في أبريل 2018، كتبت هذه الافتتاحية مطالبا بخلق وزارة خاصة بالعدو الجزائري. وهاهي الوقائع تزكي شرعية المطلب. وعلى النخب السياسية بالمغرب أن تمسح عبارات "الأخوة" و"حسن الجوار" من قاموسها، لأن شرط وجود عسكر الجزائر هو معاداة المغرب.
"أنفاس بريس"، تعيد نشر الافتتاحية عسى أن تعي الأحزاب المغربية أن الجزائر الرسمية ليس فيها قنفذ أملس :
"أنفاس بريس"، تعيد نشر الافتتاحية عسى أن تعي الأحزاب المغربية أن الجزائر الرسمية ليس فيها قنفذ أملس :
واهم من يعتقد أن عدم إطلاق أي رصاصة منذ عام 1991 معناه أن المغرب ليس في حالة حرب. فالحرب ليست بالضرورة تقليدية(Conventionnel) بما تقتضيه من مواجهة مباشرة بين جيشي المغرب من جهة والجزائر والبوليزاريو من جهة ثانية، بل الحرب حاليا تتخذ أشكالا أفظع وأخطر. إما بإغراق وإرشاء المنظمات غير الحكومية الدولية بالدولار من طرف الجزائرلتعبئتها ضد المغرب وإما بتأطير وتموين العصابات الإجرامية على يد الاجهزة الجزائرية لإغراق المغرب بالقرقوبي وبالمخدرات القوية.
هذا المعطى (أي وجود عدو مزعج شرق المغرب) يتطلب تغييرا في منهجية التعامل بما يمكن المغرب من كل المعطيات والمعلومات حول الجزائر. إذ لا يعقل أن يبقى المغرب مكتوف الأيدي في كل محطة دولية (دورة حقوق الإنسان بجنيف، أو دورة أبريل بمجلس الأمن الدولي كمثال) يقوم برد فعل دفاعي بدل أن يكون السباق في الهجوم ومباغتة الجزائر.
لا يعقل أن لا يتوفر المغرب الرسمي على إطار مؤسساتي مختص في الجزائر يتولى جمع كل ما يهم العدو الشرقي: من خروقات حقوق الإنسان وأعطاب التنمية وحالات الفساد ومراكز القوة ومراكز الضعف هناك، وتوزيع مراكز القرار والنفوذ، والعائلات الحاكمة هناك وجيوب الفقر ومراكز الثراء الفاحش ومعرفة أصدقاء المغرب وأعداء المغرب داخل الطبقة السياسية والحزبية بالجزائر، ورصد الجمعيات الحليفة والمناوئة للجزائر بمختلف دول العالم لكسب ود حلفاء عدو المغرب وتعزيز الثقة مع أعداء الجزائر بالعالم.
لا يعقل أن يختار المغرب عن طواعية وإرادة الانفتاح على ميكانيزمات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ويدفع ثمن هذا الانفتاح باستغلال عثرات أو عيوب متفرقة وفردية لتشويه صورة المغرب من طرف الجزائر وحلفائها، بينما المغرب لا يتوفر على أي خلية لضبط كل الانتهاكات الجسيمة التي تقع بالجزائر ودراسة مدى تفاعلها مع الميكانيزمات الأممية لاستغلالها في إحراج الجزائر وإلهائها.
لا يعقل أن يتوفر المغرب على 53 مؤسسة جامعية (معهد ومدرسة وكلية ) ولا توجد خلية من الأساتذة والباحثين في الحرم الجامعي تضع الجزائر تحت رادار المراقبة في كل ما يجري بها (سياسيا واقتصاديا وعمرانيا ورياضيا وجغرافيا ومائيا وفلاحيا وصناعيا ومعدنيا إلخ... حسب تخصصات المعاهد والكليات).
لا يعقل أن يتوفر المغرب على 9 قنوات تلفزية وحوالي 700 جريدة ومجلة ولا تتوفر هذه المؤسسات الإعلامية على مكتب بالجزائر لمد القارئ والمشاهد المغربي بالمعطيات عما يمور بالجزائر بعين وبزاوية نظر مغربية تنتصر للطرح المغربي بذكاء ودهاء.
لا يعقل أن المغرب، حينما كان حديث العهد بالاستقلال، خلق وزارة خاصة بالصحراء وموريتانيا، مكلفة بتدبير ملف الأقاليم الجنوبية والمطالبة باسترجاع موريتانيا، في حين أن المغرب اليوم لما اشتد عوده ونضجت مؤسساته والتحمت أطرافه، لم يفكر في خلق هندسة مؤسساتية مختصة في الجزائر، وفي الجزائر فقط.
فنحن كإعلاميين نعاين أن الحكومة الحالية، وتلك التي سبقتها، كانت تضم وزارات باهتة لا دور لها في المجتمع ولا قيمة مضافة حملتها للمغاربة، اللهم التهام وزرائها ودواوينهم وحاشيتهم للملايير كل سنة (أجور، تعويضات، تنقلات خارج الوطن، محروقات، سيارات، امتيازات...)، والأمثلة لا تعدمنا لإعطاء أسماء الوزارات «الزائدة» بحكم أن المقام لا يسمح الآن بذلك.
لقد حان الوقت، لخلق رعشة قومية جديدة في دم المغاربة (على شاكلة الرعشة التي عشناها في عام 1975 لما نظمت المسيرة الخضراء). ونظن أن مجرد إحداث «وزارة خاصة بالجزائر في حكومة صاحب الجلالة» سيحدث انقلابا في منهجية التعامل وسيكون ميساجا للعدو الشرقي بأن الحرب بين المغرب والجزائر لم تنته.
وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم (صدق الله العظيم).