الخميس 18 إبريل 2024
مجتمع

بوعياش تعيد النقاش حول نظام الإرث إلى دائرة الضوء

بوعياش تعيد النقاش حول نظام الإرث إلى دائرة الضوء أمينة بوعياش(يسارا) إلى جانب رئيس جامعة محمد الخامس بالرباط
كشفت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن الكثير من الأسر، خاصة تلك التي لم ترزق بذكور، أصبحت تلجأ بشكل متزايد إلى القيام بإجراءات قانونية وصورية كبديل عن القواعد الحالية لنظام الميراث، من قبيل البيع أو الصدقة أو الهبة، وذلك بهدف حماية بناتهن من قاعدة التعصيب وما قد يواجهن من حرمان من سكنهن بعد وفاة الاب أو بهدف حماية أحد الزوجين المتبقي على الحياة أو من أجل تحقيق المساواة بين الإناث والذكور من أبنائهن.  

جاء ذلك خلال الكشف عن بحث ميداني، حول آراء المغاربة في نظام الإرث في المغرب، وهي الدراسة التي أنجزتها جمعية النساء المغربيات للبحث والتنمية بشراكة مع المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، قدمت يوم الثلاثاء 14 يونيو 2022 بكلية الحقوق بالرباط.

وأضافت رئيسة المجلس الوطني لحقوق أن اجراء دراسة ميدانية، سيعضد بالتأكيد، إيجابية النقاش العمومي، وربط ما هو قانوني بما هو مجتمعي. والجامعة، هي الفضاء الأمثل لاحتضان هذا الحوار، لأنها، وبحكم دورها المحوري في انتاج المعرفة، الأقدر على مواكبة ديناميات التحولات الاجتماعية ومساعدة المجتمع على فهمها والتعاطي معها، خاصة في الجوانب المتعلقة بالتحولات القيمية، باعتبارها تحولات مفصلية في تاريخ المجتمعات، وتتخذ في غالب الأحيان، شكل مخاض عسير يؤدي إلى مسارات اجتماعية وثقافية جديدة بالمجتمع.

وذكرت بوعياش بتوصية اللجنة المعنية بالقضاء على أشكال التمييز ضد المرأة بتحمل الدول الأعضاء مسؤولية توفير حماية دستورية صريحة من أجل تحقيق المساواة الشكلية والموضوعية، ومن أجل عدم التمييز في المجالين العام والخاص. على أن يشمل ذلك جميع المسائل المتصلة بقوانين الأحوال الشخصية والأسرة والزواج والميراث، وجميع مجالات القانون.

وشددت بوعياش على أن المجلس الوطني لحقوق الانسان رصد، في تقاريره السنوية والموضوعاتية، استمرار العراقيل القانونية والواقعية التي تحول دون تحقيق المساواة بين الجنسين. فمن جهة، ورغم إقرار مدونة الأسرة لحق كل واحد من الزوجين في نصيبه من الأموال المكتسبة بعد الزواج، فإن نسبة كبيرة من النساء لا تتمكن من الوصول إلى هذا الحق سواء لعدم المعرفة به، أو لعدم تفعيل النظام التعاقدي للأموال المشتركة وبالنظر أيضا للإشكاليات المتعلقة بعبء الاثبات. 

وحسب رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، لم ينعكس المقتضى القانوني للمساواة في مدونة الأسرة على مقتضيات الكتاب السادس منها والمتعلق بالميراث، والذي بقي حاملا للعديد من مظاهر التمييز وعدم المساواة، ومن صورها نظام التعصيب وأثر اختلاف الدين على الحق في الميراث، وميراث ذوي الأرحام، فضلا عن القيود المفروضة على الوصية، وهو ما يساهم بشكل قوي في الحد من ولوج الفتيات والنساء إلى الأرض والثروات وفي جعلهن أكثر عرضة للفقر والهشاشة.

وختمت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن القاعدة القانونية، مهما كان مصدرها، تبقى قاعدة اجتماعية، تنشأ لكي تنظم روابط وعلاقات اجتماعية، ولا يمكن لذلك عزلها عن تطور المجتمع وتطلعاته واحتياجاته، مقتبسة من المفكر عبد الله العروي، الذي أوضح في إحدى تدخلاته منذ اكثر من سنتين "بأن الإرث، مشكلة اجتماعية اقتصادية، يمكن تناولها، من وجهة نظر المنفعة والمصلحة". و"يجب على الدولة أن تتناول هذه المسألة من وجهة نظر موضوعية ومن زاوية حقوق الإنسان". ذلك أن التأطير الحقوقي للموضوع وما يترتب عليه من اجتهادات تؤصل للمساواة وتستهدف منفعة ومصلحة جميع الأفراد هو الكفيل بإنهاء الظلم الاقتصادي والغبن السوسيوثقافي وتحقيق العدل والإنصاف للجميع.