبشر. 
 
هذه الاطراف الثلاث المعنية بما حدث يجب أن يطرح معها الملف، ملف الهجرة الغير النظامية ككل وليس فقط هذه الواقعة، و اذا كان هناك مو يطالب بفتح التحقيق، فنحن أول من يجب المطالبة به لمعرفة ملابسات ما حدث، كيف تم تجميع هؤلاء، و كيف تم دخولهم للمغرب خاصة المهاجرين منهم القادمين من دارفور جنوب السودان، وكيف خططوا لاقتحام مليلية لذلك الشكل المنظم،و من أوعز لهم بالقيام بهذه المهمة؟ َهي كلها أسئلة سنحتاج لأجوبة عنها وإن كانت أصابع الاتهام واضحة لمن يجب أن توجه. 
 
و نحو نطرح هذا الملف بتعقيداته الجديدة، لا يمكن أن نكون ضد أي تراجع حقوقي في تدبير الملف، المغرب على المستوى الرسمي اعتمد منذ سنوات سياسة واضحة في مجال الهجرة و اللجوء، و قام بتسوية وضعية الآلاف من المهاجرين، و مكن العديد من طالبي اللجوء من بطاقة لاجئ، و في عز أزمة كورونا شملت حملة التلقيح كذلك في خطوة إنسانية بليغة المهاجرين بغض النظر عن وضعيتهم القانونية… و هي خطوات تظهر المغرب كبلد ملتزم بمختلف تعهداته الدولية الحقوقية، وهو التزام أخلاقي، صادق عبر عنه الملك في أكثر من مناسبة و لم يكن يوما رغم تكلفة تدبير هذه الملف ماديا، سياسيا، أمنيا موضوع تراجع رسمي أو غير من طرف المغرب، بل ظل المغرب ملتزم بتبني سياسة واضحة اتجاه ملف الهجرة و اللجوء،و هي السياسة التي يجب أن تتعزز ب: 
 
1- بفتح نقاش حقوقي و قانوني لإصدار قانون جديد لدخول و إقامة الأجانب، و طالبي اللجوء ليكون متلائما من مختلف التزامات المغرب الدولية،خاصة منه مخرجات الميثاق الدولي للهجرة الآمنة الصادر في مراكش سنة 2018،اعلام نيويورك، و يراعي مختلف التحديات الجديدة التي أصبحت تطرحها قضية الهجرة الغير النظامية. 
 
2- تعزيز الإستراتيجيات المتعددة للمغرب في مجال الهجرة واللجوء خاصة منها الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء، فحدث كالذي وقع لا يمكن التعامل معه إلا باعتباره حدثا عابرا في زمن حقوقي مغربي باختيار استراتيجي واضح انتهجه المغرب منذ سنة 2013، و لن يكون فيه تجار البشر ولا أنظمة مفلسة سببا في التراجع عن هذه الاختيارات الحقوقية والإنسانية.
 
أخيرا لا يمكن إلا أن نترحم على مختلف ضحايا هذا الحدث المأساوي الذي سجل مقتل 23 مهاجر غير نظامي و متمنياتنا بالشفاء العاجل للضحايا منهم 76 في صفوف المهاجرين الغير النظاميين و 140 فرد من أفراد القوات العمومية، ضمنها 5 إصابات خطيرة.