الثلاثاء 23 إبريل 2024
سياسة

دريوش: موقف إسبانيا من الحكم الذاتي مكسب كبير وسيسرق النوم من عيون خصوم المغرب 

دريوش: موقف إسبانيا من الحكم الذاتي مكسب كبير وسيسرق النوم من عيون خصوم المغرب  نبيل دريوش، ومؤلفه "الجوار الحذر" حول العلاقات المغربية الإسبانية
تعهد رئيس الحكومة الإسبانية "بيدرو سانشيز"، ببناء علاقة جديدة مع المغرب مبنية على الثقة والشفافية والتواصل والاحترام المتبادل والامتناع عن أي عمل أحادي الجانب، في خطوة أولى نحو طي صفحة الأزمة الدبلوماسية بين البلدين. جاء ذلك في رسالة وجهها رئيس الحكومة الإسبانية إلى  الملك محمد السادس، الجمعة 18 مارس 2022، تعترف فيها مدريد بخطة الحكم الذاتي حول الصحراء. في هذا الحوار مع نبيل دريوش، مؤلف كتاب "الجوار الحذر" حول العلاقات المغربية الإسبانية، يتحدث عن سياق هذا التقارب، وكذا أفقه..
 
ما هي قراءتك لدلالات الموقف الإسباني بشأن الإشادة بمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء؟
يأتي الموقف الاسباني بشأن دعم خطة الحكم الذاتي في الصحراء، كتصحيح لمسار خاطئ سارت فيه إسبانيا لعقود طويلة، وهو موقف سبق أن اتخذه رئيس الحكومة الإسبانية الأسبق لويس رودريغيث ثباتيرو عام 2008   عندما كان في السلطة، ويتجدد اليوم بشكل يجعل موقف إسبانيا منسجما مع السياق الجديد الذي خلقه اعتراف واشنطن بمغربية الصحراء، ونجد في رسالة "بيدرو سانشيث" تأكيدا على تفهمه للأهمية التي يكتسيها موضوع الصحراء بالنسبة للمغرب، وأيضا تلاءم إسبانيا مواقفها مع القرارات الأخيرة لمجلس الأمن التي تعتبر مخطط الحكم الذاتي واقعي وجدي وذي مصداقية، وهو انتصار كبير للدبلوماسية المغريية التي اشتغلت بجد للوصول لهذه النتيجة. 
 
وماهو السر في هذا التحول خصوصا بعد مرحلة من الأزمة بين الرباط ومدريد على خلفية زيارة زعيم البوليساريو السرية؟
أعتقد أن السر هو إصرار المغرب على ضرورة توضيح إسبانيا لمواقفها إزاء قضية الصحراء في ظل السياق الجديد، وصمودها أمام كل المناورات السابقة للالتفاف على الموضوع، وأيضا وجود دبلوماسية ملكية قوية وفعالة، وكذا حجم المصالح الكبيرة التي تربط إسبانيا بالمغرب، فهي الشريك التجاري الأول للمغرب ولها مصالح اقتصادية كبيرة بالمغرب، وأيضا تربطها ملفات استراتيجية بالمغرب كملف محاربة الهجرة غير الشرعية ومحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة، وتضررها من إغلاق المغرب لحدوده البحرية لسنتين متتاليتين وإلغاء عملية "مرحبا" التي أثرت على النشاط الاقتصادي لبعض المدن الإسبانية وعلى رأسها الجزيرة الخضراء. 
 
ماهي انعكاسات الموقف الإسباني على المستوى الإقليمي من حيث الوحدة الترابية للمغرب؟
انعكاسات هذا التوجه، سيكون أظن على الجزائر التي اعتقدت أنها ستعمل على الإضرار بالعلاقات المغربية الاسبانية ومحاصرة المغرب لزمن طويل، فإذا بها اليوم هي المحاصرة بموقف مدريد الداعم لخطة الحكم الذاتي والذي ينضاف لموقف ألمانيا،   أكيد أنها ستمارس بعض الضغوط، لكن الأمور حسمت الآن لصالح المغرب، وعلى المغرب وإسبانيا اليوم النظر للمستقبل بكثير من التفاؤل والبرغماتية، وحلحلة كل المشاكل بعقلانية وحس نفعي لتحقيق المصالح المشتركة. المغرب اليوم شريك موثوق لواشنطن والاتحاد الأوروبي ويحظى باحترام قوى عالمية كبرى، وفاعل إقليمي لامحيد عنه لإسبانيا. 
 
هل نحن أمام موقف واضح صريح لإسبانيا، أم هو موقف متردد، ولماذا لا تتحدث مدريد عن مغربية الصحراء مثل الموقف الأمريكي؟ 
أعتقد أن ما حصل اليوم خطوة شجاعة ومهمة وضرورية كنا ننتظرها منذ مدة طويلة وحصلت في عهد حكومة يسارية متشددة أيديولوجيا، تنزيل هذا القرار يبقى أيضا مهما، لكن دعم خطة الحكم الذاتي لابد وسيفعل على الأرض من خلال تنسيق دبلوماسي مشترك مع المغرب داخل أروقة الأمم المتحدة وفي بعض المنتديات الدولية ولا ننسى أنه ضربة قوية لخصوم الوحدة الترابية للمملكة، أظن أن طبيعة المجتمع الإسباني الداعم لخصوم المغرب وطبقته السياسية المترددة يتطلب نوعا من التدرج في تغيير هذه المواقف. ما حصل اليوم مكسب كبير يحق أن نعتز به، وسيسرق النوم من عيون خصوم المغرب. 
 
بعد أمريكا هاهي إسبانيا، متى يمكن أن تتحرك فرنسا التي هي عضو في مجلس الأمن لصالح المغرب في قضية صحرائه، عبر الاعتراف الرسمي؟
بالفعل بعد الخطوة الإسبانية، جاء الدور على فرنسا للقيام بهذه الخطوة، والذرائع التي ظلت تختفي وراءها فرنسا باتت واهية فهي تقول إنها لا تريد افساد علاقاتها مع الجزائر أكثر مما هي عليه اليوم،  فرنسا اليوم مطالبة بذلك خصوصا انها لا تتوفر على رأي عام شرس إزاء الملف مثلما هو حال إسبانيا.