السبت 20 إبريل 2024
سياسة

تجنيد أطفال البوليساريو.. خنجر جزائري في قلب إفريقيا

تجنيد أطفال البوليساريو.. خنجر جزائري في قلب إفريقيا الفضيحة الكبرى التي تتصدر هذه الجرائم تتمثل في تجنيد أطفال تندوف ، وتقديمهم كحطب جهنم
بافتتاح المركز الدولي للأبحاث حول الوقاية من تجنيد الأطفال بمدينة الداخلة يكون المغرب قد دشن شوطا آخر في معركته من أجل فضح ممارسات جنرالات الجزائر وتابعتها البوليساريو، خاصة في مجال العبث بحاضر الطفولة الصحراوية ومستقبلها. إن استحضار أهداف ومبادئ هذا المركز ليبرز أهمية رهاناته، وحساسية الموضوع الذي يجمع المنتظم الدولي على التحذير من خطورته، وعلى إدانة مرتكبي جرائمه.
إن من أبرز هذه الأهداف والمبادئ كما حددها عبد القادر الفيلالي، الرئيس المدير العام للمركز، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء:

إعداد الدراسات والأبحاث والاستشارات حول الوقاية واستغلال الأطفال، ورصد ومراقبة مختلف الانتهاكات في مناطق النزاع حول العالم، وتوفير آليات للترافع الدولي أمام منظمات الأمم المتحدة في مختلف المنتديات، بتعاون مع المجتمع المدني في العالم أجمع، والهيئات المدنية العاملة في هذا المجال. بالإضافة إلى تطوير ونشر استراتيجيات لمواجهة جميع أشكال تجنيد الأطفال، مع تقديم حلول مبتكرة لمكافحة استغلالهم في النزاعات المسلحة.

اعتبارا لأهمية هذا الموضوع، وتقديرا لأبعاده الإنسانية، أعدت "الوطن الآن" هذا الملف لتسليط الضوء على هذه القضية الحساسة، وعلى مستوى من مستويات جرائم الحرب التي يرتكبها جنيرالات الجزائر وأيديهم القذرة في مخيمات تندوف، وعلى امتداد منطقة الساحل ومناطق إفريقية أخرى، حيث تتضاعف مثل هذه الجرائم بالتوازي مع أنشطة الجماعات المسلحة الشبيهة من قبيل تنظيم القاعدة وبوكو حرام وغيرها...

إن العودة إلى بداية الصراع الذي افتعلته الجزائر للتشويش على مشروع المغرب من أجل استكمال وحدته الترابية تنبهنا إلى أن تأسيس البوليساريو من طرف الجنرالات هناك لم يكن فقط خيانة لمبادئ الأخوة المغاربية، وتزويرا للتاريخ المشترك، وخرقا للتعهدات والمواثيق، ولكنه كان كذلك فعل إيذان بانخراط الجزائر عبر كيانها الانفصالي في ارتكاب الجرائم المركبة، والتي من عناصرها احتجاز الصحراويين في مخيمات تندوف ضمن ظروف تفتقد إلى أدنى شروط العيش الكريم . من هنا بدأت الخطيئة الأولى التي تلتها عمليات السرقات الموصوفة للمساعدات الإنسانية التي تقدمها المنظمات الدولية ذات الاختصاص كما سجلت ذلك هيئات أممية، مع الإصرار على منع تلك المنظمات من دخول المخيمات، ورفض وإحصاء المحتجزين بتندوف ليطلع الرأي العام الدولي على عدد هؤلاء، وعلى حقيقة أوضاعهم اللاإنسانية، وهو ما يشكل انتهاكا لاتفاقية جنيف لسنة 1951 الخاصة باللاجئين، ولمجموع القرارات الصادرة عن مجلس الأمن.

ثم هناك الفضيحة الكبرى التي تتصدر هذه الجرائم المتمثلة في جريمة تجنيد الأطفال، وتقديمهم كحطب لنار لا مسؤولية لهم في اندلاعها، أو في أسبابها وغاياتها، عوض تمتيعهم بحقوقهم الطبيعية في التربية والتعليم، وفي الحياة التي تليق بالأطفال. وهو ما يؤكد لا فقط إصرار العصابات هناك على التنكيل بالأبرياء، ولكن أساسا خرقهم لحقوق الأطفال الأساسية، وانتهاكهم البين لكل القرارات التي تبنتها هيئات المنتظم الدولي وضمنها مجلس الأمن، والتي تفيد تحريم تجنيد الأطفال، وسن العقوبات على مرتكبي هذه الجرائم.

في هذا السياق يأتي تأسيس المركز الدولي للأبحاث حول الوقاية من تجنيد الأطفال بمدينة الداخلة تدعيما للدور الأساسي الذي يضطلع به المغرب في هذا المجال. فمعلوم أن المغرب الذي سبق أن صادق على كل الاتفاقيات الدولية المرتبطة برهان تكريم الأطفال، وحمايتهم من كل أشكال الاستغلال والاغتصاب هو نفسه الذي ينخرط في هذه الدينامية الجديدة داعيا المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والإقليمية إلى إدانة جريمة تجنيد الأطفال في القوات المسلحة أو الجماعات المسلحة، تماما كما جاء ذلك على لسان عمر هلال، السفير الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة، خلال الندوة الدولية التي نظمتها اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني، الأربعاء 23 مارس 2022 بالرباط، حول "حماية الأطفال خلال الأزمات الإنسانية"، حيث دعا الدبلوماسي المغربي إلى "بذل قصارى جهودهم لحماية الأطفال في جميع مناطق العالم، ولا سيما في مخيمات تندوف، من استغلالهم كجنود من طرف الجماعات المسلحة، ولا سيما البوليساريو".

كما قدم عمر هلال في نفس الإطار مجموعة من التوصيات "من أجل تنفيذ تدابير لوقاية الأطفال من التجنيد وحمايتهم، بما في ذلك، على وجه الخصوص، ضمان تسجيل الأطفال في مخيمات اللاجئين، وضمان حصولهم على التعليم. كما دعا إلى اتخاذ تدابير حاسمة وعاجلة في مجال مساءلة كل من يحرضون أو يشجعون أو يقومون بتجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة".

إذن فهذه لحظة أخرى يتجدد فيها تأكيد المغرب، من خلال إنشاء هذا المركز الدولي، على إيمانه المطلق بالقيم التي تتظلل بها الإنسانية، وعلى إصراره المستميت من أجل تنبيه العالم إلى مكامن الشر حينما وجدت، وخاصة في منطقة الشمال الافريقي والساحل، ومن أجل ابتكار كل الآليات والإمكانيات التي يمكن أن ترسي السلم في المنطقة وتحفظ كرامة الإنسان، وحياة الأطفال على الخصوص. 

المركز الدولي للأبحاث حول الوقاية من تجنيد الأطفال إحدى هذه الآليات.